الأديب ياسر عبد اللطيف: الكتابة الصادقة تبقى ولا تعارُض بين الشعر والقصة

نشر في 17-03-2014 | 00:02
آخر تحديث 17-03-2014 | 00:02
No Image Caption
يحصد جوائز لكتابته القصة القصيرة رغم كونه شاعراً وأصدر ديوانين، ولا يرى مفارقة في الأمر أو تعارضاً بين النشاطين، إذ يعتبر نفسه كاتباً قبل كل شيء ومدافعاً عن قصيدة النثر في مواجهة التفعيلة التي يؤكد أنها ماتت فنياً ولم تعد موجودة من الأساس.
إنه الكاتب ياسر عبداللطيف الذي يتهم العرب بالتقصير في مجال الترجمة، موضحاً أن عدد من يتقنون اللغات ويترجمون منها إلى العربية لا يتناسب مع حجم المنتج العالمي.
ما الذي يعنيه لك حصولك على جائزة ساويرس للرواية ثم للقصة القصيرة، مع أنك بدأت تجربتك الأدبية أحد شعراء قصيدة النثر، ولك ديوانان «ناس وأحجار» و«جولة ليلية»؟

لا أرى تعارضاً بين النشاطين. في الحقيقة، بدأت كتابة القصة وليس الشعر، وأول نص نشرته كان قصةً قصيرة في مجلة «روز اليوسف»، وكنت في العشرين من عمري، وبعد ذلك بدأت تجربتي في كتابة قصيدة النثر، تحت تأثير صديقيّ وزميليّ في الجامعة الشاعرين أحمد يماني ومحمد متولي، وما زلت أكتب قصائد لغاية الآن.

لكنك تكتب سيناريوهات لأفلام تسجيلية أيضاً، أليس من الأفضل أن تتخصص في أحد الألوان الأدبية؟

الكتابة عندي هي الكتابة أياً يكن الشكل الأدبي، والتنقل بين الشعر والسرد هو نزوع إلى استخدام آليتين مختلفتين في الكتابة، وقد بدأتُ كتابة قصص قصيرة في مطلع التسعينيات، ومن بينها جنحت نحو كتابة قصائد في وقت كان الشعر المصري يشهد تحولاً نحو قصيدة أكثر انفتاحاً على السرد، بتقليص النفس الغنائي المجازي، ثم لعبة التشكيل وفكرة ممارسة أكثر من نوع أدبي في الوقت نفسه لا أجد فيهما غرابة، وكتّاب كثر فعلوا ذلك.

في مجموعة «يونس في أحشاء الحوت»، انشغال بالواقع السوداوي للحياة داخل مبنى التلفزيون المصري، ماسبيرو، الذي عملتَ فيه لسنوات، رغم ذلك لا تريد أن تعتبر ذلك مقاطع من سيرة ذاتية، لماذا؟

لا يعني استخدامي تفصيلة من حياتي في الكتابة، وهي أنني عملت في مبنى الإذاعة والتلفزيون، أن الكتاب من أدب السيرة الذاتية، رغم أنه مليء بمثل تلك التفاصيل التي تشير إلى حياتي الشخصية من قريب أو بعيد.

 أعتقد أن تلك التفاصيل الواقعية قُدّمت في أفق جمالي مختلف ولأغراض فنية بعيدة عن فكرة السيرة الذاتية، ثم لم أعمد إلى تقديم أي واقع سوداوي، بل التقطت مفارقةً تاريخية شديدة العبثية، كما في قصة «أروى على الهواء»، والمرة الثانية التي ظهر فيها ذلك المبنى في الكتاب كان في قصة «ترتيب الأرفف»، وهو نص تجريبي إلى حد كبير.

كيف ترى المعركة بين قصيدتي «النثر» و{التفعيلة»؟ وهل ماتت قصيدة النثر جماهيرياً والأفضل لمن يكتبونها العودة إلى التفعيلة؟

حقيقة لم أعد مهتماً بهذه المعركة، وهي تخص المدافعين عن «أصالة الشعر العربي» وأراها قضية مضحكة. أما عن موت قصيدة النثر جماهيرياً فكلام غير صحيح، والأدقّ أن نقول إن قصيدة التفعيلة هي التي ماتت فنياً، فهي تخص لحظة تاريخية معينة لم تعد موجودة.

الشعر بمفهومه الواسع كفّ، منذ زمن، عن أن يكون فنّاً جماهيرياً أمام طوفان فنون الاتصال الجماهيري المرئية والمسموعة، ولا أعتقد أن شعراء قصيدة النثر سيعاودون كتابة قصيدة التفعيلة، فذلك خيار محسوم منذ البداية.

جوائز أدبية

هل تعتقد أن الجوائز الأدبية في الوطن العربي فوق مستوى الانحيازات، أم يفتقر بعضها إلى المصداقية ولا يمثل سوى ذائقة محكميها؟

في النهاية تعبر كل جائزة عن ذائقة محكميها الذين يتغيرون من دورة إلى أخرى، وذلك ليس بالأمر الغريب، لكن ثمة جوائز دولية- عربية تخضع لحسابات إقليمية سياسية، والأسوأ ترسيخ بعض الجوائز لقيم محض تجارية، بتشجيع نمط معين من الروايات مثلاً، وتحول بعض الكتاب إلى تصنيع أعمالهم وفقاً لهذا النمط الذي تتطلبه المسابقات والجوائز، وبالتالي دور النشر والمكتبات.

لماذا ينظر جيل التسعينيات إلى جيل السبعينيات باعتباره لم يضف جديداً إلى الشعر رغم أنه الجيل الذي بدأ التوسع في قصيدة النثر؟

كانت قصيدة النثر التسعينية تجد لها مرجعيات في أرض مختلفة عن قصيدة النثر كما كتبها شعراء السبعينيات، غير أنني أعتقد بأن رفض شعراء التسعينيات لجيل السبعينيات يخص لحظة الانطلاق في فترة التسعينيات نفسها والهجوم الكاسح الذي تعرضنا له من الأجيال السابقة، لا سيما من جيل السبعينيات. لكن في الوقت الحالي، وبعدما «هدأ غبار المعركة» لا أظن أن ذلك الرفض القاطع والمتبادل ما زال قائماً، من الطرفين، إلا أن حقيقة اختلاف المدرستين فنّياً قائمة، ولم يلتفت النقد بعد بشكل جيد إليها.

بعد نيل الكندية أليس مونرو جائزة نوبل، هل نحن مقصرون في الترجمة من بعض اللغات؟

نحن مقصرون في مجال الترجمة مع العالم كله، ذلك أن عدد من يتقنون اللغات ويترجمون منها إلى العربية لا يتناسب مع حجم المنتج العالمي، إذ توجد ثلاث تجارب حكومية مهمة في مجال نشر الترجمات في الدول العربية، في الكويت ومصر والإمارات، وتبدو التجربة الكويتية الأكثر نجاحاً من خلال {عالم المعرفة وإبداعات عالمية} مقارنة بمثيلتيها، في مصر {المركز القومي للترجمة} وفي الإمارات {مشروع كلمة}.

ما مشروعك الأدبي الجديد؟

صدر لي منذ أيام كتاب جديد بعنوان «في الإقامة والترحال» (دار نشر «الكتب خان») في القاهرة، وهو عبارة عن نصوص سردية قصيرة بين القصة والحكاية والمقال. كذلك لدي مجموعة شعرية، وهي منتهية بنسبة %60، ورواية شرعت فيها بالفعل، ونشرت منها فصلاً، وكتاب سردي عن علاقة الغناء بالتاريخ خلال القرن العشرين في مصر، وقد أنجزت منه فصلاً واحداً نشرته منذ بضع سنوات في مجلة «أمكنة» وفي خطتي استكمال فصوله.

back to top