تواصلت أمس عمليات دهم الفنادق في بيروت بعد التفجير الانتحاري، مساء أمس الأول، الذي تبيَّن أن منفذه مطلوب سعودي، في حين هيمنت الأوضاع الأمنية المتفجرة، على خلفية التطورات في المنطقة على المشهد السياسي، بعد أن دخل لبنان في مرحلة خطيرة، خصوصاً أن موسم الاصطياف بات في خبر كان.

Ad

يتجه الوضع اللبناني عموماً إلى المزيد من التشنج والتوتر، مع تزايد الأعمال الأمنية وامتدادها إلى مناطق تعتبر شبه آمنة. واستكملت القوى الأمنية أمس عملياتها، فداهمت قوة من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي فندق «الرمادا» (السفير سابقاً) المجاور لفندق «دي روي» في منطقة الروشة، الذي وقع فيه تفجير أمس الأول، وذلك في إطار الإجراءات الأمنية الروتينية التي تنفذها القوى الأمنية بحثاً عن مشتبه فيهم.

وذكرت مصادر مطلعة أن «المسؤولين في الفندق اشتبهوا في وجود مادة غريبة، ظنوها تستخدم في صناعة المتفجرات، فسارعوا إلى إبلاغ الأجهزة الأمنية»، كاشفة أن «شعبة المعلومات أوقفت شخصاً يمنياً للاشتباه فيه، كما أنها تحقّق مع شخص آخر من جنسية عربية غير خليجية».

وأفادت مصادر أمنية بأن «مداهمة الفندق هي إجراء روتيني للتأكد من هويات بعض النزلاء ولم يتم توقيف أحد»، كما ذكرت قناة «المنار» أن إدارة الفندق طلبت من الموظفين الإداريين المغادرة، بينما غادر بعض النزلاء الفندق، لافتةً إلى أنه «تم توقيف شخصين»، لكنه لم يتم التأكد من هذه المعلومات.

كما قامت دائرة الرصد والتدخل في الأمن العام صباح أمس بمداهمة فندق «غولدن توليب» (الماريوت) سابقاً، وأفادت معلومات بأنه جرى توقيف سوري وسعودي.

مطعم الساحة

كما نفّذ الأمن العام مداهمة في مطعم «الساحة» على طريق المطار القديم من دون أن يفاد عن توقيف أحد.

وذكرت مصادر أمنية أن «الانتحاري الحي أبلغ المحققين أنه ورفيقه كانا يعتزمان استهداف مطعم الساحة قرب مسجد الرسول اﻷعظم في الضاحية الجنوبية».

مطلوب سعودي

وتبين أن الانتحاري الذي فجّر نفسه في فندق ببيروت لدى محاولة القوى الأمنية توقيفه سعودي مطلوب أمنياً، وكان برفقة سعودي آخر تم اعتقاله، بحسب ما ذكرت مصادر سعودية قريبة من الملف لوكالة «فرانس برس».

وقالت المصادر إن الانتحاري الذي قضى بالتفجير «يدعى

عبدالرحمن ناصر الشنيفي (20 عاماً)، وهو مطلوب أمنياً من وزارة الداخلية». وأشارت إلى أنه من منطقة نجد، وغادر المملكة «قبل فترة قريبة دون الإبلاغ عن وجهته، أما السعودي الآخر الذي كان برفقته وأصيب بحروق فهو علي إبراهيم الثويني (20 عاماً)».

السفارة

إلى ذلك، استنكرت سفارة المملكة العربية السعودية في بيروت في بيان أمس «العمل الإرهابي الذي وقع في منطقة الروشة، لأنه عمل لا يمت إلى القيم الإنسانية أو الإسلامية بأي صلة، ويمثل اعتداء على الأبرياء والحرمات».

وقالت السفارة إنّ «المملكة العربية السعودية اكتوت بنار الإرهاب في محطات عدة، وهي لا توفر أي جهد في سبيل مكافحة هذه الآفة الغريبة عن مجتمعنا العربي وقيمنا الإسلامية، وللأجهزة الأمنية في المملكة استراتيجية واضحة المعالم لمكافحة الإرهاب نالت تقدير المجتمع الدولي لما قدمته ولاتزال من إسهامات فعّالة في تعزيز الأمن العالمي، وتتعاون لهذه الغاية مع كل الدول الصديقة».

كما أبدى السفير السعودي لدى لبنان علي عوض عسيري استعداد بلاده للتعاون مع السلطات اللبنانية بشأن تفجير الروشة عبر فريق عمل يساعد في تقديم الأدلة»، مؤكداً «احترام أي قرار لبناني إذا فرضت السلطات تأشيرات على السعوديين»، كما لم يستبعد السفير في حديث مع قناة «العربية» الفضائية أن تكون السفارة السعودية أو موظفوها هم من يراد استهدافهم بالتفجير الانتحاري.

مجلس الوزراء

في سياق منفصل، توصل مجلس الوزراء إلى الاتفاق على آلية عمل الحكومة في ظل الشغور الرئاسي، وأفادت مصادر متابعة بأنه «تم التوافق على انتداب وزير من كل كتلة سياسية، وان يوقع الوزير المختص على كل قرار يتخذ في مجلس الوزراء على أن ترحّل البنود الخلافية».

وطمأن رئيس الحكومة تمام سلام اللبنانيين، مشيراً إلى أنه «تم التمكن من استباق الأعداء، وتم إفشال أهداف الإرهابيين»، وشدد على المضي في كل ما يعزز المواجهة ومتابعة الإجراءات وكل مستلزمات أمن البلد لن تتوقف.

ورداً على سؤال بشأن فرض تأشيرات مسبقة على السفر، لفت سلام إلى أن «لبنان بحاجة إلى كل الناس، ولاسيما دول الخليج»، معتبراً أنه من «واجب المعنيين تعزيز الاحتياطات الاستباقية، لمنع تسلل كل من يريد أن يضر لبنان».

واندلع جدل بشأن فرض تأشيرات على مواطني دول خليجية أمس، ما لبث أن انطفأ بعد أن طالب البعض بفرض تأشيرات ماثلة على المواطنين الإيرانيين.

كيري والحريري

على صعيد آخر، التقى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قبل ظهر أمس وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مقر إقامة السفير الأميركي في باريس. واستمر اللقاء الذي تخلله فطور عمل ساعة كاملة، وتم خلاله استعراض الأوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة، وجرى التركيز بشكل خاص على الشأن اللبناني، لاسيما ضرورة إنهاء حال الفراغ الرئاسي، والعمل بكل الجهود الممكنة لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن. كما تناول البحث الخطوات الآيلة إلى ضمان الاستقرار في لبنان، وتعزيز القوى الأمنية والعسكرية.

حوار الضابط والانتحاري

أفادت مصادر أمنية لبنانية أمس بأن «انتحاريي فندق دي روي أحمد عبدالرحمن الثواني وعبدالرحمن الشنيفي، أمضيا 15 يوماً في الفندق الذي وصلا إليه في 10 يونيو، وهي فترة كانت كافية لكي يبنيا شبكة علاقات مع بعض الموظفين فيه».

وفي روايتها لعملية المداهمة التي جرت مساء أمس الأول، أوضحت المصادر أن «قوة من الأمن العام، بناء على معلومات وصلت عن وجود أشخاص مشتبه فيهم داخل الفندق، وبعد التأكد من إدارته، قصدت الغرفة رقم 301 في الطابق الثالث، حيث كان الانتحاريان ينزلان».

وأضافت المصادر أن «الضابط الذي يترأس القوة المقتحمة، وهي مكوّنة من أربعة عناصر، قرع باب الغرفة، فردّ عليه أحد الانتحاريَّين سائلاً: مَن؟». وهنا ترجّح المصادر أن «يكون السائل الانتحاري الأول الثواني، حيث كان مستلقياً على السرير، وسارع إلى تفجير نفسه فور معرفته بهوية طارق الباب، بينما كان الانتحاري الثاني الشنيفي في غرفة جانبية يحاول رمي نفسه من الشرفة قبل إلقاء القبض عليه». وتابعت المصادر أن «أحد عناصر الأمن العام سأل الانتحاري الثاني، وهو يلقي القبض عليه أثناء محاولته القفز من الشرفة وقد أصابته حروق بليغة من جرّاء تفجير زميله نفسه، «بدّك تقتل الناس؟!»، فأجابه: «في سبيل الله أفعل!».

ويرجّح خبراء أن يكون الانتحاري الموقوف قد جهّز زميله من خلال وصل المتفجّرات الموضوعة في الحزام الناسف بالصاعق، بينما لم يسعفه الوقت في تجهيز نفسه قبل اكتشاف أمرهما.