تسوية قضائية تكافئ «جي بي مورغان» على إخفاقاته!

نشر في 02-11-2013 | 00:01
آخر تحديث 02-11-2013 | 00:01
No Image Caption
ذكرت دعاوى قضائية طرحها المنظمون، نيابة عن فاني ماي وفريدي ماك، قبل أكثر من سنتين ضد بنك جي بي مورغان وغيره من البنوك، أن «جي بي مورغان» وآخرين ضمنوا سندات رهن عقاري اشتملت على قروض تتجاوز في خطورتها حدود تصريحات البنوك.
لا تحزن لحال بنك جي بي مورغان، فقد ترفع التسوية الأخيرة التي أعلنت الجمعة الماضي أرباحه بنحو 1.1 مليار دولار. المبلغ ليس واضحاً بدقة، لكن المهم أن هذا التحسن قد يمتد على مدى السنة المقبلة أو ما يقاربها. ولكن حقيقة ان بنك جي بي مورغان تمكن من تحقيق مكاسب من العقوبات الناجمة عن سوء تصرفاته خلال فقاعة القطاع العقاري السكني هي معلم آخر في حسابات البنك.

كيف تحقق ذلك؟

انطوى اتفاق يوم الجمعة حول مسألة الخمسة مليارات دولار على جزئين، تمثل الأول في تسوية دعوى قضائية طرحها المنظمون نيابة عن فاني ماي وفريدي ماك قبل أكثر من سنتين ضد بنك جي بي مورغان وغيره من البنوك. وقالت الدعاوى إن بنك جي بي مورغان وآخرين ضمنوا سندات رهن عقاري اشتملت على قروض تتجاوز في خطورتها حدود تصريحات البنوك، وقد اشترت فاني وفريدي السندات، مع مستثمرين آخرين، وخسروا الأموال.

ويدفع بنك جي بي مورغان 4 مليارات دولار من أجل تسوية المطالب التي تقول إنه، مع بير ستيرنز وواشنطن ميوتشوال، التي اشتراها جي بي مورغان في سنة 2008، مسؤولة بشكل جزئي عن بعض الخسائر في تلك السندات.

قد يبدو ذلك صحيحا. وكان المبلغ أقل كثيرا مما خسرته فاني وفريدي في تلك الصفقات العاثرة. ولكن فاني وفريدي تتشاطران بعض المسؤولية أيضاً. والأكثر من ذلك، كان المبلغ متماشيا مع ما كانت البنوك الاخرى تدفعه من أجل تسوية دعاوى قضائية مماثلة.

لكن الاتفاق اشتمل أيضا على دفعة ذات علاقة بقروض رهونات عقارية قدمها بنك جي بي مورغان وبير ستيرنز الى فاني وفريدي من أجل التأمين قبيل أزمة المساكن. ولم يكن بالإمكان تحمل العديد من تلك القروض التي انتهت الى تخلف عن السداد. وخاضت فاني وفريدي معركة مع جي بي مورغان والبنوك الاخرى حول كمية الخسائر التي يتعين على الحكومة تحملها وكم من المبالغ يجب إعادتها الى البنوك. وقد وصلت تكلفة تسوية حل كل تلك المطالب المتنازع عليها في الفترة بين 2000 و2008 بالنسبة الى بنك جي بي مورغان الى 1.1 مليار دولار.

اتفاق جيد

قد يبدو ذلك اتفاقا جيدا بصورة استثنائية –وهو يقل كثيرا عن المبالغ التي دفعتها بنوك اخرى. وعلى سبيل المثال دفع بنك اوف أميركا في وقت سابق من هذه السنة 10.4 مليارات دولار- بما في ذلك دفعة بلغت حوالي 7 مليارات دولار على شكل قروض، من أجل تسوية نزاعاته حول قروض ضمنتها فاني خلال الفترة ذاتها. وكان ذلك الى جانب تسوية بقيمة 1.4 مليار دولار توصل البنك اليها مع فاني في الأساس. وفي مطلع أكتوبر دفعت ولز فارغو 900 مليون دولار لكن تلك الصفقة شملت فقط رهونات عقارية ضمنتها فريدي. ولايزال على ولز فارغو التوصل الى تسوية مع فاني.

لكن ربما كان الدليل الأفضل على ان الاتفاق كان ملائما جدا بشكل خاص بالنسبة الى البنك قد صدر عن جي بي مورغان نفسه. وفي نهاية شهر سبتمبر أشارت تقديرات البنك الى أن التسوية مع فاني وفريدي حول مسؤوليته ازاء إعادة الشراء يمكن أن تكلف البنك 2.2 مليار دولار، ومن هنا يأتي المكسب المتمثل في 1.1 مليار دولار.

يذكر ان البنوك عندما تعمد الى تقدير خسائرها يتعين عليها أن تخصص كمية من المال لذلك الغرض، وهو أمر يدخل في ما يدعى الاحتياطيات، ويتعين على البنوك تحقيق رسوم لدى قيامها بذلك. لكن عندما لا يحتاج البنك الى كل الأموال التي خصصها لهذه الخسارة فإن من المفترض أن يحل الاحتياطيات، وأي مبالغ نقدية تتحول عندئذ الى أرباح ما قبل الضرائب في البنك مباشرة.

ومن غير الواضح ما اذا كان بنك جي بي مورغان سيضيف 1.1 مليار دولار الى رصيده الأساسي، وقد امتنع عن التعليق حول ذلك.

تغطي الاحتياطيات تكلفة مطالبات اعادة مشتريات فاني وفريدي فقط، وتأتي شريحة الـ4 مليارات دولار في التسوية من الاحتياطي القانوني لبنك جي بي مورغان الذي رفعه البنك في الربع الأخير الى 23 مليار دولار. لكن احتياطي فاني وفريدي يغطي أيضا مطالبات اعادة الشراء التي جاءت بعد الأزمة المالية. ورغم ذلك كانت تلك القروض أقل إشكالا من تلك التي قدمت قبل الأزمة المالية، وفي السنة الماضية كانت نسبة 8 في المئة فقط من مطالبات إعادة الشراء كلها في بنك جي بي مورغان حول رهونات عقارية تم تقديمها بعد سنة 2008.

أكثر من مليار دولار

ومن الممكن ان يحقق بنك جي بي مورغان أكثر من مليار دولار، لأن مبلغ الـ1.1 مليار دولار، الذي سيدفعه بنك جي بي مورغان الى فاني وفريدي، مخصص لإعادة شراء قروض تخلف المقترضون عن سداد دفعة منها أو توقفوا عن السداد بصورة تامة.

وهذا لا يعني ان تلك القروض لا قيمة لها، وقد يعمد بعض اولئك المقترضين الى السداد من جديد، اما بأنفسهم أو بعد تحقيق تعديلات، ولايزال في الإمكان بيع المنازل التي تعرضت لحبس الرهن. والأكثر من ذلك، توجد صناديق تحوط اضافة الى مشترين مضطرين بسبب الديون سيسعدهم نقل تلك القروض من يد بنك جي بي مورغان لقاء ثمن معين. واستنادا الى التقديرات السابقة للبنك ربما يتمكن من تحقيق 151 مليون دولار عن طريق بيع القروض التي أعيد شراؤها.  

قد يفسر ذلك كله، بشكل جزئي على الأقل، سبب استمرار الارتفاع في سعر سهم بنك جي بي مورغان حتى مع ازدياد مشاكله القانونية. وبالنسبة الى البنك فإن عقوبة أعماله السابقة في مجال الرهن العقاري قد تغدو أقل إيلاماً مما تبدو عليه.   

* (مجلة فورتشين)

back to top