مديحة يسري... سمراء النيل: المصادفة جعلتني «صاحبة كرامات»! (1)

نشر في 29-06-2014 | 00:02
آخر تحديث 29-06-2014 | 00:02
ألقاب كثيرة التصقت بهذه الفنانة منذ بدأت رحلتها الفنية في أربعينيات القرن الماضي، فهي سمراء الشرق... والسمراء الفاتنة... وسمراء الشاشة وغيرها من أوصاف أطلقها عليها الجمهور والنقاد تعبيراً عن مكانة متميزة تحظى بها النجمة التي حفرت لنفسها مكانة ما زالت تحتفظ بها في ذاكرة السينما ووجدان الجماهير. إنها مديحة يسري التي قررنا أن ننشط ذاكرتها لتحكي لنا عن رفقاء وأصدقاء كانوا معها يوماً على الملصق، أو آخرين أدوا دورا في حياتها... تحكي لنا عن زمن جميل لم يعد موجوداً إلا في أفلام الأبيض والأسود.
هي «التلميذة» التي أحبها «الأستاذ» عملاق الفكر والأدب عباس العقاد، حينما ذهبت لتتعلم على يديه اللغة العربية فاستحوذت على مشاعره وملكت قلبه.

هي أيضاً «الليدي» الراقية التي تعتبرها نجمات كثيرات «حائط المبكى»، حيث يجدن في حضنها وعلى كتفها ملاذاً آمناً يدفن فيه أسرارهن بأمان وحرية...

وهي {المرأة الحديد} لصلابتها في التعامل مع {الموت} بوصفه الحقيقة الوحيدة التي لا خلاف عليها، خصوصاً بعدما حاصرها مراراً وتكراراً وخطف منها الأحباب الواحد تلو الآخر وفي مقدمتهم ابنها عمرو الذي راح ضحية حادث سيارة أليم وكان في ريعان شبابه، ومن قبله شقيقته وفاء التي لم تكمل هي أيضاً أسبوعها الأول، وفي كل مرة كانت الدهشة سيدة الموقف، لولا أن إيماناً راسخاً في قلبها ساعد روحها ألا تتسلل من جسدها الذي أنهكه التعب والألم وبات يشتاق إلى لحظة خلاص.

المؤكد أن مديحة أو هنومة خليل لم تحظ حتى الآن بما تستحقه من تقدير وتكريم رغم الأوسمة والجوائز التي تزين منزلها وتشهد على تاريخها وموهبتها ومدى تفانيها وإخلاصها للفن، وهو ما يمكن تلمسه من كلمات {العتاب} التي عبرت بها عن حزنها لتجاهلها في التكريم باحتفالية عيد الفن والتي شهدتها القاهرة قبل أشهر وكرمت خلالها كوكبة من النجوم سبقتهم هي إلى الملصق وإلى نجومية الشباك...

تقول: {أحزنني تجاهل تكريمي معنوياً، أو بتعبير أدق استبعادي في اللحظات الأخيرة بسبب ظروفي الصحية والتي حالت دون حضوري للتكريم، على أساس أن الرئيس عدلي منصور لا يصح أن يكرم أكثر من شخصية قد لا تتمكن من الحضور مثل الفنانة القديرة شادية والتي أرسلت تسجيلاً صوتياً، أو نادية لطفي التي أرسلت عنها مندوباً».

تملك مديحة التي بدأت العقد التاسع من عمرها تاريخاً سينمائياً حافلاً بالأعمال الناجحة التي قدمتها على مدار أكثر من 60 عاماً بدأتها في أربعينيات القرن الماضي وأنهتها اضطرارياً بسبب ظروفها الصحية قبل سنوات قليلة بعدما قدمت أكثر من 120 فيلماً وعشرات الأعمال التلفزيونية وعدداً من المسلسلات الإذاعية.

لا يتوقف تاريخها على تصدرها البطولة السينمائية مع بداية الصناعة فحسب، فهي شاركت كمنتجة في عشرات الأفلام سواء من خلال الشركة التي أسستها في بداياتها الفنية أو من خلال الإنتاج الحكومي حيث تولت مسؤولية الإشراف على الأعمال التي تنتجها الدولة لسنوات طويلة قدمت فيها مجموعة من الأفلام الناجحة، بينما كانت نائباً في مجلس الشورى المصري لمدة سبع سنوات لتكون ثالث فنانة تدخل البرلمان بعد يوسف بك وهبي والفنانة الراحلة أمينة رزق.

شقة العمر

في شقتها في حي المهندسين المكونة من طابقين حيث تقطن منذ نصف قرن تقريباً، تحرص مديحة على الاحتفاظ وفي مكان مميز بالدروع كافة التي حصدتها خلال رحلتها الفنية سواء كممثلة أو كمنتجة، كذلك تحرص على الاحتفاظ بكثير من الصور التي جمعتها بعدد من النجوم سواء الذين شاركوها رحلتها الفنية، أو الذين جمعت بينهم الصداقة، فيما صور أخرى تسجل لحظات مميزة في حياتها، وأخرى تخص سفرياتها. وتضم الرفوف الكثير من الهدايا التذكارية سواء التي اشترتها خلال رحلاتها الخارجية أو التي أهديت لها.

تقطن مديحة في عقار استاجرته قبل أكثر من 50 عاماً في حي المهندسين في قلب القاهرة، حافظت على منزلها وخصوصيته، فرغم حالتها الصحية التي تجعلها غير قادرة على الحركة في أوقات كثيرة فإنها تحرص على الاعتناء بالزهور الموجودة في المنزل، وتنظر دائماً إلى اللوحات الفنية والصور لتتذكر أيام الزمن الجميل التي عاشتها مع أصدقاء رحل معظمهم وبقي البعض الآخر يعاني المرض.

أناقة منزلها استمدتها من ذوقها الفني وحبها للألوان والرسوم، فهي تحافظ على منزلها وتضع فيه كثيراً من قطع الأنتيكة التي جمعتها واحتفظت بها حتى الآن، بينما تبقى غالبية الوقت مسلتقية على السرير بناء على تعليمات الأطباء بسبب كسور العمود الفقري التي تعانيها وتجعلها تشعر بالألم من وقت إلى آخر.

في مكان آخر وشديد الخصوصية والتميز صور عدة لابنها الراحل عمرو الذي فقدته قبل أن يكمل عقده الثالث في حادث سيارة بسبب السرعة الزائدة، وأخرى لها في مراحل متعددة من حياتها. إلا أن صور الأبيض والأسود هي الأبرز والأكثر.

بصعوبة كانت الكلمات تخرج منها، وبصعوبة أكبر كانت تتبدل في جلستها، خصوصاً بعدما حاصرتها آلام العمود الفقري مجددا، إصابتها القديمة التي أقعدتها لفترة وسافرت على أثرها للعلاج أكثر من مرة.

آلام المرض ومعانتها من مشاكل صحية في الظهر وارتفاع الضغط في أحيان كثيرة لم تجعل الابتسامة تغيب من على وجهها، فالتفاؤل والأمل لا يزالان يسيطران على حديثها. تشكر الله على نعمة الصحة وتتابع مع الأطباء حالتها الصحية باستمرار، فهي تؤمن بأن انتصارها على المرض يكون من خلال قوة الإرادة والعزيمة التي تملكها، وقد اعتادت أن تتعامل بها مع المشاكل والأزمات في حياتها.

تؤمن مديحة يسري على عكس كثيرين بأن الفترة التي تعيشها راهناً هي أجمل فترات حياتها، فألم المرض لا يجعلها تشعر بأن الشباب كان أجمل فترات عمرها ولكن عدم وجود ارتباطات فنية أو أعمال تقوم بها يجعلها تشعر بأنها أصبحت تستطيع الحصول على راحة بعد مجهود سنوات طويلة.

عندما ولدت مديحة في الثالث من ديسمبر العام 1921 كان والدها قد أنهكه مرض السكري وأمراض أخرى استنزفت جزءاً كبيراً من ثروته، وفي يوم مولدها نفسه أخبره طبيبه بأنه عثر على علاج لحالته المرضية. وفعلاً، بدأ يتعافى منه بشكل كبير، لذا شعر والدها خليل حبيب وهو من أصول تركية أنها {وش السعد} عليه، كذلك بقية الأهل والأقارب ربطوا بين {مصادفة} الشفاء وبين أنها {صاحبة بركة} أو {فيها شيء لله}. ومن ثم بدأت الوفود تأتي لزيارتهم، ظاهرها المباركة على الشفاء من المرض، فكان أقاربها يأتون في الأيام الأولى لولادتها ويحملونها من والدتها ويقبلونها كي يحصلون منها على الأمل في حل المشاكل، فحظيت منذ ذلك اليوم بمكانة خاصة لدى والدها.

تفاءل والدها بشفائه من المرض مع قدومها، فأطلق عليها اسم {غنيمة} ليكون اسمها الرسمي في شهادة الميلاد، فالفتاة ذات الحظ السعيد من اليوم الأول لمولدها كانت سبباً في شعوره بالسعادة والبهجة، لكن هذا الاسم لم يقم أصدقاؤها بمناداتها به وكانوا ينادونها بـ«هنومة} الذي أصبح اسمها من الطفولة وحتى اختار الموسيقار محمد عبد الوهاب وزوجها الأول محمد أمين اسم {مديحة يسري} ليكون ملازماً لها حتى الآن.

لم تكن مديحة من أسرة ثرية، لكن أسرتها كانت ميسورة الحال، فهي من مواليد حي شبرا وكانت تعيش حياة كريمة، فوالدها خريج مدرسة المهندس خانة وكان يعمل مهندساً للكهرباء في السكة الحديد، ومن متذوقي الفنون، فكان يشتري اللوحات الفنية ويحتفظ بها في منزل العائلة لتنشأ في بيئة فنية ساهمت في تنمية الموهبة التي كانت في داخلها.

ورغم أن تعليم الفتيات لم يكن منتشراً في بداية الثلاثينيات فإن دخول المرأة إلى الجامعة للمرة الأولى عام 1930 كان أحد أسباب تحمس والد مديحة لإلحاقها بالمدرسة، فالصورة التقليدية للمرأة التي تنشأ دون تعليم كانت قد بدأت في الزوال، فالسنوات التي عاشتها في طفولتها شهدت دخول المرأة للمرة الأولى إلى المدرسة الثانوية.

كان والدها يخشى عليها من الهواء الطاير، لدرجة أنه كان يشتري ملابس كثيرة لترتديها خلال فصل الشتاء حتى لا تشعر بالبرد، وكان يحرمها من الذهاب إلى المدرسة في الأيام شديدة البرودة.

تتذكر مديحة هذه الفترة من حياتها قائلة: {في أحد الأيام كنت أجلس في المنزل وكنت صغيرة ومنعني والدي من الذهاب إلى المدرسة بسبب الطقس السيئ، فجلست بالقرب من النافذة وكانت الأمطار غزيرة وأشاهدها من خلف الشباك}.

لم تتمالك مديحة الطفلة التي لم تكمل عامها العاشر مشاهدة الأطفال وهم يقومون باللهو تحت الأمطار، تحركت من أمام الشباك، وبدأت في البحث عن مفتاح الباب، بعدما قررت الخروج لتشاركهم متعة الاستمتاع باللهو تحت الأمطار.

تحركت في الغرف بحثاً عن المفتاح لتكتشف أنه في حوزة والدها وأنها لن تستطيع الخروج من المنزل، لتتمسك بقرار مشاركة الأطفال اللهو في الشارع حتى لو اضطرت إلى القفز من النافذة، فمشهد زميلاتها وقد بللت الأمطار ملابسهن زاد حماستها.

قفزت مديحة من شرفة منزلها لتبدأ في اللهو معهن، قبل أن تتوقف فجأة على صوت والدها يصرخ مخاطباً عسكري شرطة تصادف مروره بالقرب منها قائلا: {يا عسكري أمسك البنت أم ضفيرة دي علشان ترجع بيتها}.

لم تتمالك مديحة نفسها من هول المفاجأة، وقفت مكانها واقترب منها رجل الشرطة، أمسك يدها وذهب بها إلى مدخل المنزل، بينما كان والدها تحرك إلى الباب ليقابلهما.

شكر الأب الشرطي، ونظر إلى ابنته التي سارعت بالدخول إلى غرفتها وهي تفكر في عواقب موقفها الجريء، لكن والدها لم يعاقبها ولكنه أرسل إلى الطبيب القريب من منزلهم وهو طبيب العائلة كي يعاينها خوفاً من أن تصاب بنزلة برد حادة. وعندما جاء الطبيب أخبر والدها أنها لم تصب بأي أذى ولكن احتياطياً عليها أن تبقى في السرير لمدة ثلاثة أيام كي تتخلص من أي بدايات للمرض تكون دخلت إلى جسمها، وهو ما جعل والدها يمنعها من التحرك من السرير هذه المدة فحصلت على إجازة إضافية من المدرسة.

كانت علاقة مديحة يسري بالمدرسة مثل غالبية الفتيات في تلك الفترة، فهي كانت من المتفوقات في المدرسة تعشق الدراسة وتحب التمثيل، فكانت علاقاتها جيدة مع زميلاتها ومدرسيها في الفصل، فهي متفوقة في الأنشطة الطلابية وتحصل على درجات متقدمة في مختلف المواد.

التحقت مديحة بفرقة التمثيل في مدرستها شبرا الابتدائية للبنات، فشاركت في عروض الفرقة المسرحية للمدرسة خلال دراستها، فكانت ممثلة في فرقة المدرسة ورسامة ماهرة في حصص الفنون.

حب المطالعة

كذلك تعلمت مديحة منذ صغرها أن تستغل وقتها بشكل جيد، فلم تكن طفلة عادية مثل قريناتها من الفتيات اللاتي يفكرن في الزواج والجلوس في المنزل، ولكنها كانت مهمومة بالثقافة في سن مبكرة جداً، حيث كانت لاتزال في المرحلة الابتدائية عندما بدأت القراءة.

خلال زيارتها إحدى صديقاتها في المنزل، شاهدت في منزلها رواية شعبية جديدة كانت صادرة عن إحدى الصحف الكبرى، وكانت هذه الراوية ترجمة لحياة البطلة الفرنسية الخالدة جان دارك.

لم تكن تعلم مديحة أي معلومات عن الرواية أوبطلتها ولكن فضولها وإعجابها بها جعلها تطلبها من مكتبة صديقتها التي كانت مليئة بالكتب والروايات. وبعد عودتها إلى منزلها، كان فضول مديحة يسري لمعرفة مصير البطلة الفرنسية دافعاً كي تنتهي من قراءتها في يوم فقط لتعيدها في اليوم التالي لصديقتها التي لم تصدق أنها انتهت من قراءتها بهذه السرعة.  

جلست مديحة مع صديقاتها غير مصدقة ما قرأته في الرواية.

- هو معقول في بنت تقدر تعمل كل ده، وتتحمل الظروف دي، القصة لو كنت شفتها في فيلم كنت قلت عليها خيال وإنها مش منطقية خالص.

* في بنات وستات كثير كان ليهم دور مهم في التاريخ واتحملوا كثير قوي علشان ميقولوش بس إن تعليم البنت عيب، أنت تعرفي كليوباترا.

- لا معرفهاش أنا سمعت اسمها مرة وإنها كانت ملكة.

* طيب خدي الكتاب ده عنها، وقوليلي رأيك فيها، دي ملكة مصرية عظيمة.

ورغم تعب مديحة وإرهاقها بسبب عدم نومها في الليلة السابقة لتقرأ الراوية المترجمة فإنها واصلت السهر لتقرأ تاريخ الملكة المصرية التي خلدت اسمها في كتب التاريخ، وتحمست لشخصيتها وأعجبت بها. حتى إنها تمنت لاحقاً أن تجسد شخصيتها في عمل فني.

كان الكتاب خير صديق لسمراء الشاشة وغالباً بمثابة الوقود الذي حمسها للقراءة عن مزيد من الشخصيات المهمة في التاريخ، خصوصاً النسائية منها، ما أكسبها ثقافة واسعة وخبرة في التعامل مع الآخرين أهلتها لتجاوز مواقف صعبة عدة مرت بها، لذا كانت حريصة على القراءة بكثافة خلال فترة الإجازة المدرسية لدرجة أنها قرأت في أقل من شهر نحو 20 كتاباً.

«يتبع»

رسامة

كانت تحاول دوماً تقليد اللوحات الفنية التي يحتفظ بها والدها في المنزل مما ساهم في نمو موهبتها الفنية.

‫البيئة التي نشأت فيها مديحة لم تكن تشجع موهبتها الفنية، فرغم أنها كانت من هواة الرسم، وكانت تحصل  على درجات متقدمة في الرسم، والتحقت بمدرسة التطريز في شبرا لهذا السبب ولكن أسرتها كانت تنظر إلى رسوماتها باعتبارها {كلاماً فارغاً} وتعاقب عندما يشاهدونها ترسم في المنزل.

حرصت مديحة على مواصلة الرسم رغم العقاب الذي كانت تتعرض له أحياناً، لكن والدها مع الوقت أدرك عشق ابنته للرسم، تتذكره مديحة حتى الآن، فوالدها كان يحب الرسومات واللوحات الفنية ويحرص على شراء ما يعجبه منها ويحضر مزادات الرسوم بين وقت وآخر.

تقول مديحة: {كان والدي يحب الرسومات الزيتية وفي إحدى المرات عاد إلى المنزل في المساء حاملاً معه لوحة زيتية جميلة للغاية، وتحدث مع والدتي أنه اشتراها من أحد المعارض وكانت اللوحة الوحيدة من نوعها في مصر ورسمها رسام إيطالي قبل أن يعود إلى بلده».

{مرت الأيام وكان والدي يدرك أنه حصل على قطعة فريدة من اللوحات الفنية ويتفاخر بها وسط أصدقائه إلى أن شاهد لوحة تشبهها تماماً في أحد المعارض وعاد إلى المنزل غاضباً، فلم يكن (رحمة الله عليه) يحب أن يدفع في شيء أكثر مما يستحق، وكان غضبه شديداً إلى أن وجدني أرسم}.

لاحظ والد مديحة على ابنته الصغيرة الاهتمام بالرسم، فكانت في يدها ورقة وفرشاة ألوان ترسم بها ما يأتي في خيالها، فأعجبته الخطوط والألوان التي وضعتها الطفلة الصغيرة، وقرر أن يطلق لها العنان، وينمي موهبتها، بعدما أبدى إعجابه بتقليدها للوحة موجودة على الحائط لمنظر شروق الشمس على الأهرامات الثلاثة.

قرر الأب أن يختبر موهبة ابنته في تقليد اللوحات بعدما وقع ضحية لأحد الفنانين الذين يقلدون اللوحات المميزة، فمنحها اللوحة التي كان قد اشتراها باعتبار أن مصممها هو فنان إيطالي، وطلب منها تقليدها ووعدها بأن يعطيها مبلغاً مالياً كبيراً إذا نجحت في ذلك. وفعلاً نجحت مديحة في الاختبار أو التحدي الذي واجهته، إذ قرر والدها منحها المكافأة التي وعدها بها رغم بعض العيوب البسيطة الموجودة في رسمتها.

فرحت مديحة بهدية والدها ومكافأته لها، بينما خرج من غرفتها ليتحدث مع والدتها عن موهبة ابنته:

{البنت رسمها هايل ده أنا بفكر أخليها تقلد اللوحات بدل ما أشتريها وهي كمان تسلي وقتها.

مديحة شاطرة قوي في الرسم والمدرسة بياخدوا منها رسومات على طول في المعرض كل سنة.

طيب أنا هخليها على طول تقلد اللوحات الحلوة علشان تتعلم الرسم أكثر، وهجيب لها ألوان وورق رسم كمان}.  

كان والدها بمثابة الناقد الفني لأعمالها، حيث استطاع أن ينقل إليها بحسه الفني الفطري النابع من متابعة المعارض وشراء اللوحات مقومات الرسام الناجح، ما ساهم في تشكيل وجدانها الفني، وساعدها على مزيد من الإبداع في الرسومات التي لا تزال تحتفظ ببعضها حتى الآن.

back to top