تواجه هيئة مكافحة الفساد العديد من التحديات بمجرد نشر اللائحة التنفيذية للقانون، التي من المتوقع إقرارها قريبا، خصوصا أن الفقرة الثانية من المادة 31 من القانون تلزم كل المخاطبين، الذين يزيد عددهم على 7 آلاف مسؤول، بتقديم ذممهم المالية خلال سنة من النشر.

Ad

مع قرب اعتماد اللائحة التنفيذية للهيئة العامة لمكافحة الفساد، التي سيترتب عليها إدخال القانون حيز التنفيذ، تواجه الهيئة جملة من الصعوبات والتحديات لتنفيذ القانون وفق الإمكانات المتوفرة لها حاليا، إذ لا يمكنها ممارسة عملها إلا بعد سنتين أو أكثر، لما يستلزمه القانون من إنشاء العديد من الأجهزة الداخلية فيها، فضلا عن توفير الطاقات الإدارية المدربة على التنفيذ، الأمر الذي سيدخل الهيئة في حرج بسبب تأخرها في تطبيق القانون وتفعيل نصوصه.

وبينما ينص القانون على تحديد 13 فئة وفق المادة الثانية منه، إلا أن التفعيل يستلزم من الهيئة توفير عدد كبير من الموظفين المدربين على تطبيق القانون، موزعين على عدد من الإدارات أو القطاعات الداخلية، منها ما يتعلق بالحصول على إقرارات الذمة المالية ومتابعتها بحسب المواعيد التي ينص عليها القانون وفق المادة 31 منها، وإنشاء إدارة لتلقي البلاغات والشكاوى والتنسيق مع النيابة والأجهزة الأمنية، حسبما ينص القانون.

ومن الادارات ايضا إدارة أخرى لإبداء الرأي الفني والدراسات والاتفاقيات الخاصة بعمل الهيئة، وقطاع يختص بتدريب الموظفين، فقانون الهيئة يتطلب تعيين العديد من الموظفين من ذوي الخبرة والكفاءة القانونية لتفعيل نصوصه، ما يستوجب تدريبهم خصوصا في هذا المجال الحديث على التشريعات الكويتية بشكل عام.

تحديد الفئات

وحسبما تنص المادة 2 من قانون مكافحة الفساد بتحديد الفئات الخاضعة للقانون وضرورة تقديمها إقرارات بما في الذمة المالية خلال المواعيد التي حددتها المادة 31 بفقرتها الثانية، فإن أعضاء الحكومة ومن يحمل درجة وزير وأعضاء مجلسي الأمة والبلدي والقضاة وأعضاء النيابة العامة ومحامي إداراتي الفتوى والتشريع والإدارة القانونية في بلدية الكويت ومحققي الإدارة العامة للتحقيقات ورؤساء الهيئات الحكومية وكل القيادين في الدولة ورئيس ووكلاء وموظفي ديوان المحاسبة ورؤساء وأعضاء ومدريري الشركات الخاصة التي تساهم فيها الدولة بنسبة تزيد على 25% وأعضاء مجالس إدارات الجمعيات التعاونية والهيئات الرياضية ملزمون بتقديم إقرارات الذمة المالية بعد نشر اللائحة التنفيذية للقانون في الجريدة الرسمية خلال سنة.

وبحسب الأرقام التي حصلت عليها «الجريدة» فإن ما يزيد على 7 آلاف  مسؤول ملزمون بتقديم ذممهم المالية خلال سنة من نشر اللائحة التنفيذية، وإلا تعرضوا للمساءلة الجزائية والعقاب، وفق المادة 45 من القانون، بالحكم بالغرامة التي لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على 3000 دينار، وإذا تأخرت أكثر من 90 يوما من إنذاره يجوز للمحكمة عزله.

وإذا امتنع عن تقديم تحديث للإقرار السابق لما في الذمة لأكثر من 90 يوما وبعد إنذاره يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف ولا تزيد عن 10 آلاف، ويجوز للمحكمة عزله، وإذا لم يقدم الاقرار النهائي بعد تركه منصبه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 3 سنوات وغرامة لا تقل عن 3 آلاف ولا تزيد على 30 الفا أو بإحدى هاتين العقوبتين.

الخاضعون للرقابة

وبحسب الارقام التقريبية التي حصلت عليها «الجريدة» فإن الخاضعين لرقابة هيئة مكافحة الفساد يتنوعون بين 20 شخصية من رئيس الوزراء أو وزير أو الحاصلين على درجة وزير، و50 نائبا في مجلس الأمة، و16 في المجلس البلدي، و900 قاض ووكيل نيابة، و400 في إدارة الفتوى والتشريع، و207 في الإدارة القانونية ببلدية الكويت، و950 في الإدارة العامة للتحقيقات، و150 مسؤولا في الهيئات التي يصدر بها مرسوم، و2000 قيادي في كل الجهات والهيئات والمؤسسات الحكومية والوزارات بين وكلاء ووكلاء مساعدين ومديري إدارات، و200 موظف في ديوان المحاسبة، و150 مسؤولا في الشركات، و500 بين محكم ومصف وحارس قضائي ووكيل دائن، و567 عضوا في الجمعيات التعاونية، و517 في الهيئات الرياضية بين أندية واتحادات، و350 خبير في إدارة الخبراء بوزارة العدل، علاوة على بعض الشركات المملوكة للدولة بالكامل.

وهذا العدد الكبير، والمرشح للزيادة، من المسؤولين الخاضعين لتقديم ما في الذمة المالية، يستلزم علاوة على العدد الكبير من الموظفين إنشاء قطاعات داخلية في الهيئة، نظرا لتوسع القانون في تطبيق الرقابة، الأمر الذي يطرح تساؤلا مهما: هل ستستطيع الهيئة وفق إمكاناتها الحالية تطبيق نصوص القانون بعد نشر اللائحة خلال سنة؟

وهناك تساؤل آخر: هل ستنجح في إلزام الخاضعين بالحصول على إقرارات الذمة المالية لهم خلال فترة السنة، خاصة أن الخاضعين هم رئيس الوزراء والوزراء ورئيس مجلس الأمة والاعضاء ورئيس مجلس القضاء وأعضاؤه والقضاة وأعضاء النيابة العامة والمحققون ومحامو الفتوى والبلدية وغيرهم من الفئات الواردة بالمادة الثانية؟

تطبيق القانون

هذا فضلا عن أن تلك الجهات التي يتبعها هؤلاء المسؤولون لم تضع حتى الآن البنية الأولى نحو تطبيق هذا القانون، وعلى الأقل بتوفير إدارة أو قسم مهمته التعاون والتنسيق مع هيئة مكافحة الفساد لتمكينها من الحصول على الاقرارات، ومخاطبتها بأسماء هؤلاء المسؤولين ودرجاتهم، والمعينين الجدد منهم ومن انتهت خدماتهم لخضوعهم لتطبيق القانون وفق المادة 31 منه، التي تستلزم تقديم ثلاثة إقرارات: في بداية تسلمهم العمل، وبعد ثلاث سنوات، وبعد تركهم الوظيفة بـ90 يوما.

وبحسب توسع القانون وفق المادة 2 منه، فإن هيئة مكافحة الفساد مطالبة أيضا بمخاطبة العديد من الجهات الرسمية في الدولة، وهي الجهات التي ينتمي إليها الخاضعون، للتنسيق معها، لكنها ستواجه مشكلة على الأقل في أمر التنسيق مع بعض الخاضعين لتطبيق القانون أيضا، وتحديدا رؤساء وأعضاء ومديري الشركات التي تساهم فيها الدولة بنسبة تزيد على 25%، وكذلك اعضاء مجالس إدارة الجمعيات التعاونية والهيئات الرياضية بعد تحديد تعريف للهيئات الرياضية، فهل المقصود بها الاتحادات أم الأندية الرياضية أم الاثنان معا، وكذلك تحديد المحكمين والمصفين والحراس القضائيين، خصوصا أن هؤلاء مقيدون بجداول لدى المحاكم فكيف سيتم التنسيق معهم؟

صعوبات قانونية

ورغم الصعوبات التي تواجهها هيئة مكافحة الفساد نحو تطبيق قانون إنشائها فإن الهيئة تواجه صعوبات قانونية لما يتضمنه القانون من ثغرات ستستمح للمتهمين بالفرار، وتحديدا خلوه من تعريف جريمة الكسب غير المشروع، التي لم يحدد أركانها المادية أو المعنوية، وهو العيب الذي أشار إليه تقرير المجلس الأعلى للقضاء الأخير، والذي رفعه إلى مجلس الوزراء.

ومن الصعوبات القانونية ايضا التناقض الذي يتضمنه القانون من اشتراطه التفرغ للعاملين لدى الهيئة بينما يسمح بالندب من إحدى الجهات التي تشرف عليها الهيئة، كندب القضاة والعاملين الإداريين للعمل في الهيئة، رغم أن القانون يتطلب الكشف عن ذممهم المالية.

وتشمل الصعوبات كذلك خلو القانون من الكشف عن الذمم المالية لزوجة المسؤول الخاضع للقانون وأولاده البالغين، الأمر الذي سيسمح بتهريب الأموال إليهم، فضلا عن قصور القانون في عدم حمايته للمبلغ عن إحدى جرائم الفساد المنصوص عليها بالقانون إلا إذا كان بلاغه جديا.