ثمن انفصال اسكتلندا... الخروج من منطقة الإسترليني وفقد مظلة بنك إنكلترا تلقائياً

نشر في 12-11-2013 | 00:01
آخر تحديث 12-11-2013 | 00:01
No Image Caption
تفضل الحكومة الاسكتلندية الاستمرار في عضوية منطقة الاسترليني. هذا أمر لا يعود لي لتقرير ما إذا كان سيصبح مقبولاً من الاسكتلنديين أم لا، ولكن المهم بالنسبة لي ولباقي الناخبين في المملكة المتحدة، تقرير ما إذا كانت مثل هذه الترتيبات مقبولة منّا أم لا. الجواب يجب أن يكون لا، ولكن لماذا؟
سيجرى في اسكتلندا في 18 سبتمبر 2014، استفتاء على الاستقلال عن المملكة المتحدة. ولكن في حين أن الناخبين الاسكتلنديين وحدهم هم الذين يقررون النتيجة، إلا أن ذلك سيؤثر أيضاً في باقي المملكة المتحدة.

من بين المجالات التي ستتأثر بذلك، الترتيبات النقدية والمالية. تفضل الحكومة الاسكتلندية المقيمة في قصر هوليرود الاستمرار في عضوية منطقة الاسترليني. هذا أمر لا يعود لي لتقرير ما إذا سيكون مقبولاً من الاسكتلنديين أم لا، ولكن المهم بالنسبة لي ولباقي الناخبين في المملكة المتحدة، تقرير ما إذا كانت مثل هذه الترتيبات مقبولة منّا أم لا. الجواب يجب أن يكون لا، ولكن لماذا؟

أظهرت التجربة منذ عام 2007، وخاصة التجربة مع أزمة منطقة اليورو، ثلاث نقاط: الأولى هي أن البنك المركزي يلعب دوراً رئيسياً في أي أزمة مالية، لأنه الكيان الوحيد القادر على إدارة مخاطر السيولة. والثانية هي أن على البنوك التجارية أن تعمل بانسجام وثيق مع السلطات المالية المسؤولة عن النفقات العامة. وثالثاً، عليها أن تعرف الجهة المسؤولة عن محاسبتها.

محاسبة البرلمان

هذه الترتيبات معروفة جيداً في المملكة المتحدة، خاصة بعد إعادة مسؤولية الإشراف إلى بنك إنكلترا. والبنك المركزي بدوره، يكون عرضة لمحاسبة برلمان المملكة المتحدة والحكومة.

هذا مختلف جداً عن الوضع في منطقة اليورو، حيث يحلّق بنك مركزي مستقل بشكل استثنائي فوق الحكومات، وبالتالي لا يكون خاضعاً للمساءلة من أحد فيما يخص إدارته لشؤونه. ربما يساعد الحكومات بتركها للغرق، حسبما ما يحلو له. ربما يحب أحد هذا أو يكرهه. ولكن هذا مختلف كلياً عن الوضع في المملكة المتحدة، حيث للحكومة السيادة على البنك المركزي.

لن يستمر الحال على ما هو عليه الآن إذا تم تقسيم منطقة الاسترليني، كما هو مقترح بين دولتين مستقلتين، وهما اسكتلندا وباقي المملكة المتحدة. وما لم تقبل اسكتلندا بوضع التابع الأدنى بشكل كامل، يجب الموافقة على اتفاقية دولية جديدة تنظم العلاقة بينها وبين باقي المملكة المتحدة. وعندها ستكون بنود مساءلة البنك قائمة بموجب بنود هذه الاتفاقية.

والبنك لن يكون بدوره مسؤولاً أمام برلمان واحد وسلطة تنفيذية واحدة، بل أمام جهتين.

مشاكل سياسية ودستورية

سينتج عن هذا مجموعة من المشاكل العملية والسياسية والدستورية، وهو الأمر الذي أوضحه النائب السابق لمحافظ بنك إنكلترا، بريان كوين، بجلاء في مقالة له مهمة قدمها إلى معهد ديفيد هيوم، ونشرت في أغسطس.

أولاً: كيف سيأخذ النظام الجديد في الاعتبار السياسة المالية العامة في كلتا الدولتين؟ هل سيلزم إيجاد قوانين للمالية العامة مثل الموجودة في منطقة اليورو؟ وهل ستُفرض مثل هذه القوانين على باقي المملكة المتحدة كما على اسكتلندا أيضاً؟ ومن هو الذي سيفرض هذه القوانين؟

ثانياً: من الذي سيحدد هدف التضخم ويعيّن أعضاء مجلس السياسة النقدية؟ ومن الذي سيحكم على ما إذا كان عمل هذا المجلس مناسباً أم لا؟ وماذا سيحدث إذا ثبت أن هدفاً كان مقبولاً من باقي المملكة المتحدة، أنه غير مقبول لدى اسكتلندا؟

ثالثاً: من سيُعين أعضاء مجلس السياسة المالية؟ هل سيتم اعتبار هذا المجلس مسؤولاً عن نظام مالي واحد أم اثنين؟ هل سيلزم ذلك تفويض منفصل لسياسة الأنظمة المالية الحصيفة الكلية لاسكتلندا؟ وهل سيكون ذلك المجلس خاضعاً للمحاسبة عن تلك السياسة أمام البرلمان الاسكتلندي؟ أم أمام البرلمانين؟ وعند رفع سعر الفائدة في اسكتلندا، أمام من سيكون مسؤولاً عن ذلك؟

رابعاً: هل ستحتاج سلطة التنظيم الحصيف إلى أن تأخذ في اعتبارها القدرات المالية العامة للحكومتين المضيفتين؟ إذا كانت الإجابة نعم، فهل تستطيع تجنب الاعتراف بحجم النظام المصرفي الاسكتلندي، نسبة إلى القدرات المالية العامة لاسكتلندا؟ ألا يتعيّن عليها أن تفرض متطلبات رأسمالية عالية على البنوك الموجودة في اسكتلندا، خلافاً للبنوك الموجودة في باقي المملكة المتحدة؟

خامساً: من سيمثل مصالح منطقة الاسترليني الجديدة في المفاوضات الدولية؟ وماذا سيحدث لو لم تتفق كل من اسكتلندا وباقي المملكة المتحدة؟

سادساً: كيف ستدير منطقة الاسترليني الجديدة أزمة كبيرة؟ تخيل ما حدث في أكتوبر 2008، عندما كان على أليستير دارلينج، وزير المالية التفاوض حول إنقاذ مصرفي رويال بانك أوف سكوتلاند وهاليفاكس بانك أوف سكوتلاند، بما في ذلك تحديد على أي منهما تقع المسؤولية المالية العامة، وحينها كان جون سويني سكرتيرا لمجلس وزراء اسكتلندا للشؤون المالية. لكن لا داعي لأن تتخيل، فسيكون الوضع عند ذلك فظيعاً.

سابعاً: من الذي سيسيطر على النشاط من قبل البنك باعتباره مقرض الملاذ الأخير؟ إذا شعر البنك بأنه ملزم باتخاذ إجراءات التسهيل الكمي، فأي السندات سيشتري وبأي كمية؟ وهل سيكون برنامج على شاكلة: «التمويل للإقراض» بحاجة إلى موافقة الحكومتين؟

البنك المركزي

أفضّل أن يظل الاسكتلنديون جزءًا من بلادي، لكن إذا رغبوا في الخروج، يحسُن بهم أن يفعلوا ذلك. لكن يجب أن تصر بقية المملكة المتحدة على أن يظل البنك المركزي معرضاً للمساءلة أمام برلمانه وحكومته فحسب، وليس أمام تركيب ثنائي مصطنع من شبه المؤكد أنه لن ينجح.

ربما تستخدم اسكتلندا المستقلة الاسترليني إذا رغبت في ذلك، لكن بقية المملكة المتحدة، بالتأكيد، لن تقبل بأن تهرب من فظائع منطقة اليورو لتخلق فظائع مماثلة لنفسها في الداخل، بل لا بد لها من أن تحتفظ بالسيطرة على السياسة النقدية وتنظيم المالية العامة وإدارة الأزمات. ويجب أن يكون واضحاً أن هذه مسألة غير قابلة للمناقشة قط.

* (فايننشال تايمز)

back to top