وماذا بعد...؟
بعد أن جاءت "نعم للدستور" بنتيجة "مباركية"، وبعد أن انتهينا مما اعتبره البعض مسألة حياة أو موت ودليل شرعية وإثبات وجود، يبقى السؤال: هل تخلص هؤلاء من "فوبيا الإخوان"، وحواديت "أمنا الغولة"، و"أبو رجل مسلوخة" أم ما زالوا يعيشون في أوهامهم ويتجرعون ضلالاتهم؟ هل ما زالوا يتخيلون أن "الإخوان" فقط هم من يرفض انقلابهم؟للأسف لم يتغير شيء، فما زالوا أسرى لأوهامهم، وما زالوا سجناء لكراهيتهم وبغضهم، غير مصدقين أن الشعب الذي قاطع والشباب الذي رفض المشاركة هما القوة الأساسية الرافضة لانقلابهم، وأنهم (الشباب) لا ينتمون إلى "الإخوان" ويرفضون أغنية "أنت رافض... أنت إخواني... أنت إرهابي".
***الكثير جداً من الملاحظات والانتقادات يمكن توجيهها إلى عملية الاستفتاء من البداية للنهاية، لكن المسرحية لا تستحق الوقت الضائع في الحديث عنها؛ لذلك سأكتفي بملاحظة بسيطة لطيفة، وهي حديث المستشار رئيس اللجنة في البيان الرسمي لإعلان النتيجة، حيث ذكر "أن ضَعف الإقبال يعود لامتحانات الجامعة وأن العدد المشارك أكثر ممن شارك في استفتاء 2012"، والسؤال هل الحديث حول ضعف الإقبال يدخل ضمن إطار البيان الرسمي أم أنه تحليل سياسي من جانبه؟ وهل يصح أن يخلط بين موقعه القانوني ورؤيته السياسية؟ وبالنسبة إلى الجزء الثاني (العدد) فهل كان مطالبا بذلك (قانونيا) أم أنه تطوع به؟ ولماذا قارن فقط مع استفتاء 2012 ولم يقارن بما قبله؟... أعتقد أن لسان حاله يقول "آهه عملت اللي عليّ... كل اللي طلبتوه قلته"!*** استمرار الاعتقال والقتل بعد الاستفتاء يؤكد ما قلناه مراراً بأن قادة الانقلاب لن يتوقفوا حتى يخضع الشعب كله لهم... حتى يعود نظام مبارك بالكامل من فساد وظلم ورشوة ومحسوبية... من قضاء فاسد إلى شرطة ظالمة إلى إعلام كاذب ورجال أعمال ينهبون مقدرات الشعب... لن يتوقفوا حتى يعود الوضع إلى ما كان قبل يناير 2011، والسؤال لكل من لا يزال مقتنعاً بما يقولون مصدقاً لهم يصفق للقاتل ويسخر من القتيل... يفرح بترمل زوجة وتيتم طفل... تسعده صرخات أم ثكلى وأب مكلوم ماذا تقول وأنت تنظر في المرآة؟ هل تاه ضميرك وفقدت إنسانيتك؟***هل هناك فرق بين الرقص على الصفحات والرقص على "الصاجات"؟ ..عذرا أقصد رقص الكتاب وفن الراقصات هل هناك فرق؟ إن ما شهدناه في الاستفتاء ورقص النساء في الشارع بعد التوقيع على استمارة التصويت وما قرأناه من رقص للكتاب على صفحات الجرائد يؤكد ألا فرق بين الاثنين.***في استفتاء 2010 كان عدد المصوتين أقل من 18 مليوناً وتوقفت القاهرة تماماً وشعر سكانها بأزمة المرور الخانقة، وأصبحت الشوارع كموقف كبير... وفي استفتاء 2014 كان العدد أكثر من 20 مليوناً، ولم يشعر بهم سكان القاهرة على الإطلاق، مما يؤكد أن الـ20 مليوناً كانوا ملائكة يطيرون بأجنحتهم ليهبطوا فوق الصناديق، ويضعوا الأوراق ويعودوا طائرين.... فيا ليت سكان القاهرة كلهم مثل ملائكة الاستفتاء.وإلى مقال آخر إن كان للحرية متسع.