«حركة الإصلاح في التراث الإسلامي»... دين التزام وتطوّر
صدر أخيراً كتاب {حركة الإصلاح في التراث الإسلامي} في القاهرة، وتمت مناقشته في قاعة طه حسين في المركز القومي للترجمة، بحضور مؤلفه شارل سان برو والمترجم أسامة نبيل.
يقدم كتاب {حركة الإصلاح في التراث الإسلامي} موضوعاً يكتسب أهمية كبرى عندما نضعه في سياق ما يحدث في مصر اليوم، إذ يؤكد الكاتب كيف أن الإسلام دين التزام وتطور، وأن التوحيد جاء لينقل البشر إلى مرتبة أسمى وأعلى وليس العكس، وأن ما يفعله مدّعو الإسلام يصب في إطار الأفكار السائدة التي يصنعها أعداؤه مستهزئين بالإسلام والمسلمين.يسعى المؤلف إلى توضيح كيف أن الاجتهادات المغلوطة التي يقدمها بعض من يحسبون على علماء المسلمين، تؤثر سلباً على صورة الإسلام في الغرب، وأن السلفية الصحيحة لا تعني الركود والجمود الفكري، بل التمسك بالأصول والمبادئ الرئيسة للإسلام وسماحته.
تصحيح نظرة الغربيتكون الكتاب من 191 صفحة موزعة على ثلاثة أجزاء وخاتمة. في مقدمة الكتاب يعلن المؤلف، بمنتهى الصراحة، الخطأ الجسيم الذي وقع فيه الفكر الأوروبي بشأن ربط تراجع المجتمعات الإسلامية بجمود الإسلام، وتعجب بسخرية من الموقف الغربي من الإسلام، والمبني على أسس وتفسيرات سطحية، لذا تبنى قضية كبيرة ومهمة، ألا وهي أن الإسلام دين تطور وإصلاح، ولأن الإسلام دين ودنيا فهو يهتم ليس بالعبادات فحسب إنما بالمعاملات.في الجزء الأول من الكتاب يقدم المؤلف تعريفاَ دقيقاً لمعنى الإصلاح وعلاقته بالفكر السلفي، ثم يتحدث في الجزء الثاني باستفاضة عن الحركة الإصلاحية في التاريخ الإسلامي منذ بداية تأسيس الدولة العثمانية حتى العصر الحديث، وكان من الطبيعي أن يتحدث المؤلف في الجزء الثالث والأخير عن الإسلام وتحديات العصر والعالم الغربي، وكرس مساحة كبيرة من هذا الجزء لتاريخ الجماعات الإسلامية، على رأسها جماعة {الإخوان المسلمين} التي تأسست في مصر في الثلاثينيات من القرن الماضي، ويظهر المؤلف كيف تحوّل الحلم بالمدينة الفاضلة من المثالية إلى الثورية، وأبرز التعارض بين الفكر الإصلاحي السلفي وفكر {الإخوان المسلمين} الثوري، مؤكداً أنهم لم يأتوا بجديد على المستوى الديني بل ركزوا على العمل السياسي. بحسب المؤلف، لا وجود للدولة الدينية في الإسلام، لأن الإسلام يهتم بالسياسة التي تنظم المجتمع بطريقة لا تتعارض مع المبادئ الأساسية للدين وتهدف إلى تماسك المجتمع والتعايش السلمي، ويختتم كتابه بضرورة أن يعتمد المسلمون في العصر الحاضر والمستقبل على الاجتهاد لتحقيق التقدم والتجديد والعدالة الاجتماعية.وجهة نظر الآخر يؤكد مترجم الكتاب الدكتور أسامة نبيل أن هذا الكتاب سيضيف جديداً إلى القارئ العربي ليس بغرض الاطلاع على آخر ما كتبه الغرب عن الثقافة الإسلامية والعالم الإسلامي فحسب، بل للتعرف إلى وجهة نظر الآخر المتعددة عن الإسلام والمسلمين، فعندما يصحح مفكر كبير ورجل قانون وأستاذ جامعي مثل شارل سان برو المفاهيم الإسلامية عند الغرب، سيكون حديثه مقبولا لدى الغرب لأنه يمثل ثقافتهم، ولأنه حاول أن يكون موضوعياً وعادلا.المؤلف شارل سان برو، مدير مرصد الدراسات الجغرافية السياسية في باريس، وباحث في مركز موريس هوريو بكلية الحقوق بباريس، وأستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة أوبرتا بإسبانيا، كتب مؤلفات عدة في مجال الإسلام والعالم العربي، وترجمت أعماله إلى لغات أجنبية.الدكتور أسامة نبيل، أستاذ الأدب الفرانكفوني والمقارن في جامعة الأزهر، وأستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة أوبرتا بإسبانيا وجامعة ستراسبورغ بفرنسا، أصدر بحوثاً بالفرنسية في مجال النقد الأدبي والمسرحي والترجمة الدينية، عميد المعهد العالي للغات والترجمة بالسادس من أكتوبر، ورئيس قسم اللغة الفرنسية والدراسات الإسلامية في كلية اللغات والترجمة في جامعة الأزهر.