خلال الأيام السبعة الماضية كنت في الكويت بدعوة كريمة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب للمشاركة في أمسية شعرية عربية مع الشاعرة التونسية فاطمة بنت محمود والشاعر الدكتور محمد السعدي من لبنان ضمن فعاليات معرض الكتاب الثامن والثلاثين.
سبعة أيام كانت كافية لإعادة الماء إلى شجر روحي المتيبّس، وكافية لإعادة الصباحات على نوافذ الفرح، والنجوم إلى زوّادة المساء، ورائحة البحر إلى سواحل القلب، والغربة إلى دفء حضنٍ تعرف ملامحه جيداً.سبعة أيام عبّأت خلالها كل قناني الشوق الفارغة بين الحنايا بماء التوق المقدس، ساعات النوم كانت أقل كثيراً مما اعتدت، لم يكن النوم ضمن أولوياتي الملحّة جداً ولا الأحلام، كان الواقع بالنسبة لي أشهى، حضرت كثيراً من الأنشطة والفعاليات المقامة على هامش معرض الكتاب.التقيت خلالها بقامات أدبية وثقافية أعتبر مجرد اللقاء بها من تلك اللحظات التي تستحق تخبأها في صندوق صغير في أقصى القلب،وتدّخرها لساعة تضن عليك المسرات فيها بالفرح، ابتعت بعض الكتب الثرية والمتنوعة بمواضيعها، صادفت بعض الأصدقاء والمعارف القدماء وغير المتوقع رؤيتهم بين ردهات المعرض الكثيرة، وضمن الجمهور الذي حضر بعض الفعاليات الثقافية، كنت أزور المعرض بشكل يومي خلال وجودي منذ اليوم الذي وصلت به الكويت إلى أن أعلن المعرض إسدال الستار على أنشطته وقفل أبوابه، أما ما يتبقى من كل يوم فكنت محاطاً بقلوب الأصدقاء في الكويت، لم تكن تتركني تلك القلوب ولو طرفة نبض، ما يتبقى من الوقت بعد زيارة المعرض موزع بين الديوانيات، الصالونات الثقافية، المقاهي القريبة من عباءة البحر، سهرات المساء المتخمة بالموسيقى والشعر، والأحاديث الثقافية والسياسية، والمحبة.تطهّرت بماء تلك القلوب التي كانت تمطرني من مزن محبتها، ولم يتوقف ذلك المطر المنهمر ولو للحظة تسمح لي أن أجفف يديّ لأصافح المطر الآتي، الأصدقاء كُثر، وثوب الوقت كان أضيق كثيراً من أن يحتوي كرم محبّتهم، اعتدت أن أزور الكويت بين الفينة والأخرى خلسة كعاشق يخشى عين الرقيب ، دائماً أفعل ذلك كلما أردت أن أصالح ذاتي، أو كلما أردت أن أجدني، أو كلما أردت أن أرشي قلبي ليرضى، أذهب للكويت، أبلّل قلبي بما تيسّر من الأصدقاء، أختصر كثير القلوب ببعض منها، أصب في أوردتي بعضاً من رائحة الكويت وأعود، إلا أنني هذه المرة لم أتمكّن ذلك لأن فعاليات معرض الكتاب كانت معلنة، لم يتوقف هاتفي النقال عن الرنين، ولا هاتف الغرفة في الفندق، بعض الاتصالات من أصدقاء لم أخبرهم بوجودي في الكويت، وبعضها الآخر من زملاء دراسة في مراحل متقدمة جداً، أو من رفاق طفولة أو من أناس لم ألتق بهم قطّ، ولكن اتصلوا فقط ليعبروا عن ترحيبهم بوجودي في الكويت وسعادتهم بذلك مع محاولة جادة باستضافتي في منازلهم، كنت قلت لأحدهم محاولا الاعتذار عن قبول دعوته لضيق الوقت: يكفيني فرحاً إنك استضفتني في قلبك، فرد قائلاً: لست ضيفاً في القلب، أنت «راعي محل»!شكراً للكويت التي أعشق، دائماً هي ملجأ الروح، وحضن القلب.
توابل
الكويت عشق
05-12-2013