*لو حاولتَ أثناء تجولك في أحد المولات التجارية المرور على السينما للاطلاع على كتيّب عروضها السينمائية، فإنك ستلاحظ أن الكتيّب يحتوي على إشارة أشبه بالأيقونة تعلن عن الاحتفالية بمرور ستين عاماً على تأسيس شركة السينما الكويتية. ولكنك سرعان ما تشعر بأكذوبة الشعار والخديعة، حين تقلّب الكتيّب بحثاً عن فيلم يحترم المشاهد، أو يعوّل على ذوقه الفني، أو على الأقل يدرك قدرته على المواكبة والاطلاع لما يُعرض في دور السينما عالمياً، فلا تجد شيئاً من ذلك!

Ad

أصبح الآن من السهولة بمكان معرفة آخر ما تنتجه هوليوود من أفلام الموسم، وما يُعرض حالياً في دور السينما حول العالم المتحضر. ولعل ما يجعلنا في قلب المواكبة، ما نراه على شاشات الفضائيات من احتفالات سنوية بتكريم صنّاع السينما من ممثلين ومخرجين وفناني تقنيات، من خلال حفلات توزيع جوائز الأوسكار. ولكن الشعور بالخيبة سرعان ما يداهمنا حين يكثر التنويه عن الأفلام المتميّزة التي فازت بالأوسكا، وتم الانتهاء من عرضها في عواصم العالم، بينما نحن لا نجد لها أثراً في دور السينما الكويتية!

لعل تفسير ذلك – كما أتصور – يعود إلى أن شركة السينما الكويتية لا تعوّل كثيراً على ثقافة المشاهد ووعيه وذوقه الفني، وتظن أن حشو برامجها بما تدنّى مستواه وقلّتْ ميزانيته من أفلام "يمشّي الحال"، ويملأ فراغ أولئك الجالسين في ظلام القاعة، والمشغولين بالتهام "البوب كورن" و"جرادل البيبسي"! أما الاحتمال الثاني فهو - كما أعتقد - غياب التقييم الدوري، الذي لا بدّ أن تضطلع به أي مؤسسة تجارية أو ثقافية، للاستدلال على نوعية الشرائح التي تستهدفها الخدمة المقدَّمة. وبناءً عليه يمكن لها أن تلبي مطالب المستهلك وتحترم ذوقه ووقته، ما دام هذا المستهلك يدفع بسخاء مقابل تلك الخدمة.

في الاحتفالية الستينية لتأسيس شركة السينما الكويتية، كنا نتوقع انجازاً مختلفاً، وارتقاءً بذوق المشاهد، وتحرّكاً أكثر طموحاً ومواكبةً.

* كانت ولاتزال محطة FM على الموجة 92.5 التي تُبثّ من إذاعة الكويت، رفيقتي الدائمة أثناء قيادة السيارة، حيث تصبح الرحلة اليومية بمعيتها أكثر استرخاءً وبهجة. ولا بد لنا في هذا المقام أن نشكر القائمين على استمرارها كمحطة مختصة ببث روائع الموسيقى العالمية من كلاسيك وجاز وغيرها من مقطوعات موسيقية راقية.

ويبدو أن الثناء على الجهود في محطة (easy music) واجب الاستحقاق في ظل تدهور الأحوال في فروع المحطات الكويتية الحكومية والخاصة، حيث غلبة التهريج والارتجال، وكثرة الملاسنات، وندرة التأدّب في الحديث والحوار، إلا ما رحم ربي. ويبدو أن الرصانة والمهنية قد ذهبتا مع ذهاب نجومها وزمنهم الجميل.

ورغم ما لموجة 92.5 من مكانة في نفسي، فإنني لا أزال أحلم أن تزداد تطوراً ومهنية أسوة بالمحطات الموسيقية البريطانية والأميركية. فأمثال هذه المحطات المتخصصة وجدت لتستكمل دورها بنشر الثقافة الموسيقية، وهذا الدور يبدو أكثر إلحاحاً في بيئة ثقافية كبيئتنا، تفتقر إلى التعرّف على ألف باء المنجز الموسيقي العالمي وتحتاج إلى من يعينها على تذوقه وتقديره. إن تخصيص مقدم برامج ذي خلفية وافية بالموسيقى العالمية يبدو مطلباً ملحاً، وذلك للتعريف بمؤلف المقطوعة قبل بثها، وإعطاء نبذة عن الخلفية التاريخية أو الظرفية لتأليفها، مع تحليل مبسط لجوانب الإبداع في النص الموسيقي. وهي إضافة لا تحتاج إلا إلى قليل من الجهد والعناية، ولكن إلى كثير من الإيمان بدور الموسيقى في حياتنا ومعاشنا.

ولعله يجوز لنا في المقام أن نأمل بألا يقتصر بثّ المحطة على كلاسيكيات الموسيقى الغربية، وأن يكون هناك لون من التنويع مع روائع الموسيقى الشرقية أيضاً كالصينية والتركية والهندية والإيرانية وغيرها من فنون الشعوب الجميلة.