يرى سياسيون لبنانيون مخضرمون عايشوا العهود الرئاسية في لبنان منذ عام 1975 أن ما يتعرض له رئيس الجمهورية ميشال سليمان منذ أكثر من أسبوع من حملات سياسية وإعلامية يشنها عليه حزب الله وحلفاؤه في «قوى 8 آذار» ليس جديداً على رؤساء الجمهورية في لبنان، وبالتالي فهو ليس سابقة في الحياة السياسية اللبنانية، إنما تحول الى ما يشبه القاعدة التي تتكرر مع كل رئيس للجمهورية يحاول الوقوف في وجه الفريق الذي يسعى الى تجاوز الدستور والمؤسسات الدستورية وصولاً الى قيام دولة أو دويلة ضمن الدولة أو على حسابها.

Ad

ويوضح هؤلاء وجهة نظرهم بالإشارة الى أن المقاومة الفلسطينية التي كانت تتغطى لبنانياً بالحركة الوطنية شنت في عامي 1975 و1976 حملة شعواء على الرئيس الراحل سليمان فرنجية، وحاولت الإطاحة به من خلال تهجيره من القصر الجمهوري ولجوئه الى منطقة كسروان في جبل لبنان، لا لشيء إلا لأنه رفض الانصياع للسلاح الفلسطيني والقبول بقيام دويلة فلسطينية داخل الدولة اللبنانية، وعلى حساب السيادة اللبنانية.

ويشير السياسيون المخضرمون الى أن هذا الأسلوب في التعاطي مع رؤساء الجمهورية في لبنان تكرر مع كل رئيس رفض تجيير السيادة اللبنانية للخارج، وهكذا منع الرئيس إلياس سركيس من بناء الدولة، ومن ثم اغتيل الرئيس بشير الجميل الذي رفع شعار دولة الـ10452 كلم مربعا، وتم الانقلاب على الرئيس أمين الجميل الذي بقيت سلطة الدولة في عهده محصورة بجبل لبنان الشمالي وبيروت الشرقية لرفضه الانصياع لسورية، ومن ثم اغتيل الرئيس رينيه معوض الذي رفض تجيير القرار اللبناني لدمشق.

أما رئيسا الجمهورية اللذان سايرا سورية وحلفاءها اللبنانيين اي إلياس الهرواي وإميل لحود فلم يسلما فقط من الهجمات السياسية والإعلامية والتهديدات الأمنية، إنما مددت ولايتهما ثلاث سنوات بعد تعديل فرضته الوصاية السورية على النواب اللبنانيين.

وبالاستناد الى هذا العرض التاريخي، يرى المراقبون أن ما يتعرض اليوم له سليمان امتداد للحملات التي استهدفت أسلافه من فرنجية الى معوض على خلفية رفضه مصادرة إيران وسورية القرار السياسي والأمني للدولة اللبنانية عبر حزب الله وحلفائه، وليس على خلفية ما يتم الادعاء به من حزب الله لناحية اتهام سليمان بأنه أطلق مواقفه الرفضة لبقاء المقاومة خارج كنف الدولة اللبنانية توسلا لتمديد ولايته.

 فالوقائع التاريخية تثبت أن الساعي الى التمديد يسترضي النظام السوري وحلفاءه في حين أن المتمسك بالدستور ومواعيد تداول السلطة يتعرض للهجوم السياسي والإعلامي وصولا الى الاغتيال، كما حصل بالنسبة الى رئيسي الجمهورية السابقين بشير الجميل ورينيه معوض، ورئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري.

 وتختم الشخصيات اللبنانية المخضرمة قراءتها للحملة الحالية على سليمان بالإشارة الى أن حزب الله الذي يعرف بأن سليمان لا يسعى الى تمديد ولايته يحاول نيابة عن سورية وايران خوض معركة استباقية مع الرئيس المقبل للجمهورية، بحيث يفتح معركة استدراج عروض للمرشحين تحت عنوان اساسي، وهو ألا مكان لمن لا يطلق يد حزب الله سياسيا وأمنيا على الساحة اللبنانية.