لا يمكن لدولة القانون أن تنهض ويرتفع مقامها دون أن يأتي مشرعها وقضاؤها إلى وضع حد للعيوب القانونية والتشريعية التي تشوهها، ودون تشريع عادل أو قضاء مصوب لأخطاء السلطتين التشريعية والتنفيذية لا يمكن الوصول إلى مبادئ العدالة والمساواة التي كفلهما الدستور الكويتي ومن قبله الشريعة الإسلامية!

Ad

لم يعد ممكنا على المشرع الكويتي أن يصمت أكثر على جملة من التشريعات المخالفة للدستور دون أن يتحرك شبرا واحدا لمراجعتها والعمل على استبدالها بنصوص تتوافق مع أحكام الدستور وقواعده وتحترم مبادئه، وبات تطبيقها يوما بعد يوم عائقا في إثبات براءته أو خلو ساحته من أي مبالغ مطالب بها دون وجه حق، فحرمان مواطن من الطعن على الأحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة في الأحكام الصادرة بإغلاق منشآته التجارية أو الصناعية أو حتى بمصادرة أمواله أو منقولاته أو بإزالة المباني المخالفة أو بتغريمه بمبالغ مالية قد تصل إلى 100 ألف دينار، بينما يسمح له بالطعن فقط بالتمييز على الأحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة إذا كانت الأحكام صادرة بالحبس، هو أكبر دليل على إخلال المشرع بقواعد العدالة التي كفلها الدستور للمواطن!

فمصادرة المركبة أو إغلاق المنشأة أو إزالة المباني المخالفة أو الحكم بالغرامات البسيطة أو المرتفعة هو أعظم في كثير من الأحكام من عقوبة الحبس، وكان يتعين على المشرع أن يسمح للمتقاضي بأن يطعن على الأحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة، أيا ما كانت أمام دائرة جنح التمييز، من دون تمييز بنوعية العقوبة الصادرة، بينما يسمح للطعن على الأحكام الصادرة بالغرامة على الصحافيين مثلا أمام محكمة التمييز!

وفي الأحكام الصادرة من دائرة الإيجارات، وتحديدا الغيابية، بالإخلاء والإلزام بسداد الأجرة المتأخرة لماذا يلزم المتقاضي عند الاستئناف بسداد الإيجارات المحكوم بها حتى يستأنف، في حين أنه يتعين عليه أن يستأنف دون قيود مالية كإيداع الأجرة المحكوم بها، كما يتعين على المشرع أن يسمح له بالاستشكال على أحكام الايجارات بنفسه، ولماذا يسمح للغير بالاستشكال في قضايا الإيجارات لوقف نفاذها، فإن كان لا يوجد بعقد الإيجار إلا المستأجر المحكوم عليه بسداد الأجرة والمالك رافع الدعوى، فمن أين يأتي بالغير وهل سيتم استئجاره مثلا أم سيقبل أصلا استشكاله، وهو لا صفة له لا بعقد الإيجار أو بالعلاقة الإيجارية التي تمت، فأي تخبط تشريعي نعيشه!

ليست وحدها تلك من مصائب التشريعات، بل تمتد تلك المصائب لتشريعات أخرى كقانون إنشاء المحكمة الدستورية، الذي يحرم المتقاضي العادي من اللجوء مباشرة إلى المحكمة الدستورية، ويلزمه باللجوء إلى القضاء العادي والدفع بعدم دستورية قانون، ووصوله إلى المحكمة الدستورية بيد تلك المحكمة، فإن اقتنعت بالدفع الدستوري أحالت الدعوى وإن لم تقتنع رفضته، ويسمح في المقابل لمجلس الأمة والحكومة بالطعن المباشر على دستورية القوانين واللوائح!

وفي قانون إنشاء محكمة الوزراء يحرم مقدم البلاغ من التظلم من قرارات لجنة التحقيق الدائمة بحفظ البلاغات المقدمة ضد الوزراء، رغم سماح قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية بالتظلم على قرارات الحفظ في قضايا جنح السرقة والضرب وهي جنح عادية، بينما لا يسمح قانون إنشاء محكمة الوزراء بالتظلم من قرارات لجنة التحقيق بحفظ بلاغ عن وزير متهم باختلاسات ملايين الدنانير!