لماذا أردت تصفية {مسرح الخليج}؟

Ad

سنة 1978، أي قبل وفاة صقر الرشود، أكملنا 15 عاماً من عمر فرقة {مسرح الخليج العربي}، واحتفلنا بهذه المناسبة، فقلت للرشود: يجب أن نصفي الفرقة ونحتفظ بهذا التاريخ والإنجازات الجميلة التي حققناها، وكل واحد ينصرف إلى طريقه وحاله.

لماذا اختيار هذا التوقيت بالذات؟

في ذلك الوقت بدأت الفرق تتفكك، {فرقة المسرح العربي} خرج منها عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وأسسا معاً المسرح الوطني كقطاع خاص، عائشة إبراهيم التي أسست {المسرح الحر}، خالد النفيسي وغانم الصالح، والأمر نفسه مع {فرقة المسرح الشعبي} عندما تركها عبدالرحمن الضويحي، ثم بدأ القلق والتوتر يحدث عندنا.

كيف كانت نظرتكم إلى المسرح الخاص؟

في ذاك الوقت تمسكنا بشكل الفرق الأهلية، لكن بنظرة عن بعد، أقول إننا كنا متزمتين، وكان ينبغي فعلاً أن يسير كل واحد بمشروعه الخاص، لأن الفرق الأهلية كانت مقيدة بأنظمة، إضافة إلى حكاية الانتخابات. أما التكوين الخاص، فأديره بالطريقة التي تحلو لي، واستقطب من أريد، برأيي هي خطوة صحيحة.

وما كان ردّ صقر الرشود؟

ضحك ولم يستجب للمقترح، وقال: ليس معقولاً أن نترك الفرقة بعد ما أسسناها وأصبح لها اسم عريق. خالفته وقلت له: يجب أن نسلمها إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وكل واحد يذهب حراً لحاله. ونحتفظ لها بهذا الكيان والإنجازات.

ماذا حدث بعد ذلك؟

بعد سنة 1978 بدأنا نسير في خط التراجع على المستويات كافة، صحيح أنه، في السنوات الأخيرة، برزت مجموعة من الشباب الموهوبين الجيدين وحصدوا الجوائز والتقدير والثناء، لكن لم تعد الفرق، بشكلها القديم، مفيدة وقادرة على المنافسة والعطاء مثلما كانت في السابق.

ما رأيك بالوضع الحالي للفرق الأهلية؟

يجب سنّ قوانين جديدة، وابتكار تفكير جديد بإيجاد فرق فاعلة، فلو نظرنا إلى وضعها الراهن، نلاحظ أنه لا توجد فرق، فهي تُدفع دفعاً كي تشارك في المهرجانات، أما بقية السنة فلا عمل لديها، ويتفرّغ الأعضاء للإذاعة والتلفزيون والإنتاج الخاص.

لماذا أسست {مسرح الجزيرة} كقطاع خاص؟

أسسته مع صقر الرشود، سنة 1976، لكن بعيداً عن موضوع المسرح، إذ تعاهدنا على عدم انتاج مسرحيات من خلاله، لأننا ضد الازدواجية، إما أن تكون مع فرقة {مسرح الخليج} أو خارجها، فأنتجنا دراما إذاعية وتلفزيونية، وركزنا على الإذاعة أكثر.

بعد وفاة الرشود في نهاية 1978 أضطررت لتصفية المكتب، وكانت عندنا شركتان: {الجزيرة} باسم أرملته كوننا موظفين وخصصت لنا أرضاً فقررنا حينها أن تكون لها، وهذا ما حصل فعلاً بعد وفاته، أما {الاتحاد} فباسمنا، وأردنا نقل كل ما أنتجناه عبر {الجزيزة} إليها، وأنتجنا بهذا الاسم، لكن قبل أن ننفذ كل ما خططنا له توفي الرشود.

لماذا توقفت عن العمل بعد رحيله؟

عندما تفتقد صديقاً وشريكاً بحجم صقر الرشود، من الصعب عليك التفكير بتعويضه أو باستئناف عملك، فقد أصبت بالألم والصدمة، وهو لم يكن شخصاً عادياً، بل فاعل وأساسي، كنت أتولى الأمور الإنتاجية وهو التسويق، ولا أحد يستطيع أن يقوم بذلك مثله، لأنه محبوب وصاحب حضور وغني بالعلاقات الواسعة في الكويت والخليج. برحيله فقدت التوازن وأصبحت قلقاً ومتوتراً على مدى سنوات، إلى درجة أنني امتنعت عن قيادة السيارة.

هل عرضت عليك الشراكة مع آخرين بعد رحيله؟

عرض علي ممولون كثر ذلك، طبعاً رفضت لأن صقر شخصية لا تعوّض، لذا فشلت في الاستمرار بهذا المشروع الذي كان ناجحاًً، عملنا سنتين ونصف السنة (1976 و1977 وجزء من 1978)، وبلغ ربحنا أكثر من 100 ألف دينار. تم توزيع 55 ألفاً لي ومثلها لورثة المرحوم.

إلامَ تعزو هذا المردود الكبير؟

إلى الأعمال الراقية والناجحة التي قدمناها من بينها: مسلسل {الإبريق المكسور} الذي لا يزال يعرض حتى الآن، {حيرة البداية}، {نقطة ضعف} و{الحظ والملايين}.

ماذا يعني لك الفنان الكبير محمد السريع؟

هو الصديق والأخ وابن العم وخال أولادي وزميل الكفاح في مسرح الخليج، صاحب ابتسامة وديعة محببة، وثالثنا ابن عمي عبدالرحمن السريع، لم نفترق حتى رحيله، كنا من جيل واحد وكان محمد أكثرنا مرحا وتواصلا مع الناس.

كيف كانت علاقته بالمسرح؟

عشق المسرح وأعطاه كل وقته، واقترب من الناس لأنه كان يحب التمثيل ويكره التصنع. يقلق ويبحث ويسأل ويناقش ويحاول حتى يعثر على أسلوب تقديم الشخصية التي يمثلها، فتراه يتقمص ويستبطن هذه الشخصية ويصير معها كتلة واحدة. كان تلقائياً وعفوياً فوصل إلى الناس بشكل مباشر، وأحب الجمهور فبادله حباً بحب.

كيف تقيّم موهبته في التأليف؟

إنه جملة من المواهب الطبيعية المدهشة، كان مؤلفاً رشيقاً يكتب حواراً قل نظيره، وقدم لـ«فرقة مسرح الخليج» وللمسرح في الكويت نماذج راقية للمسرح الكوميدي، لا ينسى الجمهور رائعتيه المدهشتين: «بخور أم جاسم» التي أبرزت نجومية محمد المنصور، و{مجنون سوسو» التي أبدعت فيها الفنانة هيفاء عادل بدور الزوجة ومحمد السريع بدور الرجل العجوز، وأحد أبرز تجليات التمثيل المتقن للزميلين سليمان الياسين وعبدالله الحبيل.

ماذا يعني تكريمك في «مهرجان المسرح العربي السادس» في الشارقة؟

لفتة كريمة، أن يتم تكريمي مع 22 كاتباً مبدعاً، فكل الشكر للهيئة العربية للمسرح ولـ «مهرجان المسرح العربي»، وقبل هذا وذاك، الشكر أولا وأخيراً لسمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة.