• عندما انفجرت قضية الإيداعات المليونية، التي كانت عبارة عن تضخم مفاجئ، كما السرطان، لأرصدة بعض النواب، مشيرة بإصبعها إلى حالة الفساد السياسي في البلاد، وملقية بظلالها بكثير من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها بعد، تعامل البعض معها تعاملاً قانونياً، أي محاربة الفساد الذي أُثير في تلك القضية استناداً إلى قانون صدر سنة 2002، فكانت الإشكالية. وقد كتبت، بوضوح حينها، أن ذلك القانون لم يكن صالحاً أو مهيئاً لمكافحة الفساد بالمطلق، فالقانون المذكور جاء في إطار حملة أميركية- أممية، إن شئت، لـ»تجفيف منابع الإرهاب» عن طريق متابعة مصادر تمويله.

Ad

• كل ما كان على النائب المحترم أن يحدد «مصدر التضخم»، وتسقط حينها المساءلة. وهكذا حدث، حيث يقال، إن أحد النواب، ربما الأكثر جرأةً، قال لجهات التحقيق إن مصدر التمويل هو الشيخ فلان والشيخ علان، حينها لن تجد سلطة التحقيق قدرة على المضي في التحقيق، لأن القانون ذاته يتعامل مع غسل الأموال، فمادام المصدر قد تحدد، حقيقياً كان أم غير ذلك، ينتهي الشق القانوني من الناحية النظرية، بالطبع قد يكون هناك نواب لم ترد أسماؤهم لأنهم «تحوّطوا» للأمر وأودعوا تلك الأموال بطرق «أخرى» أو في أماكن «أخرى»، أما سياسياً فقد كان الأمر متبايناً حيث أدى إلى انسحاب بعض النواب من السباق الانتخابي، في حين قرر آخرون المواجهة، فنجح منهم من نجح وسقط منهم من سقط، وتبخرت قضية الإيداعات المليونية كما السراب، مع أن الواقعة حقيقية بإقرار الجميع، ولكن المساءلة كانت على شيء آخر.

• في ذات السياق «غسل الأموال وربطها بمكافحة الإرهاب» يأتي الضغط الدولي على الكويت وربما تصنيفها بأنها داعمة للإرهاب من خلال منظمة FATF التي أصدرت، بالتعاون مع الحكومة، تقريراً مفصلاً من 245 صفحة، في 2011 وتم تسليم نسخة للحكومة.

إذاً فلماذا لا تقوم حكومتنا الموصوفة أعلاه بتنفيذ ما هو مطلوب منها؟ ولماذا تصر على استعدادها لأن تكون «راعية للإرهاب»، في حين يفترض أنها ليست كذلك، اللهم إلا إذا كانت مرتاحة لهذه الصفة؟ أما مكافحة الفساد فهي مسألة غير مطروحة بالأساس، وليرحم الله فراش البلدية، وليخبُ الحريق السنوي لمخازن وزارة التربية.