مع تواصل الاستعدادات الجارية على قدم وساق في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوري والتي لا تتعدى 40% من مساحة سورية تمهيداً لإعادة "مبايعة" بشار الأسد لولاية رئاسية ثالثة يوم الثلاثاء المقبل، بدأ أبناء الجاليات المقيمون في الخارج صباح أمس الإدلاء بأصواتهم وسط استحالة مشاركة أكثر من نصف الناخبين.

Ad

رغم اعتراض المعارضة السورية ودول غربية وعربية على إجراء الانتخابات الرئاسية السورية بينما تعيش البلاد حرباً مدمرة وانقساماً أهلياً غير مسبوق، أصر نظام الرئيس  بشار الأسد أمس على بدء الانتخابات الرئاسية في الخارج التي تحولت الى مجرد مبايعة للأسد بعد تفصيل قانون الانتخابات على قياسه ومنع الناخبين في بعض الدول العربية من التصويت بعد قرار دمشق اغلاق سفاراتها.

وأطلق النظام السوري أمس مهزلة الانتخابات الرئاسية، الهادفة إلى تجديد الولاء للرئيس بشار الأسد، في 38 سفارة سجل على لوائحها نحو مئتي ألف ناخب، بحسب وزارة الخارجية السورية.

ووفقا للقوانين، يحق لكل سوري غير مقيم على الأراضي السورية أن يدلي بصوته في أي سفارة سورية، شريطة أن يكون اسمه وارداً في السجل الانتخابي وألا يكون ثمة مانع قانوني يحول دون ممارسة حقه في الانتخاب، بجواز سفره العادي ساري الصلاحية والممهور بختم الخروج من أي منفذ حدودي، ما يعني عمليا ان اللاجئين السوريين في دول الجوار لن يكونوا قادرين على المشاركة وأن عشرات آلاف السوريين الذين لم يجددوا جوازات سفاراتهم إما بسبب اغلاق السفارات السورية وإما لكونهم معارضين لن يكونوا قادرين على المشاركة.

وكانت المشاركة الكبرى أمس في لبنان حيث شارك عشرات الآلاف من السوريين الموالين للأسد الذين حملوا أعلام حزب الله وصور الأسد واجتاحوا الطرقات الى مقر السفارة السورية.

انتخابات عمان

ووسط إجراءات أمنية مشددة، توافد مئات من السوريين المقيمين في الأردن على مقر سفارتهم في عمان للتصويت، من بين نحو 700 ألف موجودين من قبل الأزمة وأكثر من 600 ألف لجأوا إلى المملكة بعد بدء الحرب السورية في مارس عام 2011.

ورفع بعض المشاركين أعلاماً سورية، في حين ارتدى آخرون كوفيات بطرفها علم سورية وصور للأسد، الذي حافظت عمان على علاقاتها الدبلوماسية مع نظامه إلى أن طردت يوم الاثنين سفيره بهجت سليمان بسبب «إساءاته المتكررة» في خطوة، ردّ عليها بطرد القائم بأعمال سفارة الأردن في دمشق.

منع عربي ودولي

وبينما قررت دول غربية وعربية منها فرنسا وبلجيكا وألمانيا والإمارات وقطر عدم السماح للسوريين بالاقتراع ، تمكن المقيمون في إيران وروسيا والصين والسودان والهند وماليزيا وبيلاروسيا ونحو 30 بلداً آخر من التصويت في هذا الاستحقاق الذي ينافس فيه الأسد مرشحين لا ثقل لهما، هما عضو مجلس الشعب المستقل ماهر الحجار، ورجل الأعمال حسن النوري الذي ينتمي إلى تيار معارض مقبول من السلطة.

تمديد التصويت

وأمام الإقبال، الذي قالت وكالة الأنباء السورية «سانا» إنه كثيف وشديد جدا على صناديق الاقتراع، خصوصاً في العراق والجزائر وموريتانيا وبعض الدول الأوروبية كإسبانيا ورومانيا والنمسا والسويد، قررت اللجنة القضائية العليا للانتخابات تمديد فترة الانتخابات خمس ساعات في جميع السفارات السورية التي تجرى فيها الانتخابات.

الولاية الثالثة

وفي الداخل، تستعد المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام لإعادة انتخاب الأسد لولاية رئاسية ثالثة تمتد مبدئياً إلى سبع سنوات.

وسيجري الاقتراع في نحو أربعين في المئة من الاراضي السورية حيث يقطن نحو ستين في المئة من السكان، بحسب الباحث الفرنسي الخبير في الشأن السوري فابريس بالانش.

ولم يترشح أي من المعارضين للانتخابات التي تعد نظرياً «أول انتخابات تعددية» منذ نصف قرن في سورية، لأنهم ممنوعون بموجب قانون الانتخاب الذي يشترط إقامة المرشح في سورية بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية، وحصوله على دعم 35 عضواً في مجلس الشعب، الذي يسيطر عليه حزب البعث الحاكم.

بيان «الداخلية»

ودعي الى الاقتراع، نظرياً، كل سوري يبلغ من العمر 18 عاماً وما فوق، ومنهم سبعة ملايين شخص نزحوا من أماكن سكنهم بسبب النزاع الى مناطق أخرى داخل البلاد، والثلاثة ملايين الذين لجأوا الى خارجها. وقالت وزارة الداخلية السورية، في بيان أمس، إن عدد الناخبين الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات المقررة في الثالث من يونيو، «بلغ 15 مليونا و845 ألفاً و575 ناخباً داخل أراضي الجمهورية العربية السورية وخارجها».

وكشف بيان الوزارة أن عدد المراكز الانتخابية المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية بلغت 9601 مركز انتخابي تضم 11776 صندوقاً موزعاً على جميع محافظات الجمهورية، داعية السوريين للمشاركة في الاقتراع «وتحمل مسؤولياتهم الوطنية واختيار مرشحهم بكل حرية وديمقراطية، والعمل سوياً على إنجاح هذا الاستحقاق من أجل مستقبل سورية ووحدتها واستقلال قرارها».

استثناء الرقة

وأكد الناطق باسم المحكمة الدستورية العليا ماجد خضرة، لوكالة فرانس برس، أن «الانتخابات ستجرى في جميع المدن السورية باستثناء الرقة (شمال)» التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)، ملمحاً إلى أنه لن تكون هناك مراكز انتخابية في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في حلب (شمال) ودير الزور (شرق) وغيرها.

(دمشق، بيروت، عمان، موسكو، واشنطن- د ب أ، أ ف ب، رويترز، كونا)