لم يتوقف السيناريست ممدوح الليثي عن العمل حتى الرمق الأخير. عكف على تحويل فيلم {المشير والرئيس} إلى مسلسل {صديق العمر}، وكان قال في تصريحات خاصة لـ {الجريدة} إنه اضطر إلى ذلك بعدما فشل في تنفيذ الفيلم سينمائياً.

Ad

وكان الليثي ينوي كتابة عمل سينمائي جديد لينضم إلى قائمة الأعمال الخالدة التي كتبها أو كتب سيناريوهاتها للسينما مثل: {ميرامار، ثرثرة فوق النيل، السكرية، الكرنك، المذنبون، الحب تحت المطر، أميرة حبي أنا، لا شيء يهم، امرأة سيئة السمعة، أنا لا أكذب ولكني أتجمل، استقالة عالمة ذرة}، كلها أعمال تميّزت بالانحياز إلى قضايا شريحة عظمى من المصريين البسطاء...

سيرة حافلة

وُلد ممدوح فؤاد الليثي في ديسمبر 1937، وحصل على بكالوريوس من كلية الشرطة وليسانس في الحقوق (1960) ودبلوم من معهد السيناريو (1964)، وعمل كضابط شرطة حتى عام 1967، من ثم اتجه إلى الفن وكتابة القصة على صفحات مجلات {روزاليوسف} و}صباح الخير} و«البوليس} وجريدة {الشعب}.

لم يتغيب الليثي عن المشهد الفني، وتولى مناصب في العصور السياسية التي عايشها، منها: مراقب نصوص وسيناريو وإعداد في التلفزيون،  مراقب على الأفلام الدرامية، ثم مدير عام لأفلام التلفزيون ورئيس قطاع الإنتاج في اتحاد الإذاعة والتلفزيون، نقيب المهن السينمائية، ورئيس اتحاد النقابات الفنية.

تولى الليثي منصب رئيس جهاز السينما على مدى سنوات، وقدم أعمالاً مهمة من بينها: {معالي الوزير}، {ناصر 56}، وآخر هذه الأفلام {واحد صفر} للكاتبة مريم ناعوم والمخرجة كاملة أبو ذكري التي قالت إن هذا الفيلم ظل حبيس الأدراج سنوات، وكانت شركات الإنتاج ترفض تنفيذه، ولولا الليثي وحماسته للفيلم لما خرج هذا العمل إلى النور.

كذلك كان الليثي رئيساً لـ {جمعية كتاب ونقاد السينما المصرية} لدورات متتالية، وظل رئيساً لمهرجان الإسكندرية السينمائي سنوات طويلة لغاية 2010.

 قدم الليثي 164 فيلماً درامياً تلفزيونياً و600 فيلم تسجيلي، وما يزيد على 1500 ساعة دراما عبارة عن مسلسلات وسهرات، ونال جائزة وزارة الثقافة عن كتابة سيناريو وإنتاج بعض الأفلام منها: سيناريو {السكرية} (1974)، وسيناريو {أميرة حبي أنا} (1975)، سيناريو {المذنبون} (1976)، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة (1992).

كذلك اختارت الهيئة العامة للاستعلامات الليثي إحدى الشخصيات البارزة في الموسوعة القومية للشخصيات المصرية البارزة.

مؤسسة فنية

يقول السيناريست عاطف بشاي: {بوفاة ممدوح الليثي فقدت مصر أحد أهمّ الكتّاب والمنتجين، وكان مؤسسة فنية تمشي على قدمين، وظاهرة لن تتكرر في الوسط الفني}، مشيراً إلى أن الليثي أول من اكتشفه وتبناه وتربطه به علاقة يومية وثيقة .

يضيف: {كان الليثي يملك مواهب فنية وإدارية، وظهر ذلك في المناصب التي شغلها وحقق فيها طفرات فريدة، وكان يرتقي بالنتاج الأدبي عندما يذيله باسمه. كذلك سعى إلى تحسين أجور الكتاب وساهم في اكتشاف المواهب ورعاها وأوصلها إلى النجومية في المجالات كافة}، مؤكداً أن %90 من نجوم مصر في الثمانينيات اكتشفهم الليثي، من بينهم ليلى علوي وإلهام شاهين، وفي الإخراج قدم أحمد صقر ومجدي أبو عميرة وغيرهما.

بدوره يوضح المخرج محمد فاضل أن الليثي تميّز بقدرة على الجمع بين الحس الفني والقدرات الإدارية، وهذا أمر نادراً ما يحدث، وكان لها تأثيرها الواضح في أعماله التي نهضت بالدراما التلفزيونية وجعلتها رائدة بالمنطقة العربية.

لم تخلُ مسيرة الليثي من مشاكل وصراعات، آخرها خروجه من منصبه كرئيس لجهاز الإنتاج بعد تظاهرات وإضرابات قام بها العاملون في الجهاز رفضاً لوجوده، ووصفها الليثي آنذاك بأنها تظاهرات فئوية للمطالبة بالرواتب والأموال.

كذلك خاض معارك سياسية من خلال تقديمه مجموعة قوية من الأفلام ناقشت قضايا مهمة، إلا أنه خرج منتصراً وحققت أفلامه نجاحاً لافتاً.