تدل الإحصاءات الدولية الأخيرة أن أكثر من ثمانين مليون بشري منتشرين في شتى الأصقاع يعانون الأوجاع المزمنة والالتهابات في مفاصلهم، وهو رقم يزداد عاماً بعد عام. وبهدف التخلص من هذه الأوجاع يسعى هؤلاء إلى مختلف الوسائل الطبية، فمنهم من يلجأ إلى تناول الأدوية الكيماوية، ومنهم إلى المعالجة الفيزيائية، والبعض يقبلون بالعمل الجراحي، فيما ثمة آخرون يؤثرون تحمل الأوجاع.

Ad

إزاء هذا الوضع المستفحل للمرض لم يتمكن الطب الحديث من إيجاد العلاج الشافي، وواجهته معضلات جديدة بسبب الأعراض الجانبية التي أدت إلى ما لا يقل عن مئة ألف مريض يدخلون إلى المستشفيات ويموت منهم حوالى عشرين ألفاً سنوياً. فاتجهت الأنظار عند ذلك إلى مجالات التغذية والفيتامينات والعلاجات الطبيعية الفاعلة والآمنة والقيام بالتمارين الرياضية.

التهابات المفاصل

التهاب المفاصل داء يصيب الأنسجة الضامّة في الجسد فيسبب آلاماً مبرحة وتورماً وتراجعاً في قدرة الجسد على الحركة، إضافة إلى ارتفاع الحرارة أحياناً. هناك ما يفوق المئة نوع من هذا الداء، بعضها يترك آثاره على المفاصل والبعض الآخر يترك آثاره على كامل الجسم. وثمة شكلان رئيسان لالتهاب المفاصل: التكلس وهو الأكثر شيوعاً، والتهاب المفاصل الروماتيزمي أو الالتهابات الذاتية المناعة.

والواقع ان التهابات المفاصل تقع تحت هاتين الفئتين، إنما تختلف أعراض الواحد عن الآخر، وكذلك تأثيراته على الجسد والإنسان لكنهما يصيبان المسنين أكثر من غيرهم.

عمل المفاصل

التهاب المفاصل داء يصيب الأنسجة الضامّة كما ذكرنا، ولكن الجسد بأكمله يتألف من هذه الأنسجة، التي هي لفافات تمسك العضلات والأعضاء كلاً في موضعه وبالشكل المناسب. أما الأربطة فتصل العظام ببعضها البعض، وثمة وسائد تدعم الأعضاء والعظام، فيما تصل الأوتار العضلات بالعظام، وثمة أنسجة ضامة أخرى تدعى الغضاريف (جمع غضروف) وهي عبارة عن مادة سائلة زلالية دورها تشحيم المفاصل ومنع العظام من الاحتكاك ببعضها أثناء الحركة.

الأنسجة الضامة مصنوعة من جدائل بروتينية قاسية تدعى كولاجين وحين تمتزج بالكاربوهيدرات تتحول إلى ألياف كولاجينية تتألف منها الأربطة والأوتار واللفافات اللحمية.

أما الغضاريف فهي طبقة لزجة عالية الكثافة تشكل نوعاً من الوسائد للعظام بحيث تمنع الاحتكاك في ما بينها أثناء الحركة وهي قادرة على تحمل الضغوطات الكبيرة والتكيف مع نوع الحركة. ولكن بعد الضغوطات تعود هذه الغضاريف إلى شكلها الأساسي الذي كانت عليه. وليس في الغضاريف أي أوعية دموية، وهي تتغذى من السائل الذي يغطي أطراف العظام وإلا لما تمكنت من القيام بمهامها المطلوبة منها.

التهاب المفاصل العظمي

التكلس أكثر أنواع التهابات المفاصل شيوعاً، إذ يعانيه أكثر من عشرة في المئة من سكان الكرة الأرضية، وثمة ما يقارب الثمانين في المئة من البشر هم فوق الخمسين يعانون بشكل أو بآخر من هذا الداء الذي تعتبر الشيخوخة سبباً رئيساً له، إضافة إلى الوزن الزائد الذي يؤثر على الأوراك والركب والعمود الفقري، لكنه نادراً ما يصيب مفاصل اليدين.

نادراً ما يكون التكلس مصحوباً بالتهاب، لذا فتعبير «التهابات المفاصل» ليس التعبير الأنسب له... فبسبب تآكل العظم، تجبر الأغشية على إنتاج مزيد من السائل الموجود بين المفاصل ولكنها لا تتسبب بالتهاب ولا تستفز خلايا المناعة الذاتية للعمل، الأمر الذي يسبب تورماً عند المفاصل. وقد تظهر أحياناً أعراض الالتهاب على المنطقة المتورمة وقد يشار إلى التورم أحياناً على أنه التهاب مع العلم أنه نادراً ما يكون متورطاً بأعراض الالتهاب كالتغير في المفاصل والحرارة أو قيام الجهاز المناعي بمحاربة نفسه. في الحقيقة، المصابون بهذا المرض قد يشعرون باحتكاك العظام ببعضها عندما يتحركون، ذلك أن التكلس هو نتيجة لتحلل الغضروف بين العظمتين تاركاً العظام تحتك ببعضها الأمر الذي يضطر الأغشية السائلة إلى إنتاج كمية أكبر من السوائل التي يحتاج إليها المفصل فيحدث التورم. وعادةً يصيب هذا الداء الشباب الذكور بنسبة أعلى مما يصيب الأناث من الفئة العمرية ذاتها، لكن النساء فوق الخامسة والأربعين هن أكثر عرضة للإصابة به من الرجال. مبدئياً، كل الذين تجاوزوا الخامسة والستين من العمر، يعانون من أعراض هذا الداء بشكل أو بآخر، خصوصاً في حالات الوزن الزائد. ولكن يمكننا القول إن ثلث هذه الفئة العمرية لا يعانون أبداً منه دون أن ندري لماذا، ولا كيف يحافظ الجسد على ترميم ما يفسد من غضاريف.

يبدو أن للعامل الوراثي دوراً في الإصابة بمرض التهاب المفاصل العظمي (التكلس)، خصوصاً لمن هم في الأربعينات أو الخمسينات من العمر، الأمر الذي يوجب على الآخرين أخذ الاحتياطات اللازمة منعاً للإصابة به، ويمكن ذلك من خلال اتباع نظام غذائيّ معين والقيام بتمارين رياضية تحت إشراف اختصاصي.

نظام غذائي

النظام الغذائي الذي يتوجب اتباعه لمواجهة ترقق العظام وذاك الذي يتوجب اتباعه لمواجهة التهاب المفاصل الروماتيزمي يتداخلان إلى حدود التوحد. فما عليك إلا فعل ما بوسعك فعله لتفعيل جهازك الهضمي والحفاظ على الكبد الذي هو الأساس في محاربة مرض التهابات المفاصل. تعتمد صحة المفاصل إلى حد بعيد على حسن سير عملها. بالإضافة إلى ضرورة إضافة الطعام الكامل إلى نظامك الغذائي، عليك إدراك أهمية شرب كمية كافية من الماء، وأن تناول كميات أقل من الطعام يحميك من الإصابة بالأمعاء الراشحة والحساسية تجاه بعض الأغذية، وأهمية دور الصيام في التخفيف من خطر الإصابة بالالتهابات. وإذا اتبعت الإرشادات الغذائية كافة الواردة في الكتاب فما عليك إلا اتخاذ الخطوة الأولى للبدء بمحاربة الالتهابات وتخفيف حدة التهابات المفاصل عن طريق إضافة بعض المكملات الغذائية إلى طعامك اليومي، والتداوي بالأدوية الطبيعية وهكذا يمكنك الحصول على نتائج باهرة.

تمارين رياضية

ينبغي على التمارين المخصصة لالتهاب المفاصل أن تأخذ بعين الاعتبار ثلاثة أمور: المرونة، القوة، واللياقة البدنية. ولتنهض من السرير مرتاحاً في الصباح حيث يكون التصلب في أسوأ حالاته، اتبع التعليمات التالية وقم بها من أربع إلى ست مرات:

-  استلق على ظهرك على السرير أو على الأرض. ارفع إحدى الركبتين إلى صدرك وابق على تلك الحالة لثلاثين ثانية ومن ثم قم بحركات من يدوس دراجة في الهواء.

-  ارفع ذراعيك نحو السقف، باعد ما بين الأنامل. حرّك معصمك دائرياً مرات عدة.

-  ارفع ركبتيك إلى صدرك ثمّ حرّكهما نحو اليمين ومن ثم نحو اليسار.

-  استلق على بطنك ثم حاول النهوض على أربع (أي يديك ورجليك). ارفع ظهرك نحو السقف كما تفعل القطة تماماً ثم أرخه باتجاه الأرض (إذا جعلك التمرين تشعر بألم أو الإزعاج في معصميك يمكنك الاتكاء على الساعدين. ضع بعض الحرامات أو الوسائد تحت المعصمين لإبقاء ظهرك مسطحاً).

- حرك رأسك من جهة إلى أخرى، احن الذقن نحو الصدر لثوان، ثم انظر إلى الخلف من فوق كتفيك عدة مرات.

-  ارفع كتفيك وكأنك تقوم بحركة استهجان ثم اتركهما يعودان إلى وضعيتهما الطبيعية ثمّ حرّكهما نحو الخلف ونحو الأمام لعدة مرات.

 - حرّك ذراعيك بطريقة دائرية كأنك تسبح crawl stroke ثم حركهما دائرياً نحو الخلف وكأنك تقوم بحركات التراجع إلى الخلف.

-  اثنِ مرفقيك ثم أعدهما إلى الوضع السوي.

-  اجعل ساقيك مستقيمتين ثم حرك قدميك بشكل دائري على أن تبقى الساقين مستقيمتين (إذا كنت جالساً على الأرض فافعل ذلك وأنت مستلق على ظهرك).

- العلاجات الطبيعية المناسبة لالتهابات المفاصل بالاضافة إلى التمارين الرياضية بمقدورها جعلك تستغني عن الوصفات الطبية والاستشفاء. وسرعان ما ستعلم أن في داخلك قوة ذاتية ستريحك من ألم المفاصل بدون أدوية.