في نهاية يوم طويل ساده الخوف والترقب في مناطق النظام، بدأت عملية فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية السورية المحسومة سلفاً للرئيس بشار الأسد، والتي وصفتها واشنطن بانتخابات العار، واعتبرها الاتحاد الأوروبي غير شرعية، في حين تحدثت روسيا عن حكومة ائتلافية بعد تنصيب الرئيس.

Ad

مع تصاعد عمليات القصف بالبراميل المتفجرة في معظم مناطق سورية واستمرار سقوط قذائف الهاون على دمشق، واصلت اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية في سورية أمس عملية فرز الأصوات، وسط ترقب لإعلان النتائج المحسومة رسمياً بفوز ساحق لمصلحة الرئيس بشار الأسد اليوم.

وأعلن رئيس اللجنة القضائية هشام الشعار، إغلاق صناديق الاقتراع "في تمام الساعة الثانية عشرة من ليل الثلاثاء ومباشرة اللجان الانتخابية بفرز الأصوات"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، التي أكدت أن "الإقبال الشديد" دفع اللجنة إلى تمديد مهلة الاقتراع حتى منتصف الليل".

شكر ونتائج

وأفاد مصدر مقرب من النظام بأنه من المتوقع صدور نتائج التصويت اليوم، في حين أكدت صحيفة "الوطن" السورية أمس أن النتائج الرسمية "قد تعلن مساء الخميس من قبل رئيس مجلس الشعب حسب القانون الانتخابي".

وفي بيان على صفحتها على "فيسبوك"، شكرت الرئاسة "جميع السوريين الذين شاركوا بكثافة في انتخاب مرشحهم وينتظرون نتائج التصويت ليبدأوا مرحلة جديدة من تاريخ العزّة والكرامة"، معتبرة أن السوريين "واجهوا ثقافة الموت والإرهاب والانغلاق".

نسبة التصويت

وأبرزت الصحف السورية أمس الاتجاه المحسوم لبقاء الأسد في منصبه لولاية ثالثة من سبع سنوات. وقالت "الوطن" إن "الملايين خرجوا متحدين الإرهاب وقذائفه وصواريخه وسياراته المفخخة، ليثبتوا شرعية الرئيس بشار الأسد لولاية جديدة تستمر حتى 2021"، مشيرة إلى أن نسبة التصويت في بعض المحافظات "تجاوزت 70 في المئة".

وبدا الأسد أشبه بالمرشح الأوحد، مع عقد السوريين حلقات الرقص خارج مراكز الاقتراع، وقيام بعضهم بجرح أصابعهم والبصم بالدم تأييداً له، وظهر ذلك جلياً حين توجه وقرينته أسماء للإدلاء بصوتيهما في مركز اقتراع في حي المالكي الراقي وسط دمشق.

انتقادات واسعة

وجددت المعارضة والدول الداعمة لها انتقاداتها الحادة للانتخابات، فبعد وصف رئيس ائتلاف المعارضة أحمد الجربا في مقال نشر أمس الأول في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية الانتخابات بأنها "دموية ومزورة ونتيجتها محددة سلفاً". رأت واشنطن هذا الاستحقاق "عارا" وأن إجراءه "انفصام كامل عن الواقع".

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف إن "بشار الأسد لا يملك اليوم من المصداقية أكثر مما كان يملك بالأمس"، مشيرة خصوصاً إلى "الصور المنفرة للأسد وهو يدلي بصوته ويتصرف كأن الأمر يتعلق بانتخابات فعلية".

تجاهل الملايين

وزادت المتحدثة الأميركية أن "ملايين السوريين تم تجاهلهم عمداً، والنظام يواصل ذبح من يدعي حمايتهم وتمثيلهم"، مشددة على أن "انتخابات نظام الأسد تشكل تكملة لإرث عائلي من قمع وحشي عمره أربعون عاماً".

وبعد الانتقادت الأميركية العنيفة، اعتبر الاتحاد الأوروبي أن الانتخابات السورية ليست شرعية ولا تتمتع بأي مصداقية، داعياً إلى "تفاوض جدي بين طرفي الأزمة وعدم تقويض الجهود لايجاد حل سلمي".

في هذه الأثناء، تحدث المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف عن فكرة تأليف حكومة ائتلافية في سورية بمشاركة المعارضة بعد إعلان وتنصيب الرئيس الجديد.

وقال بوغدانوف إن السؤال المطروح حالياً يتعلق "بطبيعة المعارضة السورية التي يمكن أن تشارك في هذه الحكومة، وما إذا كانت معارضة الداخل أو المعارضة الليبرالية أو الموالية"، مضيفاً: "لنرى أي معارضة يمكن أن تشارك في هذه الحكومة، إذ إن قوى المعارضة كثيرة ومختلفة".

تناقض شديد

وكانت الصورة في دمشق أمس الأول شديدة التناقض بين مشاهد عدة: حركة سير خجولة في الشوارع، وطوابير انتظار امام مراكز الاقتراع وحلقات الرقص والغناء تأييداً للأسد، وأصوات سقوط قذائف متواصل لقذائف الهاون في شوارع العاصمة مصدرها مواقع لمقاتلي المعارضة، وقصف مدفعي من القوات النظامية في محيطها، وتحليق كثيف للطيران الحربي في أجوائها.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن أمس، إنه سجل في يوم الانتخاب "سقوط أكثر من 130 قذيفة هاون في دمشق، وعلى مناطق تحت سيطرة النظام في ريفها"، ما أدى الى سقوط ثلاثة قتلى هم سيدة في ساحة السبع بحرات في دمشق، وسيدة في ضاحية الأسد (شمال العاصمة)، وشخص في جرمانا (جنوب شرق).

تقدم المعارضة

وأشار المرصد إلى أن مقاتلي المعارضة استعادوا السيطرة على قرية المفلسة بريف حلب الجنوبي عقب اشتباكات عنيفة مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها وسط استمرار الاشتباكات العنيفة بين الطرفين.

في المقابل، واصل الطيران السوري والمدفعية أمس قصف مناطق سيطرة المعارضة في أجزاء واسعة من البلاد، مشيراً إلى أن ثمانية مواطنين بينهم مقاتل من الكتائب المقاتلة قتلوا خلال اشتباكات مع قوات النظام في محافظة إدلب، كما قتل نحو 13 عنصراً من قوات النظام خلال اشتباكات مع جبهة النصرة ومقاتلي الكتائب الاسلامية في محيط قريتي جبورين وأم شرشوح بريف حمص الشمالي.

(دمشق، واشنطن، موسكو -

أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا)

فورد: سياسات أوباما في سورية فاشلة

وجّه السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد طعنة شديدة القوة إلى الرئيس باراك أوباما أمس الأول بسبب سياسته إزاء الحرب الدائرة في سورية، معتبراً أن البيت الأبيض كان ينبغي له أن يفعل المزيد ويبادر إلى تسليح الفئات المعتدلة من معارضي نظام بشار الأسد.

وفي مقابلة مع شبكة تلفزيون "بي بي إس" قال فورد إنه نتيجة لتردد أوباما، زادت المخاطر التي تتعرض لها الولايات المتحدة بسبب المتطرفين، موضحاً أن "سياستنا لم تتطور وأخيرا وصل بي الأمر إلى الحد الذي لا يمكنني فيه بعد الآن الدفاع عنها علانية".

وأوضح الدبلوماسي المخضرم، الذي يحظى باحترام واسع في بلاده، أن "روسيا وإيران في الوقت نفسه تقومان بزيادة مساعداتهما للأسد بدرجة كبيرة"، مضيفاً "لو ساعدنا المعتدلين في صفوف المعارضة السورية قبل عامين لما استطاعت جماعات القاعدة أن تكسب أتباعاً".

وتعليقاً على الانتخابات الرئاسية في سورية، قال فورد إنها "إشارة إلينا وإلى البلدان الأخرى في المنطقة وإلى أوروبا وغيرها أن الأسد لن يرحل. إنه باق وقد رسخ قدميه في العاصمة مع أن أجزاء أخرى من البلاد لاتزال خارج نطاق سيطرته".

(واشنطن- رويترز)

النظام يتعاقد مع قناصات سوريات

كشف تقرير تلفزيوني لقناة روسية وجود فتيات سوريات مجندات في جيش نظام الأسد متدربات في معسكرات احترافية وفي الجبهات، متعاقدات مع الحرس الجمهوري مدة تصل إلى 20 عاماً.

وظهر مراسل القناة وهو يرافق فتاة تدعى زينب، وهي قناصة برتبة ملازم أول في الحرس الجمهوري أمضت أياماً في اختيار مكان مرتفع في بناية مهدّمة ومهجورة لممارسة قنص "الإرهابيين"، بحسب القناة الروسية.

ويوضح الفيديو أن زينب تتلقى تعليمات من ديانا، وهي مجندة سورية، حول إطلاق الأعيرة النارية، وأيضاً متابعة أي تحركات على الأرض، لتقوم بعد ذلك زينب بتصويب فوهة البندقية نحو الهدف.

وقال علي، وهو قائد سرية النساء القناصات، إن السيدات يتمتعن بصبر يفوق الرجال، مشيراً إلى وجود نتائج مذهلة بعد تدريب تلك السيدات، معرباً عن فخره بقيادة سرية للنساء القناصات "المحترفات"، حسب تعبيره.

وبحسب الفيديو تم إعلان فتح باب التطوع، وكان الإقبال كبيراً، وتمكّن الحرس الجمهوري من تشكيل سريتين من سرايا النساء القناصات، في حين كشف الفيديو أيضاً عن توقيع المجندات السوريات عقودا مع الحرس الجمهوري لمدد تتراوح بين 15 و20 سنة.

وتستعد الفتيات القادمات من قرى ومدن صغيرة للخدمة العسكرية في أكاديمية الدفاع الوطني التي أسسها حافظ الأسد.

يُذكر أن الجيش الحر كان سباقاً في استقطاب الفتيات والنساء للعمل ضمن صفوفه منذ بداية الثورة السورية، وكانت تزداد يوماً بعد يوم أعداد المتطوعات فيه.