فجأة ودون مقدمات تزاحمت الأجندة الخليجية بفرص وتحديات إقليمية لم تكن على البال والخاطر تصدرتها المصالحة الإيرانية الأميركية التي ألقت بظلالها على حوار المنامة قبل عدة أيام بين متفائل ومتشائم، والتحدي الآخر هو التصميم الهيكلي الجديد أي الاتحاد الخليجي، وأذكر من خلال اجتماعاتنا الخليجية السنوية كباحثين ومختصين في شأن المنطقة استمرارنا في البحث عن النموذج المثالي من التكتلات الإقليمية للاقتداء به، وآخر ما أتذكره هو تلك المقالة التي أثارت الجدل أثناء حضورنا ببروكسل جلسات  البرلمان الأوروبي، والتي حملت عنوان "هل ستصبح مدينة الرياض باحتضانها الأمانة العامة لمجلس التعاون كمدينة بروكسل قلب الاتحاد الأوروبي".

Ad

 فما كان منا كخليجيين إلا المقارنة أو بالأحرى المقاربة بين الاتحاد الخليجي والأوروبي، وككويتيين "وعشاق للديمقراطية" أدخلنا أنفسنا في نفق البرلمان الخليجي المنتخب، والهيئات الوزارية والإدارية المشتركة التي تضع نصب عينيها تمكين المرأة من الوصول إلى المناصب التنفيذية، وتعديل المواثيق الأمنية الخليجية لتصبح نبراساً للمنطقة فيما يخص حقوق المواطن وواجباته، وغيرها من المثاليات من بنود في قائمة الأمنيات التي تمنح الفرصة لتطوير المنظومة من الناحية النوعية وليس الهيكل فقط.

 واليوم ومع استضافة القمة الخليجية واستكمالاً لمقال الأسبوع الماضي نتابع الأمنيات أو التوجهات بتحويل المجلس إلى اتحاد، ودعوة الأردن والمغرب ودول أخرى مستقبلا للانضمام.

 ولمن يتساءل عن الفدرالية والكونفدرالية فمن واقع خبرتي البسيطة بالقانون الدولي فالاتحاد يتبع تصنيف الدول المركبة، والتي تتكون من أكثر من وحدة أو دولة، ويتخذ أشكالا متعددة، وإذا كانت الدول المكونة للاتحاد متمتعة بالشخصية الدولية فيصبح اتحادا استقلاليا أو كونفدراليا، أما لو اختزلت الشخصية الدولية بالاتحاد فتصبح الاندماجية عالية ويصبح فدراليا كالولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة.

 والنموذج المطروح لدول الخليج هو التعاهدي أو الكونفدرالي، النافع اقتصاديا وجيوسياسيا ولكن سياسيا وتحديداً محليا، فغياب وسائل الاندماجية بدول مجلس التعاون مؤخراً له أثر في رفض البعض للاتحاد، ونقصد بوسائل الاندماجية استطلاعات الرأي من الأمانة العامة إلى جانب آراء المجالس المنتخبة، وتكثيف ورش العمل الحقوقية والقانونية والتنفيذية تحت مظلة الأمانة العامة.

وأخيراً فإبداء سلطنة عمان رفضها للاندماجية يجب ألا يفسد للود قضية، إنما يؤجل مشروع الاتحاد، أما نتيجة الاجتماع فالمتوقع أن يكون هناك آلية جديدة تحت ظروف المصالحة الإيرانية لاستعادة الإمارات جزرها والكويت جرفها القاري، وفي الشأن السوري بإمكان دول الخليج تطبيق النموذج اليمني كما اقترح صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل قبل عام.

 وللتذكير فقد تضمن النموذج اليمني الذي طرح بالرياض بقيادة الزياني: نقل صلاحيات الرئيس اليمني إلى نائبه، وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة التي يحق لها تشكيل اللجان والمجالس المختصة لتسيير الأمور سياسيا وأمنيا واقتصادياً، ووضع دستور وإجراء انتخابات ووقف سبل الملاحقة والانتقام من خلال ضمانات بين الحكومة والمعارضة... وللحديث بقية.