اتصل بي أحد الأصدقاء ليبدي استياءه من إحدى الروايات الجديدة لأحد الكُتاب الشباب، منزعجاً من الإباحية- برأيه- والتي أخذت حيزاً بين أسطر الرواية، مؤكداً من ناحيته أن أغلب جمهور هذا الكاتب من المراهقين أو صغار السن من الجنس الناعم، فكيف نسمح بوجود هذه الرواية؟ ويرى أنه يجب شن حملة مضادة عليها إعلامياً على الأقل.

Ad

كان جوابي لهذا الصديق منطلقاً من مبدأ آمنت به على الرغم من عدم استساغتي لمعظم ما يكتبه الجيل الجديد من الروائيين والكتاب، إلا أن حرية الاختيار خط أحمر "فاقع" وأذواق الناس تستحق الاحترام وإن لم تعجبنا.

فإن طالبنا بمنع هذه الكتب التي اعتبرها كتباً إباحية وتحتوي على الهابط من الأدب، لأعطينا الشرعية لمن منع "مدن الملح" لعبدالرحمن منيف على سبيل المثال أو لمَن منع كتب نصر حامد أبوزيد، أو لمَن منع آلاف الكتب الموضوعة في "اللستة" والموزعة على دور النشر، أما ما يقرأه صغار السن أو المراهقون، فهي مسؤوليتهم ومسؤولية أهاليهم لا نتدخل فيها، أما ما يقرأه الراشدون، فلا سلطان لنا عليهم ولا على عقولهم، وما يُمنع اليوم، بضغطة زر يُحمّل إلكترونياً على أجهزتنا غداً، أو يُطلب فيَصل إلى أبوابنا.

سألت أحد الكتاب المعتقين بالمعرض عن رأيه بظاهرة الكتاب الشباب، فحمّل دور النشر مسؤولية طباعة "ما هب ودب" من دون وضع معايير داخلية للجودة، مؤكداً أن من بين كل 100 كتاب لكُتّاب الجيل الجديد قد يكون هناك 3 كتب تستحق القراءة.

عن نفسي أنا مؤمن أن الوقت كفيل "بشخل" الكتّاب ليبقى القليل منهم في الأعلى ويسقط البقية مع مرور الزمن، ولا يعدو ما يحصل الآن إلا كونه "تسويقاً" ناجحاً، واندفاعاً جديداً يذكرنا باندفاعنا عندما أصبح لدينا "مليون سياسي" و"مليون معرض" و"مليون مشروع صغير" والآن "مليون كاتب"، وكل هذه الملايين يقف خلفها، شئنا أم أبينا، "مليون شاطر" يعرف ما يطلب السوق، فيقدم على عرضه، لكن لن يظل في النهاية إلا الكبار.