ما قل ودل: نعم لدستور مصر 2014 (3)

نشر في 12-01-2014
آخر تحديث 12-01-2014 | 00:01
 المستشار شفيق إمام تناولت في مقال الأحد الماضي أن المادة الثانية من دستور 2014 تطابقت وما نصت عليه المادة 212 من دستور 2012 من أن دين الدولة الإسلام والمبادئ العامة للشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.

إلا أن دستور 2014 كان موفقاً عندما ألغى ما ورد في دستور 2012 من تعريف مبادئ الشريعة في المادة 219 بأنها تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنّة والجماعة.

فصحح دستور 2014 الخطأ، الذي وقع فيه هذا التعريف المترهل بأن استبدل به، ما استقرت عليه أحكام المحكمة الدستورية العليا في مصر من تعريف لمبادئ الشريعة الإسلامية.

المقاصد الخاصة للجماعة

وقلت إن جماعة الإخوان كان لها مقاصدها الخاصة في هذا التعريف المترهل، هو أن تصبح المبادئ العامة للشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع.

ذلك أن طموح جماعة الإخوان في مصر ومقاصدها لم يكن ليقف عند النص الذي وضع في المادة الثانية من دستور 2012، لأن هذه المهمة سوف تكون مسؤولية السلطة التشريعية المنتخبة من الشعب، وجماعة الإخوان وغيرها من الجماعات الجهادية والتكفيرية وغيرها من جماعات خرجت أيضا من رحم جماعة الإخوان، يرفضون القوانين الوضعية، ويرون تطبيق شرع الله دون وسيط.

تطبيق شرع الله دون وساطة من تشريع وضعي

وقد كشف عن هذا الفكر مرشد الجماعة العام الأسبق في مصر- بعد المرحوم حسن البنا- وهو المرحوم المستشار حسن إسماعيل الهضيبي، عندما دعي إلى اجتماع اللجنة التشريعية بمجلس الشيوخ في يونيو 1948 لإبداء رأيه في مشروع القانون المدني.

وننقل ما قاله في اللجنة بالحرف الواحد في ما يلي:

حسن الهضيبي بك: أود أن أقول إن لي رأياً معيناً في المسألة برمتها، وليس في القانون المدني فقط. وهذا الرأي بمثابة اعتقاد لدي لا يتغير وأرجو أن ألقى الله عليه. إنني لم أتعرض للقانون المدني باعتراض أو بنشر وأنا لم أقل شيئا يتعلق بمضمونه من رأيي إلا أناقشه.

والذي قلته أنا في تصحيح الرأي الذي نشره صادق بك، هو اعتقادي أن التشريع في بلادنا كلها وفي حياتنا جميعا يجب أن يكون قائما على أحكام القرآن، وإذا قلت القرآن فإني أعني كذلك بطبيعة الحال سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن طاعته من طاعة الله.

حضرة الشيخ المحترم جمال الدين أباظة بك: يقصد سعادة حسن الهضيبي بك القرآن والحديث؟

حسن الضيبى بك: نعم يجب أن يكون هذان المصدران هما المصدران لكل تشريع فإذا ما أردنا أن نأخذ شيئا من التشريعات أو النظم الأجنبية فيجب أن نردها أولا إلى هذين المصدرين، "وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله"، فإذا كان هذا التقنين صادراً عن أحكام القرآن والسنّة كان بها وإلا فيجب أن نرفضه رفضا باتا، ونرد أنفسنا إلى الحدود التى أمر الله بها.

حضرة الشيخ المحترم جمال الدين أباظة بك: وإن سكت عنه؟

حسن الهضيبي بك: الأمور في الشريعة، أمر ونهي وعفو "فما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". أما العفو فهو من الأمور المباحة التي يمكن لولي الأمر أن يصرفها كما يشاء على ما تقضي به المصلحة.

من أجل هذا لن أشترك في مناقشة مشروع القانون المدني موضوعاً، ومن رأيي أن يصدر كيفما يكون، لأني شخصيا أعتقد أنه ما دام غير مبني على الأساس الذي ذكرته والذي أدين به فخطؤه وصوابه عندي سيان.

الرئيس: لا شك أن كل تشريع يمكن أن يوجه إليه كثير من النقد غير المحدد، ونحن هنا هيئة تشريعية قدم إلينا مشروع قانون فاجتهدنا في بحثه، ونريد الآن أن نسمع الانتقادات التي وجهت إلى تقرير اللجنة التشريعية.

حسن الهضيبي بك: لقد ذكرت منذ لحظة أن خطأ هذا المشروع وصوابه عندي سيان.

الحاكم مفوض في تصريف أمور الرعية:

ويبين من هذا الحوار أن الآراء الرئيسة التي طرحها السيد المستشار المرشد العام الأسبق تدور حول ثوابت ثلاثة يرجو أن يلقى الله عليها هي:

1- أن أي تشريع يجب أن يكون قائماً على أحكام القرآن والسنّة.

2- أن الأمور في الشريعة أمر ونهي وعفو، وأن ما سكت عنه الشرع ممثلا في القرآن والسنّة، هو من الأمور المباحة.

3- أن الأمور المباحة، يمكن لولي الأمر أن يصرفها كما يشاء على ما تقضي به المصلحة.

أي أن الحاكم مفوض في تصريف أمور الرعية، بما يرى فيه مصلحة، في كل حالة على حدة، وليس بتشريع يضع قواعد عامة ومجردة، ومعنى هذا إطلاق سلطة ولي الأمر في تصريف أمور الرعية كيفما شاء، بما يهدم مبدأ سيادة القانون، وبما يؤدي إلى الجمع بين كل السلطات بما في ذلك سلطة التشريع في يد الحاكم الفرد، وبما يؤدي إلى الاستبداد.

back to top