المشهد الحالي يحتاج إلى المزيد من الفهم الإيجابي، مع الأخذ في الاعتبار وجهة نظر طرفي النزاع، والبعد عن لغة العناد، والأخذ بالظن، وفلسفة كسر العظم التي لن تسمح بإجراء حوار وطني يمكن أن يلم الشمل نحو تحقيق المصارحة والمصالحة الوطنية. الطرف الأول في المعادلة هو المعارضة التي تأخرت كثيراً في تقديم مشروعها الإصلاحي بتعديل واسع على الدستور، والتي لم تبادر أو تسمح في تعديل أي من مواده عندما كانت تملك الأغلبية في المجلس المبطل الأول، وحينها مجرد فكرة التعديل على أي مادة من الدستور هي بمثابة انقلاب، واليوم تنادي بالتعديل من خارج البرلمان.

Ad

الطرف الثاني الحكومة التي ما زالت لم تحدد موقفها من مشروع المصالحة الوطنية، سواء بالمضي قدماً في مشروع التنمية عبر كسب ثقة المواطن وإحراج المعارضة أو من خلال دعوة الأطراف لحوار وطني بلا قيود من هذا الطرف أو ذاك على أن يكون القيد الوحيد هو حب الكويت.

الطرف الثالث والأخير في المعادلة أعضاء المجلسين المبطل الثاني والحالي، ومن آمن بمرسوم الصوت الواحد ممن تحمل كل أنواع الضغط، والمطالبون بتقبل فكرة المصالحة، فالمجتمع لم يعد يقبل فكرة الإقصاء التي يعاب فيها على المعارضة.

مراجعة هذا الملف ومعالجته لم يعد بالإمكان التغاضي عنهما، ولا بد من إصلاح البيت من الداخل عبر فتح الحوار الوطني على مصراعيه، وسماع كل الأفكار، ثم الاتفاق على خريطة طريق تمكن الكويت من تعدي الأزمة التي أضرت بالوحدة الوطنية، وأخرت عجلة التنمية، فالعالم يتغير من حولنا سواء في اتجاه التعايش السلمي والانفتاح أو في الاتجاه المعاكس، حيث التشدد والتطرف والقتل على الهوية، فأي منحى سنتخذ منهما؟ وكيف سنتعامل مع التغيرات الإقليمية والعالمية؟

لا نريد الوصول إلى نقطة قد نندم عليها، ولا نريد لميزان العدل والمساواة أن يختل أو يميل لطرف دون آخر، فالعدل أساس الملك، والقانون يجب أن ينفذ على الكل، فالنوايا الطيبة لوحدها لا تكفي إن لم يكن هناك عمل مخلص يمكّن الكويت من استعادة زمام المبادرة.

بادرة اللقاءات التي اتخذها ديوان سمو الأمير خطوة في غاية الأهمية، ومسؤولية تاريخية تقع على من يحضر تلك اللقاءات في نقل الصورة كما هي دون زيف أو تهويل، وكلنا أمل أن تستمر وتتوسع لتشمل فئات أخرى من المجتمع من المثقفين والمختصين والأكاديميين وأصحاب المبادرات، لسماع رأيهم حول نوع العلاقة المطلوبة للمرحلة القادمة.

أخيراً على شعوب المنطقة وساستها استثمار زيارة سمو الأمير- حفظه الله ورعاه- إلى جمهورية إيران الإسلامية، وتلقيها بشكل إيجابي؛ وذلك بهدف استقرار المنطقة وتجنيبها ويلات الحرب، فصاحب السمو هو ملك الدبلوماسية، ويملك الكثير من بُعد النظر.

ودمتم سالمين.