فكّر قبل أن تعمل
خرج الوالي في جولة بالسوق متنكراً في زي تاجر فمر بدكان قديم شبه خال من البضائع والسلع، وفيه رجل كبير في السن جالس على مقعد خشبي قديم، نظر الوالي في الدكان فلم ير سوى بعض اللوحات فسأل صاحب الدكان: جئت السوق لأشتري فماذا عندك؟ فأجاب الرجل بهدوء وثقة عندي أغلى بضائع السوق!ابتسم الوالي متعجباً وقال: هل أنت جاد في ما قلت أم تمزح؟ فأجابه: نعم أنا جاد فبضاعتي غالية، فسأله ماذا تبيع يا رجل؟ فأجابه: أنا أبيع الحكمة ولم يبق عندي سوى لوحتين، أمسك الوالي بإحدى اللوحتين ومسح عنها الغبار، فوجدها قد كُتب عليها "فكر قبل أن تعمل" فقرر أن يشتريها، وبعد أن قبض الرجل ثمنها طلب منه أن يضعها في مكان بارز، ومرت أيام وأسابيع وشهور والوالي يعيش في سلام وأمان واستقرار (مثل دولنا العربية)!
قرر قائد الجند اغتيال الوالي عن طريق الحلاق لينفرد هو بالحكم، وعند تنفيذ الخطة توجه الحلاق إلى قصر الوالي فشاهد اللوحة المكتوبة "فكر قبل أن تعمل" فارتبك الحلاق وأخذ يفكر بالنتائج، وعندما وصل إلى الوالي انهار وهو يبكي وصرح للوالي بتفاصيل المؤامرة، وبيّن له أن هذه الحكمة هي السبب في صرفه عن تنفيذ الجريمة.حقا إنها حكمة جميلة يجب أن تكتب بماء الذهب، فهي ذات معنى ومغزى كبير، فلو فكّر كل مسؤول في الدولة من حاكم أو وزير أو قيادي أو مدير مدرسة حتى رب الأسرة في بيته في تعليقها بمكان بارز لكانت له خير معين في صرفه عن أي قرار يتخذه في حال انفعال لربما تكون له نتائج سلبية على الآخرين.فعلى سبيل المثال لو فكّر كل ناخب ملياً في اختيار مرشحه على أساس الكفاءة والأمانة والقوة واضعاً نصب عينيه مصلحة الكويت أولاً وأخيراً لرأينا تقدم دولتنا الحبيبة الكويت وازدهارها في شتى الميادين، ولو فكّر الشاب في اختيار زوجته على أساس الدين والخلق وليس الجمال فقط كما بيّن لنا رسولنا الكريم لقلّت نسبة الطلاق في المجتمع، ولو فكّر الغاضب بنتائج غضبه الوخيمة عليه وعلى الآخرين لابتعد عنه خاصة في الشارع والمدارس والمجمعات التجارية، ولو فكّر المدخن بمضار التدخين الصحية عليه وعلى أطفاله كما أكدت إحدى الدراسات الأميركية: "أن تدخين الوالدين في المنزل يؤثر في ذكاء أطفالهما وإنجازهم المدرسي" لامتنع فوراً عن التدخين. ولو فكّر قائد السيارة في الشارع قبل انشغاله في استخدام الآيفون أو في تجاوز معدل السرعة المقررة أو تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء في النتائج المترتبة على مخالفته قانون المرور لقلّت نسبة الحوادث الجسيمة المميتة!ولو فكّر المخالف لقانون النظافة "وينه"! قبل رمي الأوساخ في الشارع والطرقات والبصق على الأرض في الأماكن العامة بالآثار السلبية على فعله المشين لرأينا الكويت جميلة ونظيفة تسر الناظرين.ولو فكّر الطالب في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "من غشنا فليس منا" لقلّت نسبة الحرمان من الامتحانات في مدارسنا، ولو فكّر المتحدث في اختيار كلماته لما سمعنا عن الغيبة والنميمة والكلمات النابية والجارحة في منتدياتنا ومجالسنا وساحاتنا.* آخر المقال:"فكر قبل أن تعمل في كل أمور حياتك تسعد وتسلم".