رغم ضيق مساحات الكتابة المسرحية في زمن غلبة الرواية والقصة، فإنه خاطر وأصدر مجموعته المسرحية «جزمة واحدة مليئة بالأحداث»، ليفاجأ بنفاد طبعاتها الثلاث في وقت قصير. يرفض الكاتب باسم شرف قولبة نفسه في نوع محدد من الأدب. يلقب نفسه بالكاتب غير ملحق باسمه أي تصنيف أدبي آخر، ويرفض أيضاً الوصفات الأدبية السهلة الجاهزة للفرقعة الإعلامية. كذلك يرفض الالتزام بشروط سوق النشر الأدبي. في الحوار التالي نتعرف إلى مسرحيته وأعماله ولاءاته.
صدرت لك أخيراً مجموعة مسرحية «جزمة واحدة مليئة بالأحداث». هل كنت تتوقع نجاحها ورواجها، خصوصاً أن مثل هذا النوع من الأدب لا يلقى الرواج أو القبول اللازمين عند المتلقي؟ لم أتوقع نجاح الكتاب خصوصاً أنه مسرحي، ففي مصر ليست النتائج بالمقدمات ولكنه التوفيق. طبعات الكتاب الثلاث كلها جاءت بالتوفيق، وثمة أعمال جيدة كثيرة ولم تحصل على النجاح المنتظر طبقاً لجودتها، فالكاتب يكتب ويخلص لعمله والنتائج والنجاح والرواج، ترتبط بالحظ.لماذا اخترت المسرح بالتحديد، هل تطمح في ملء الفراغ الموجود راهناً في كتابة الأعمال المسرحية في زمن الرواية؟منذ البداية وأنا لا أؤمن بالمقولات الجاهزة... ولا الأفكار المعلبة مثل {إحنا في عصر الرواية}، هذا كلام يخص البائعين فحسب. أما الكاتب فلا ينشغل بكل هذا بل الكتابة فحسب، ما يجعلنا نسأل سؤالا مهما جداً وهو: هل الأديب الذي لا يكتب الرواية لا ينشر ولا يكتب؟ فقد قررت الكتابة في ما أحب أن أكتب ولم يكن لدي أي رقيب ولا طرحت نفسي كسلعة مضمونة للبيع. أعبر عما أفكر به وما أشعر به في أي شكل أدبي ما دام يناسب أفكاري... وغير مشغول تماماً بتصنيف الأشكال الأدبية.لكن التزم بعض الكتاب الكبار بمتطلبات السوق... لماذا ينظر شباب الأدباء بتعال إلى هذا الأمر؟ثمة وصفات جاهزة {للفرقعة الإعلامية} لا تحتاج إلى مبدع أو عبقري. أخرج من معطفك شخصيات شاذة وأعلم جيداً أن القارئ سيترك كل ما قلته وسيركز تماماً معها. وإذا كنت تريد كتاباً للترجمة ثمة وصفة أخرى: أخرج من معطفك التخيلي شخصية جهادي عمل مع جماعات إرهابية ويحكي قصته مع الشيوخ. أعرف الوصفات ولكن ما يهمني أن أكتب كي أشعر يوماً أنني قد عشت.تستعد لنشر ديوان شعر بالفصحى، هل أنت روائي أم شاعر أم كاتب مسرحي، وفي أي الأجيال الشعرية تصنف نفسك؟أصنف نفسي كاتباً، غير ملحق بجوار اسمي أي لقب طبقاً للتصنيف الأدبي.تدرس في الورش الأدبية لصناعة السيناريو، هل ترى أن الورش الأدبية كفيلة بتقديم مبدعين حقيقيين؟تفك الورش الأدبية طلاسم اللعبة الفنية، ولكنها لن تقدم لك الفن على طبق من ذهب. تقدم لك أساسيات كتابة السيناريو، فإذا لم تكن لديك موهبة ستفشل وإذا كنت موهوباً واكتفيت بالأساسيات ستفشل وتتأخر كثيراً في تحقيق حلمك الفني.شاركت في تقديم أحد البرامج التلفزيونية. هل استفدت من التجربة على المستوى الأدبي؟أكذب لو قلت إنني استفدت منها في أي عمل أدبي أو حتى كروي... كانت تجربة لم أحبها كثيراً ولكني فعلتها للتجربة. أهوى الإذاعة أكثر من التلفزيون وأشعر بأنني كاتب وأديب وأنا أكتب وأقدم حلقات {توتيتين وبس} على إذاعة {هنا القاهرة}، خصوصاً أنه امتداد للبرنامج الشهير {كلمتين وبس} الذي كان يقدمه فؤاد المهندس. ومن المفارقة أن مقدم شارة البرنامج هو الإعلامي الكبير صالح مهران الذي كان يقدِّم الشارة بصوته الشهير في {كلمتين وبس} بمشاركة الإعلامية الكبيرة بثينة كامل.الإذاعة خيال عظيم أقرب إلي من التلفزيون. بدأت في تقديم برنامج (x) على قناة اليوتيوب وهو ساخر. هل ترى أن هذا دورك كمثقف وأديب؟ليس بالضرورة أن يكون ذلك دور المثقف، لكنني سبق وأن قلت لك إنني أفعل ما أريده من دون أي تعقيدات، المهم عندي أن أقدم ما يحلو لي، وأن يتفاعل مع الجمهور، والحمد لله فقد حققت الحلقة الأولى {17 ألف و400} مشاهدة على اليوتيوب في أول ثلاثة أيام، ما يدل على نجاح البرنامج بشكل كبير.شاركت في كتابة ست كوم {تامر وشوقية} و{راجل وست ستات}، ما علاقة هذا بك كأديب؟أكتب الأدب وفقاً لشروطي وحدي ولكن عملي كسيناريست تتدخل فيه مقومات السوق لأنها مهنتي التي استرزق منها وأشتري من خلالها الثلاجة والجرائد... ولا بد من أن أكتب لأعيش كمواطن صالح يأكل اللحم مرتين في الأسبوع ويذهب لزيارة العائلة حاملاً الفاكهة الطازجة. لن أحصل على هذا وأنا أديب ولكن سأحصل على هذا وأنا سيناريست. وهذا ليس عيباً. الكاتب العبثي صمويل بيكت كان يكتب مسلسلات إذاعية كي يسترزق، وماركيز كان يكتب مقالات ويدرس السيناريو. الأديب لا بد له من أن يعيش ويتربح من عمله كأي مهنة.لماذا لم نر ثورة أدبية موازية لثورتي 25 يناير أو 30 يونيو؟أعتقد أن الثورة الأدبية حدثت قبل ثورتي يناير و30 يونيو منذ ظهور المدونات واختلاط أنساب الأشكال الأدبية، والاطلاع على الفنون الجديدة والمتعددة، وسع أفق الكتابة فتشكلت أشكال ثورية في التعبير. وأعتقد أنها كانت السبب في الخروج إلى الميادين لأن أول ما أنتجته الثورة الأشعار والفنون والكلام.
توابل
باسم شرف: على الأديب أن يتعالى فوق الأحداث لا يعترف بمقولة «نحن في زمن الرواية»
27-08-2014