قصة قصيرة : مهرج ماك
كان الهدف أن يكون دمية توضع في مدخل الساحة كي تدخل السرور على أعين المارة وتجلب الزبائن . تجمعوا حول الدمية البلاستيكية البيضاء في إصرار متأملين المشهد كيف لتلك الدمية البيضاء أن يلتف حولها الناس.
قال أحدهم :ما رأيكم لو قمنا بطلاء جسد الدمية باللون الأصفر على هيئة رداء؟قال البعض :ـ ذلك شيء جميل ويا حبذا لو كان فاقع اللون كي يسر الناظرين.قال آخر : ويكون الذراعان على هيئة دوائر من اللونين (الأبيض والأحمر) كالدم الذي يشير إليه الأحمر والسلام الذي يشير إليه الأبيض فيوحيا بقوة الذراعين والقدرة على الوصول إلى أي مكان، والكفين يجب أن ندهنهما بالأصفر حتى نوحي للناس أن الدمية لا تحمل بين يديها سوى السرور والبهجة.قال آخر :أما الوجه فيجب أن يكون أبيض بشوشاً كالسلام والرأس أحمر وكذلك الحذاء حتى يضفي رهبة وقوة في قلب الجمهور. وهكذا يكون لدينا دمية مهرج من نوع خاص واجهة لما سوف نقدمه للجمهور ونضعه في مدخل الساحة ويكون شعاراً للمشروع.بدأ الجميع في دهن الدمية بالألوان كما تخيلوها تحديداً ووضعوها في مدخل الساحة وهص تنظر بألوانها ووجهها الملون إلى السماء في صمت وبلا حول أو قوة .كل من يعبر من أمام الساحة كان ينظر إلى دمية المهرج ويعجبه تناسق ألوانها إلى الحد الذي أراد فيه بعض العابرين أن يلون جسده بنفس الألوان، وقد كان.رأى أصحاب الفكرة نجاحها وقوتها فقرروا أن يقدموا خدمة الطلاء بألألوان، كدمية المهرج، لكل المتعاملين مع المشروع وكذلك منفذيه .بعد فترة من الزمن إلتف حول الدمية المعلقة كمهرج في أعلى مدخل الساحة، داخلها وخارجها وحولها، آلاف من الأشخاص المطليين بنفس طلاء المهرج والذي كان في الأصل دمية من البلاستيك بيضاء اللون كان الجميع ينظر إلى شكله الجديد عقب الطلاء بفرح وسرور وفي بعض الأحيان بخبث لأنه الآن وبعد ذلك الطلاء لا يمكن لشخص أن يمايز بين المهرجين بعد تساويهم من الخارج.لم يلتفت أحد منهم إلى أن الساحة كانت تطل مباشرة على السماء فلا سقف يفصل بين المهرجين الجدد وبين السماء وحين سمع الجميع صوت الرعد مصاحباً بهطول الأمطار حاولوا جميعاً الوصول إلى أي شيء يستترون به لحماية وجوههم التي تداخل فيها الأبيض بالأحمر بالأصفر عند محاولاتهم مسح الوجوه بالأكف والأيدي أو حماية الثياب التي لم تعد، بفعل المطر، تسر الناظرين مرة أخرى، في حين كانت الدمية البيضاء المعلقة في مدخل الساحة يغسل المطر طلاءها بهدوء ويسر كاشفاً عن وجهها المبتسم فيما كانت تقلب نظرها بين السماء وبين المهرجين الذين يتحركون كالمجاذيب في الساحة وبين أقرب سقف يمكن الاحتماء به من المطر والذي كان يبدو كسراب بعيد... بعيد... بعد مد البصر.أحمد خضري عرابي