منظور آخر: علها تصل إلى كاظم الجماسي

نشر في 15-06-2014
آخر تحديث 15-06-2014 | 00:01
 أروى الوقيان لا أعرفك لكنك شغلت بالي منذ قرأت نعيك لنفسك، أهديك تحية لرهافة إحساسك ووداعك المؤلم، لم أعرفك قبل اليوم لكني شعرت بك كإنسان.

كاظم الجماسي أديب وقاص عراقي بلغ منه اليأس في بلده لأن يودع الصديقات والأصدقاء وهو على قيد الحياة، وذلك لأن أهل الطب الذين شخصوه كما جاء في نعيه "بسرطان رأس البنكرياس المتقدم الذي كشف عنه الرنين المغناطيسي بنحو واضح، ويمتاز تداخله الجراحي بتعقيد من الدرجة الأولى، ولا يتناسب ومقدراتنا الطبية المحلية، وبالتالي ليس من سبيل سوى طب الخارج المتقدم، وليس من سبيل إليه سوى المال، المال الذي فوق طاقة ظهري".

المرض قضاء وقدر لكن المؤلم هو أن القشة التي تجعل الإنسان يتمسك بالحياة تختفي وتكاد ألا تراها يا كاظم، فليجمع أهل الطب ولكن لا تفقد الأمل بهذه الحياة، وتمتع بهذه الشمس في صباح كل يوم، واستمتع بهذا الهواء الذي يلامس خدك اليوم.

كأس من الشاي برفقة الأحبة ودعاء صادق لله، ومحبة خالصة لك من قلوبنا سواء من تعرف عليك شخصياً أو ارتبط بك عبر أثير القلم.

حين قرأت رثاءك بدا لي هذا العالم صغيراً جداً لدرجة أن رثاءك كان تعويذتي التي أعيد قراءتها صباح مساء.

حياتك لا تبدو لي مزحة سمجة "كما وصفتها" بل هي قيمة مؤثرة لامست قلوبنا، حين عجز العراق أن يجد السلام في ظل هذه الحروب المتتالية ظل مبدعوها يصدحون وأنت واحد منهم، رثاؤك جعلني أتعاطف معك كإنسانة دون أي تحامل كويتي-عراقي نظراً لذكرى الغزو وخلافه، فتذكرت أنني من أسابيع حضرت حفلة لياس خضر، وكنت سعيدة جداً لدرجة أني وضعت مقتطفات منها في صفحتي في "إنستغرام" فهاجمتني إحدى معارفي بحجة كيف أن أستمتع بطرب عراقي وهناك غزو ماض منهم؟ أجبتها كيف لك أن تخلطي الفن بماض حدث وانتهى؟

الفن والإبداع سيجمعاننا في بحر الإنسانية، حيث ننسى خلافات الماضي وجشع الحكام الماضي عبره، ولكن في الحاضر لا أنكر أنني لا أتمنى للعراق سوى السلام، ولا أحمل أي ضغينة لأي شخص من أي جنسية، ولطالما آمنت أن الفن والإبداع والأدب هي الوجه الآخر للحب.

 وجدت في حروفك حزناً لإنسان فارق الحياة وهو على قيدها، وتمنيت لو أمكنني أن أودعك كصديقة عرفتك وتريد أن تحتسي معك قهوة وبضع كلمات لترفع قليلا من همتك.

ولأنني لم أعرفك سوى اليوم أقول: حياتك ليست سوى شمعة أنت ضوؤها.

قفلة:

لكل من يعرف كاظم الجماسي أمانة بأن يسعى أن تصله رسالتي، وإن لم تصل فإنه يكفيني قولا: نعيك أعاد الكثيرين منا إلى قيد الحياة.

back to top