تونس تنجح بامتياز في رحلة العبور إلى «الديمقراطية»

نشر في 28-01-2014 | 00:01
آخر تحديث 28-01-2014 | 00:01
No Image Caption
إقرار دستور ليبرالي توافقي ... وإعلان حكومة غير حزبية تمهيداً لانتخابات عامة

صادق الرئيس التونسي المنصف المرزوقي أمس على الدستور الجديد الذي وصف بالتوافقي والليبرالي بعد موافقة المجلس التأسيسي عليه مساء الأحد بأغلبية ساحقة، فيما تقدم رئيس الحكومة المكلف مهدي جمعة إلى المرزوقي بتشكيلة جديدة لحكومة غير حزبية تحل محل حكومة حركة النهضة الإسلامية.
خطت تونس أمس خطوتين في غاية الأهمية على مسارين مختلفين نحو التحول الديمقراطي، في الأولى نجحت القوى والتيارات السياسية على اختلاف انتماءاتها في أن تصادق على دستور توافقي تأخرت كتابته عامين عن الموعد المتفق عليه، وفي الثانية قدم رئيس الحكومة المكلف مهدي جمعة تشكيلة غير حزبية تحل محل حكومة حركة النهضة الإسلامية وتسير البلاد لحين إجراء انتخابات عامة، فيما يبدو أنه خروج من عنق الزجاجة للبلاد التي كانت مهد «الربيع العربي».

ووقع أمس على الدستور الجديد، الذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي «البرلمان» بأغلبية ساحقة، رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر ورئيس الحكومة المستقيلة علي العريض.

وقال الرئيس التونسي قبل التوقيع في خطاب توجه به إلى أعضاء البرلمان إن المصادقة على هذا النص تمثل «انتصارا» للشعب لكن «الطريق مازالت طويلة، ومازال أمامنا الكثير والكثير من العمل لتصبح قيم الدستور جزءا من ثقافتنا».

وسينشر الدستور بعد توقيعه في الجريدة الرسمية للبلاد على أن يدخل حيز التنفيذ تدريجيا في انتظار انتخاب برلمان ورئيس جديدين.

وليل الأحد- الاثنين صوت مئتان من أصل 216 نائبا شاركوا في عملية الاقتراع، بـ»نعم» على الدستور المكون من ديباجة و149 فصلا، في حين صوت ضده 12 نائبا وامتنع أربعة نواب عن التصويت، ويعد هذا الدستور الثاني في تاريخ تونس منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956.

وعقب الموافقة على الدستور رفع النواب أعلام تونس بينما كان البعض منهم يذرف الدموع فرحا وتبادل النواب التهاني بينما علت الزغاريد في أجواء مؤثرة، وردد النواب النشيد التونسي قبل أن يرددوا شعار «أوفياء أوفياء لدماء الشهداء».

وينظر خبراء ودبلوماسيون غربيون إلى الدستور الجديد على أنه «دستور ليبرالي». وتنازل الإسلاميون الذين يسيطرون على أغلب مقاعد المجلس التأسيسي في تونس عن اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع.

وتضمن البند السادس النص على حرية الضمير والمعتقد وأن الدولة تسعى للتصدي لدعوات التكفير وحماية المقدسات وهو بند توافقي بين الإسلاميين والمعارضة، وقال زعيم حركة النهضة الإسلامية للصحافيين «الله وفق شعبنا الذي قام بثورة أنارت العالم إنها لحظات تاريخية بالوصول إلى دستور توافقي بين التونسيين، هذا الدستور له مذاق خاص للذين تعرضوا للاضطهاد والتعذيب وناضلوا ضد الديكتاتورية».

ويبدو طريق تونس نحو الديمقراطية أكثر ثباتا مقارنة بباقي بلدان الربيع العربي مصر وليبيا واليمن وسورية. وسيعوض هذا الدستور دستور سنة 1959 الذي تم تعليق العمل به بعد الإطاحة في 14 يناير 2011 بنظام بن علي.

وفي وقت سابق، أعلن المهندس مهدي جمعة تشكيل حكومته المستقلة التي ستحل بدل حكومة الإسلاميين وتتضمن 21 وزيرا و7 كتاب دولة «وزراء دولة». وأبقى جمعة في حكومته على لطفي بن جدو وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة، رغم اعتراض أحزاب المعارضة، وأسند حقيبة الدفاع إلى القاضي غازي الجريبي الرئيس السابق للمحكمة الإدارية.

وقال جمعة في المؤتمر الصحافي «الحكومة شكلتها على أساس 3 معايير هي الاستقلالية والكفاءة والنزاهة» مضيفا أن فريقه الحكومي يضم «أحسن الكفاءات».

وتعهد جمعة بتطبيق «كل ما جاء في خارطة الطريق» التي طرحتها المركزية النقابية في 17 سبتمبر 2013 لإخراج البلاد من الأزمة السياسية الحادة التي فجرها اغتيال المعارضيْن شكري بلعيد ومحمد البراهمي وقتل عناصر الجيش والأمن.

وحكومة جمعة مطالبة بحسب نص «المبادرة» بـ»إشاعة مناخ من الأمن والثقة والاطمئنان لدى المواطنين بما يمكّن من إجراء انتخابات شفّافة حرّة وفي ظروف عادية وملائمة»، كما يتعين عليها «حلّ ما يسمى روابط حماية الثورة ومتابعة من اقترف منهم جرما أو اعتداء».

وتقول المعارضة والمركزية النقابية إن هذه الروابط المحسوبة على حركة النهضة الإسلامية هي «ميليشيات إجرامية» تحركها حركة النهضة ضد معارضيها في حين تنفي الحركة ذلك.

وعلى الحكومة أيضا «إيجاد آليات لتحييد الإدارة والمؤسسات التربوية والجامعية والفضاءات الثقافية ودور العبادة والنأي بها عن كل توظيف وعن السجالات السياسية والتجاذبات الحزبية وسنّ قوانين رادعة تحقق هذه الغايات».

(تونس - أ ف ب، رويترز)

back to top