تناولت في مقال الأحد الماضي كيف كذب الرئيس المعزول د. محمد مرسي على شعبه وخدعه، وخان الأمانة وهو خليفة المسلمين المنتظر، وقد قَبِل الرسول- صلى الله عليه وسلم- أن يكون المسلم بخيلاً وأن يكون جباباً، ورفض أن يكون كاذباً، قائلاً: لا... لا... لا...، كما قال الرسول- صلى الله عليه وسلم- إن آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان، وفي رواية أخرى رابعها وإذا خاصم فجر.

Ad

محاكمة الرئيس المعزول

وفي مسلسل الأكاذيب التي وقع فيها الرئيس المعزول في المحاكمة التي تُجرى له الآن متهماً باعتباره شريكاً في جرائم القتل العمد التي وقعت على المتظاهرين السلميين والمعتصمين أمام قصر الاتحادية، رد على قاضيه الطبيعي حين ناداه باسمه، فأجاب أنه د. محمد مرسي الرئيس الشرعي للبلاد، ولم يتأس بسيدنا علي رضي الله عنه الذي أبى أن يناديه قاضي الكوفة شريح ابن الحارث، بأمير المؤمنين، قائلاً له، تناديني باسمي، لأنني أمامك في مجلس القضاء خصم.

كما أخلف العهد الذي قطعه على نفسه في السباق الرئاسي عندما قال:

"إن الضمان الحقيقي هو استمرار الثورة وحيوية الميدان، وسيظل الميدان قائماً بثورته حتى بعد أن أكون رئيساً لأنه هو الضامن الوحيد لتحقيق الأهداف المرجوة"- (الأهرام 9 يونيه 2012).

ولو صدق ما عاهد به شعبه لاحترم إرادة الشعب وقد خرج ما يربو على الثلاثين مليوناً إلى كل ميادين مصر تطالب برحيله.

ما الحل؟

لكن كاتبنا الكبير يرى أن الحل للخروج من المسلسل المكسيكي من العنف والرفض، وفي كل بيت مصري شهيد من الطرفين، وفي صدر كل مصري نار مؤججة للثأر قد ينجح استفتاء في إخمادها.

وبالرغم من أن كاتبنا الكبير دعا الفريقين، فريق "الإخوان" والفريق المناهض لهم بعدم التلاعب بالألفاظ والمفردات والحديث بأن الشرعية مثلاً لم تذهب لتعود أو أن الوضع الحالي شرعي، فقد وقع فيما نهى عنه عندما قصر الاستفتاء على سؤال واحد هو: هل توافق على عودة الشرعية؟ ويتساءل هل يستجيب العقلاء من الحكام؟ أم لم يعد هناك عقلاء بينهم؟!

وأجيبه عن سؤاله الأخير بأن من يوافق على إجراء الاستفتاء على السؤال الذي طرحه سيكون بلا عقل، لأنه ليس هناك عاقل واحد يرفض الشرعية.

فأي شرعية التي سيُجرى الاستفتاء على عودتها؟ أهي شرعية نظام حاكم أسقطتها عنه ثورة 25 يناير؟ أم هي شرعية نظام حاكم أسقطتها عنه ثورة 30 يونيه؟

ولماذا لا يكون الحل أبسط من ذلك بكثير؟ هو الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي ستسفر عنها "لجنة الخمسين"، والاستفتاء الذي ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.

ولماذا لا توقف جماعة "الإخوان" مسلسلها الدامي في العنف والرفض، رحمة بهذا الوطن وبأبنائه، وتعترف بأخطائها أو بأخطاء من تولى سدة الحكم منها وتندمج في العملية السياسية، أم أن السلطة التي تفردت بها الجماعة قد أعمت عيون أعضائها فلم يعودوا يبصرون الحقيقة على أرض الواقع؟

لا إقصاء لأحد

ويرى صاحبنا أن الاستفتاء لكي يكون حقيقياً، يجب أن يكون للشعب كله بلا استثناء ولا إقصاء لأحد.

وأنا مع موافقتي على رأيه لا إقصاء لأحد في الاستفتاء على التعديلات الدستورية وفي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.

ولكني أوافق أيضاً على ما أعلنه الرئيس المخلوع في السباق الرئاسي، بأنه لن "يصالح أبداً متهماً بسفك دم مصري"- (الأهرام 9 يونيه 2012).

ولا أوافق على ما تضمنه دستور "الإخوان" 2012، من حرمان قيادات الحزب الوطني المنحل من ممارسة العمل السياسي والترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية مدة عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور، بغير حكم قضائي يدين من أجرم في حق الشعب أو أفسد الحياة السياسية، لأن العزل السياسي عقوبة كأي عقوبة لا توقع إلا بحكم قضائي بما ينطوي نص الدستور على عدوان على ولاية القضاء، وعلى مبدأ شرعية التجريم والعقاب.

الأمر الذي أوقع "دستور الإخوان" في مأزق دستوري خطير لأن الدساتير هي الحصن الحصين للحقوق والملاذ الأمين للحريات.

ولا أجد ما أختم به مقالي سوى القول المأثور معدلاً على مقتضى الحال "لا تنه عن فعل وقد أتيت بمثله".