ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي العشرين، أقيمت أمس الأول منارة الفنان المبدع الراحل محمد السريع، بحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب م. علي اليوحة، والأمين العام المساعد لقطاع الثقافة والفنون د. بدر الدويش، ومجموعة من عائلة الفنان الراحل.

Ad

في مستهل المنارة، قال مدير الجلسة د. سليمان الشطي عن الفنان القدير السريع إنه واحد من الذين كانت الكويت بحاجة إليهم، في لحظة زمنية فارقة تبدأ من كل البدايات، كل شيء كان يضع الأساس الأول، فالسريع وجيله يصنعون شيئاً جميلاً لوطنهم.

ثم قرأ الباحث والناقد المسرحي د. نادر القنة جزءاً من بحثه «التمثلات الجمالية والميكينزمات الحرفية في الاشتغالات التمثيلية عند محمد السريع»، موضحاً أن محمد السريع ولد ليكون ممثلاً بالفطرة والطبيعة الساكنة في داخله، لقد جرب في الفن أشياء كثيرة الإعداد والتأليف والتمثيل والإخراج الإذاعي والإدارة المسرحية وإدارة الانتاج، لكنه لم يحقق شهرته ونجوميته إلا في حقل التمثيل المسرحي الذي لمع فيه عبر أكثر من ثلاثة عقود، وكانت فرقة مسرح الخليج العربي الحاضنة الطبيعية لرعاية موهبته.

وأضاف د. القنة أن نجومية السريع تكرست على خشبة المسرح من خلال 47 مسرحية، 29 منها لمسرح الخليج، وعمل واحد مع فرقة المسرح الشعبي وفرقة المسرح الكويتي، و14 مسرحية مع المسرح الخاص بينها 5 مسرحيات للطفل.

ثم تطرق إلى مراحل التأسيس والتكوين والإبداع منذ مسرحية «الله يا الدنيا» مروراً إلى «بخور أم جاسم» كتأليف مسرحي، وصولاً إلى الصيغة الجمالية عام 1975 مع «علي جناح التبريزي وتابعه قفة» التي استطاع من خلالها أن يفلت من الشخصيات الكاريكاتورية، وأخيراً «شموع لا تنطفئ».

وختم القنة بقوله إن الراحل جسد أكثر من 40 شخصية غير مكررة، وكان ملتزما بالتدريبات المسرحية، وبعامل الوقت.

عبدالعزيز السريع

بعدها انتقل الحديث إلى الكاتب القدير عبدالعزيز السريع، الذي قال عن الراحل هو ابن العم وخال الأولاد، وقبل ذلك الصديق ورفيق الدرب مع ابن العم عبدالرحمن صالح السريع.

وأشار السريع إلى أن الراحل التحق بفرقة مسرح الخليج العربي عام 1966 لافتا الى أنه أحب المسرح وأعطاه كل وقته واقترب من الناس وكان مشغوفا بالتمثيل دون تكلف ولا تصنع.

كتلة واحدة

وقال الكاتب السريع ان الفنان الراحل «كان يقلق ويبحث ويسأل ويناقش ويحاول العثور على أسلوب تقديم الشخصية التي يمثلها فتراه يتقمص ويستبطن هذه الشخصية أو تلك ليتحول معها الى كتلة واحدة، فكان تلقائيا وعفويا ووصل الى الناس مباشرة كما أحب الجمهور فبادله حبا بحب».

وأضاف ان الفنان الراحل كان تلقائيا وبسيطا وطبيعيا دون ارتجال بل يمثل الدور ويحفظه ويجرب كثيرا قبل أن يستقر على طريقة لأدائه وكانت تعتريه الرهبة قبل التمكن من الشخصية بل اعتذر أكثر من مرة عن أدوار مهمة ورشح لأدائها بعض زملائه لخشيته من عدم قدرته على أدائها بشكل صحيح.

ولفت الكاتب السريع إلى أن الراحل كان تلقائيا أيضا في كتاباته المسرحية «فتجد الحوار السلس والتداعي الجميل واللهجة الصافية، كما كان يتمتع بخفة ظل وجاذبية انعكستا في أدائه التمثيلي ككل».

شهادة المسلم

وقدم الفنان عبدالعزيز المسلم شهادته عن تجربته مع الفنان الكبير محمد السريع، إذ عاصره منذ طفولته مطلع السبعينيات في مسرح الخليج العربي في مقره السابق بالقادسية، للعلاقة الوطيدة التي كانت تجمع بين والده الفنان عبدالله المسلم والمرحوم، واستمرت العلاقة إلى بداية انطلاقته الحقيقية في المسرح عام 1988 من خلال مسرحية «هالو بانكوك» وهي ليست تجارية، إذ تعامل معه كمؤلف ومخرج ومنتج وممثل إلى جانبه، فكان الراحل بمنزلة الأب النصوح والحنون والصديق الصدوق المخلص الدائم، ووجوده أكبر دعم له ولتجربته، كما أنه لم يشترط رحمه الله في التعاون معه بل قال: «إذا كنت بحاجة للمال فقل لي».

وأضاف المسلم لقد شارك معي بعد التحرير في مسرحية «عبيد في التجنيد»، ثم في «خمسة وخميسة» عام 1994 التي عرضت عدة شهور في الكويت وقطر والبحرين.

وأوضح المسلم أنه كمؤلف تعامل مع فنان مبدع يضيف أبعاداً على الشخصية بعفوية، وهو من القلة القليلة التي لا تتكلف في الأداء التمثيلي ولا تبالغ، وكمخرج على الرغم من فارق السن اكتشفت سر تفرده وهو التلقائية والعفوية، ويستطيع استدعاء المشاهد التي يحتاج إليها عبر مخيلته الخلاقة ويؤديها بإتقان وتميز.

مسيرة السريع

ثم عرض الفيلم التسجيلي من إنتاج المجلس الوطني، عن مسيرة السريع الفنية، وشهادات من الفنانين سليمان الياسين وطارق العلي ومنى شداد ونجل الفنان الراحل مشعل السريع.

وفي ختام المنارة تم تكريم اسم الراحل بدرع المهرجان وتسلمه ابنه جمال السريع، الذي شكر بدوره المجلس الوطني والجمهور الحاضر.