إن إضراب «التأمينات» لا يكشف لنا فشل الإدارة العليا للمؤسسة وتعنت الحكومة وعدم اهتمامها بالمتقاعدين فقط، بل يكشف أيضا غياب صوت المتقاعدين (عددهم يفوق الأربعين ألفاً) بالرغم من أنهم هم الذين «يملكون» المؤسسة، وهو ما سبق أن تطرقنا إليه في هذه الزاوية، فإيراداتها تأتي في الأساس من أموال المتقاعدين الذين من حقهم أن يعرفوا الطريقة التي تدار فيها أموالهم وأين تُوجّه؟

Ad

الإضراب الشامل الذي نفذه العاملون في مؤسسة التأمينات الاجتماعية للمطالبة بحقوقهم الوظيفية المستحقة ما زال مستمراً للأسبوع الرابع على التوالي، بعد رفض الإدراة العليا تلبية مطالبهم المشروعة، مسجلاً بذلك أطول إضراب شامل في تاريخ الكويت.

 فتعنت الحكومة وعدم استجابة الإدارة العليا للمطالب المستحقة للعاملين في "التأمينات" قد يفسران في جانب منهما بعدم اهتمام الحكومة ولا مبالاتها بالمتقاعدين الذين لا صوت لهم حالياً، وبالتالي لا يشكلون عامل ضغط سواء على الحكومة أو على المجلس، حيث نتذكر جميعنا سرعة استجابة الحكومة لمطالب العاملين المتعلقة بالكوادر والحقوق الوظيفية في كل من القطاع النفطي ومؤسسة الخطوط الجوية بمجرد التلويح بالإضراب، وذلك بسبب المصالح المتشابكة التي يمثلها كل منهما، وكذلك الحال عندما بدأ العاملون في الإدارة العامة للجمارك بتنفيذ إضرابهم الشامل الذي لم يستمر سوى أيام معدودة، تعهدت الحكومة خلالها بتحقيق مطالبهم المستحقة.

 لهذا فإن إضراب "التأمينات" لا يكشف لنا فشل الإدارة العليا للمؤسسة وتعنت الحكومة وعدم اهتمامها بالمتقاعدين فقط، بل يكشف أيضا غياب صوت المتقاعدين (عددهم يفوق الأربعين ألفاً) بالرغم من أنهم هم الذين "يملكون" المؤسسة، وهو ما سبق أن تطرقنا إليه في هذه الزاوية، فإيراداتها تأتي في الأساس من أموال المتقاعدين الذين من حقهم أن يعرفوا الطريقة التي تدار فيها أموالهم وأين تُوجّه؟

 في الدول المتقدمة تكون هناك عادة جمعية أو نقابة أو منظمة تمثل المتقاعدين في مجلس إدارة "التأمينات" وتدافع عن مصالحهم، وتحمي أموالهم من الهدر وسوء الاستخدام من ناحية، وتوفر لهم خدمات ترفيهية وسياحية وطبية ودورات تدريبية تناسب أعمارهم، وتساعدهم على مواجهة الحياة بعد التقاعد من الناحية الأخرى، كما توجد في بعض الدول المتقدمة أيضاً أحزاب تمثل المتقاعدين وتدافع عن حقوقهم ومصالحهم.

وفي هذا السياق نشدّ على أيادي العاملين في "التأمينات" ونحيّيهم مرة أخرى على دفاعهم عن حقوقهم وتمسكهم بمطالبهم المُستحقة التي لم تستجب لها إدارة المؤسسة رغم المطالبات السابقة والوعود المتكررة، كما نتمنى أن يبادر المتقاعدون بتنظيم أنفسهم والمطالبة بإشهار جمعية أو منظمة تهتمّ بشؤونهم وتدافع عن حقوقهم، ومن ضمنها حقهم في المشاركة في إدارة أموالهم ومراقبتها، حيث تتصرف فيها الحكومة الآن وتوجهها كيفما تشاء من دون حسيب أو رقيب.