خاص

المنافسة في الأسواق تهدد عقود النفط الكويتي

خبراء لـ الجريدة•: أبرزها خط أنابيب الصين - روسيا وعودة العراق

نشر في 21-01-2014
آخر تحديث 21-01-2014 | 00:05
يواجه قطاع التسويق العالمي في مؤسسة البترول الكويتية حاليا الكثير من التحديات لاسيما مع وجود العديد من المنافسين في السوق وزيادة الطلب على النفط. وهناك اجتماع دوري يقدم فيه «التسويق المحلي» تقريرا حول القطاع النفطي الكويتي وقطاع التسويق العالمي للمؤسسة يشرح المخاطر التي يتعرض لها النفط الخام الكويتي والمنتجات البترولية. ومن بين التهديدات خط انابيب نفطية من روسيا الى الصين التي تعتبر من اهم الاسواق، وقيام العراق بتنمية قدرته الانتاجية، وبخاصة انه بحاجة الى الاموال لتمويل خطته للتنمية، وهو على استعداد لمنافسة الكويت بشكل كبير، بالاضافة الى ايران خاصة بعد أن تحل مشاكل الحظر الاقتصادي، وهي تسعى الى منافسة الكويت. إذاً فإن وضع الكويت مهدد نفطياً. «الجريدة» طرحت هذا الهاجس على خبراء في النفط، وهم جميعا كانوا يعملون في قطاع التسويق العالمي، وفيما يلي التفاصيل:
قال الخبير النفطي محمد الشطي ان هناك تحديات عدة امام البلدان المنتجة للنفط ومن بينها خفض الطلب على نفط "أوبك" خلال عام 2014 حسب توقعات وكالة الطاقة الدولية، وسكرتارية "أوبك"، وادارة معلومات الطاقة الاميركية، مشيرا ان عدة بلدان منتجة للنفط عانت العام الماضي من عوامل تقنية وسياسية اسهمت بشكل او بآخر في تناقص الانتاج في السوق، وهذا يشمل ليبيا حيث هبط الانتاج وبلغ المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2013 مستوى 300 الف برميل يوميا اضافة الى ان انتاج النفط الخام من ايران تأثر نتيجة الحظر المفروض على مبيعات النفط الخام منها وظل تقريبا مليون برميل يوميا غائب عن السوق النفطي خلال عام 2013، كما بلغ متوسط انتاج النفط الخام من العراق خلال عام 2013 عند 3 ملايين برميل يوميا ولكن هناك خططا من الحكومة العراقية لرفع الانتاج ما بين 500 – 700 الف برميل يوميا خلال عام 2014 مشيرا الى ان   المفاوضات بين ايران والغرب تسير في اجواء قد تنتهي بعوده مليون برميل يومياً من النفط الخام الايراني الى السوق النفطي.

واشار الشطي الى ان هناك آفاقا لعودة نحو 2.5 مليون برميل يومياً الي السوق النفطي خلال الفترة القادمة، ولكن الذي يغيب عن الاذهان هو توقيت عودة هذه الكميات، ومما لاشك فيه ان عودتها بشكل متكامل سيتسبب بآثار عدة، من بينها: 1. تأثير مباشر على مستوى اسعار النفط الخام في اسواق العالم والذي يبدأ في تحديد واختبار الحد الادنى للأسعار، 2. يرفع درجة التنافس بين البلدان المنتجة للنفط في الاسواق المختلفة، وهو ما يصب في مصلحة المشتري، 3. الحاجة الى ضبط ميزان الطلب والعرض في السوق من اجل استقرار الاسواق والاسعار، 4. التنسيق بين البلدان المنتجة للنفط من داخل "أوبك" وخارجها لحماية الاسعار في السوق.

وحول الحلول المطلوبة لمواجهة التحديات من اجل مصلحة الجميع، قال الشطي ان   السوق مقبل على سنوات يمكن وصفها بان المعروض يفوق المطلوب في السوق ويحتاج الامر الي تنسيق لان مسؤولية استقرار الاسواق والاسعار هي مسؤولية جماعية ذلك لان المصلحة للجميع بدون استثناء، والمؤثرات في السوق ليست حكرا على جهة بعينها بل هي متنوعة.

واشار الى ان اهمية قطاع بحوث التسويق في متابعة لصيقة بشكل دائم للتطورات المختلفة في الأسواق العالمية، من اجل تقييم التحديات وحجمها وتوقيتها من اجل ضمان المحافظة على الاسواق الحالية بالاضافه الى ايجاد أسواق جديدة واعدة.

واضاف ان أي زيادة في الانتاج يتم تصريفها على اساس طلب حقيقي في السوق كما يذكر دائما المسؤولون في الخليج العربي وبالتالي لن يتم رفع الانتاج من دون وجود طلب لاستيعاب تلك الزيادة ومن دون فائض يهدد مستويات الاسعار في السوق.

واوضح الشطي ان هناك معطيات في السوق لتحرك الاسعار ضمن نطاق 90 – 100 دولار للبرميل خلال عام 2014، علماً أن اسعار نفط خام الاشارة برنت تحركت ضمن مستوى اقل من 100 دولار لفترة تفوق الشهر خلال عام 2011، وتفوق الشهر خلال 2012، ولاتتعدى 15 يوما خلال عام 2013 بالرغم من ارتفاع انتاج النفط الخام في السعودية الى مستويات حول 10 ملايين برميل يوميا، وفي العراق 3 ملايين برميل يوميا، وفي الكويت 3 ملايين برميل يوميا، مشددا على "اننا في اوقات تتسارع فيها المتغيرات ويحتاج الامر الى مراقبه متواصلة وعدم الاستعجال في ردود الفعل".

المنافسة شديدة

من جانبه، قال الخبير المتخصص في تكرير وتسويق النفط عبدالحميد العوضي ان مؤسسة البترول الكويتية واجهت منذ بداية تأسيسها العديد من التحديات في كيفية تسويق النفط الخام والغاز المسال والمشتقات البترولية من مصافيها رغم كون الكويت دولة صغيرة تحيط بها دول كبيرة تتفوق عليها بحجم الاحتياطيات وإنتاج النفط والغاز وعدد موانئ التصدير مثل السعودية والعراق وإيران.

واشار العوضي الى ان الكويت استطاعت بواسطة جهاز التسويق العالمي ومكاتبه المنتشرة حول العالم في فترة الثمانينيات من القرن الماضي ان تفرض حصتها رغم المنافسة الشديدة والشرسة بل استطاعت ان تصل الى وسط ادغال افريقيا والى اسواق غير تقليدية ودول لا تمتلك منافذ بحرية مثل زامبيا وزمبابوي لتنافس كبريات الشركات النفطية العالمية المستوطنة هناك مثل "اكسون وشل وبي بي البريطانية وموبيل".

واكد ان "مؤسسة البترول" واصلت تحديها للوصول الى الأسواق الصعبة والى اسواق ليست في نطاقها في عمق القارة الاسيوية بين جبال التبت الى دول مثل نيبال وبوتان والى اصغر الجزر في المحيط الهادي مثل جزر القمر وسيشل وموريشيوس وكلما ازدادت التحديات والمنافسة ازداد اصرار "المؤسسة" على المحافظة على اسواقها وحصصها السوقية بل استحوذت على اسواق غيرها من الشركات الكبرى حتى اصبح يطلق على المؤسسة لقب الشقيقة الثامنة للشركات النفطية السبع العظمى.

واضاف العوضي ان تحديات اليوم شبيه بتحديات الامس وبفارق بسيط، فايران والعراق يواصلان نشاطهما للوصول الى مستويات الانتاج السابقة بل الزيادة عن ذلك، ومن جانب آخر قد يشكل النفط الصخري تحديا من نوع مختلف لكل الدول الخليجية وليس الكويت فقط وكذلك زيادة الاعتماد على مصادر اخرى للطاقة المتجددة من قبل دول العالم المستهلكة للنفط ومتطلبات المعايير الدولية لحماية البيئة هي ايضا تحديات جدية للدول المنتجة في الوقت الحالي والمستقبل القريب.

واوضح ان التحديات السابقة كانت حافزا مشجعا لبذل المزيد من العمل والجهد وابتكار الافكار الخلاقة لمواجهة تلك التحديات لكن للأسف الشديد هناك تحد من نوع مختلف فرض على "المؤسسة" منذ عام 2006 اثر بشكل سلبي على ادائها وتراجعت الحصص السوقية وخروج شريك استراتيجي مهم من مصفاة الصين وتراجع تنفيذ المشاريع الداخلية مثل المصفاة الرابعة ومشروع الوقود البيئي ومشروع الكويت في الشمال والعديد من المشاريع حتى اصابت معظم القطاعات النفطية وظهرت على السطح قضايا عديدة مثل تهريب الديزل وعقد شل وتغيير الاوامر في المناقصات الكبرى وصفقة كي داو.

واشار الى ان معظم تلك المشاكل جاءت بسبب اهمال الموارد البشرية وتدخل المحسوبية وتغيير معايير الكفاءة للقيادات لتلائم البعض كما ساهم وزراء سابقون ورؤساء تنفيذيون سابقون في تردي اوضاع المؤسسة حتى اصبحت تلك المعايير ليست خاضعة لثوابت علمية بل لمتغيرات تفرضها ظروف وقتية.

واكد العوضي انه في الامكان ان تعود "مؤسسة البترول" لسابق عهدها وان تتبوأ مركزها المتقدم والمنافسة الحقيقية وتسترجع بعض اسواقها بخطوات بسيطة وسهلة، اولا: وضع اصحاب الخبرة والكفاءة في المكان الصحيح، ثانيا: اعطاء الاولوية لتنفيذ المشاريع المحلية والتوسع في بناء المصافي في الكويت والتخلي عن مشاريع مصاف خارجية مثل الصين واندونيسيا بهدف خلق الفرص للكويتيين، ومشاريع الشراكة الخارجية قد تحمل في مخاطرها ان يستخدم نفط آخر غير النفط الكويتي بحجة اقتصادات المصافي وجودة نفوط روسية على حساب النفط الكويتي، ثالثا: تحسين مواصفات النفط الكويتي المصدر وذلك برفع درجة API  لينافس نفوطا اخرى، رابعا: البحث عن شريك استراتيجي جديد للصناعات البتروكيماوية ووقف تزويد الغاز المدعوم، والتعامل وفق اسس تجارية عالمية بين الشركات التابعة دون دعم مفتعل لها، خامسا: وضع معايير حقيقية لقياس مستوى الاداء والتقدم وعدم التجديد لأي قيادي في حال تكرار الملاحظات على الاداء والتي يقوم ديوان المحاسبة في رفعها بشكل دوري.

خطط تسويقية

وعلى صعيد متصل، قال المستشار في الصناعة النفطية وليد الحشاش ان الكويت تعد لاعبا مهما في السوق النفطي وان 80 في المئة من انتاجها للنفط يتجه شرقا ولديها حصة تسويقية جيدة في الصين بالاضافة الى تدعيم الحصص السوقية في الشرق عبر شراكات استراتيجية سواء شراء حصص في شركات عالمية مثل "اس كي" الكورية مقابل 200 الف برميل او عبر شراكات في المصافي مثل مصفاة فيتنام والصين.

واشار الحشاش الى ان الوضع التنافسي قد يهدد النفط الكويتي ولكن ليس بشكل كبير كما يصوره البعض اذ ان لدى "التسويق العالمي" في الكويت خططا تسويقية للمحافظة على حصصه التسويقية.

واكد ان التهديد موجود مشبها هذا الامر بما يحصل في سوق الهواتف الذكية. "ايفون" هدد نوكيا وهو مهدد من سامسونغ، والكل يعمل على اثبات الوجود عبر وسائل تسويقية متنوعة.

وذكر الحشاش ان هناك تحديا آخر في تسويق المنتجات البترولية وعليها ان تبدأ في انتاج وقود بيئي مطابق للمواصفات والتشريعات العالمية ولذلك المشروع البيئي والمصفاة الرابعة سيساهمان في ايجاد نفوط ذات جودة عالية، مشددا على ان التأخير في انطلاق هذه المشاريع ليس في صالح الكويت حيث ان "نظرائنا في الخليج ينجزون المشاريع وخلال الـ15 سنة الماضية قامت السعودية ببناء 3 مصاف والامارات قامت بتوسيع مصافيها وحتى على مستوى تطوير الحقول فان الكويت لم تقم بتطوير حقول الشمال من خلال الشركات العالمية وقامت "نفط الكويت" بتطويرها ذاتيا مما تطلب الكثير من الوقت".

وطالب بابعاد القطاع النفطي عن السياسة للعمل واقتناص الفرص وترك الامور الفنية لاهل الاختصاص.

back to top