«خطة التنمية»... هل من جديد؟!
مع أن الحكومة قد اعترفت بفشل «الخطة» السابقة إلا أنها لم تعمل شيئا من شأنه معالجة الأسباب التي أدت إلى الفشل، ولم يُحاسب أحد من كبار المسؤولين! ومع بقاء الظروف السياسية والإدارية ذاتها التي رافقت إعداد «الخطة» السابقة وتنفيذها، فإنه لا يوجد أي سبب علمي يجعلنا نتوقع أن «الخطة» الجديدة ستختلف عن سابقتها.
كما ذكرنا في مقالات كثيرة سابقة فإن ما سّمي عام 2010 "خطة التنمية"، التي رافقتها حملة إعلامية ضخمة تُبشر بأن الكويت ستشهد خلالها قفزات تنموية غير مسبوقة، لم تكن سوى إطار عام لأهداف فضفاضة وغير واقعية مع مجموعة من الأعمال الإنشائية المتعلقة بالبنية التحتية بالإضافة إلى تجميع الأعمال الروتينية للوزارات والهيئات الحكومية، ووضعها في ملف واحد أطلق عليه "خطة تنمية"!لقد توقع عدد من المتخصصين والمهتمين بالشأن العام فشل ما سُميت آنذاك خطة تنموية لأنها بُنيت على خطأ كما أشار وزير المالية السابق، فضلا عن أنه لا تتوافر متطلبات وإمكانات رسم خطة تنموية حقيقية وتنفيذها، وفي مقدمتها وجود مشروع دولة عصرية تُبنى على أساسه الخطة، على أن تتوافر إرادة سياسية لتنفيذ خطة تنمية مستدامة حقيقية ومحاربة الفساد، والقيام بإصلاحات سياسية وإدارية جذرية ينتج عنها وجود أجهزة إدارية متطورة، تقودها قوى بشرية مؤهلة، يتم اختيارها بناء على كفاءتها لا على درجة قربها من متخذي القرار وولائها الشخصي لهم.
والآن ها هو التقرير السنوي الرابع للأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية الذي أشارت إليه صحيفة "القبس" بتاريخ 18 أغسطس الجاري يؤكد اعتراف الحكومة بفشل ما سُمي خطة التنمية، حيث أشار إلى الفشل "في تحقيق العديد من مستهدفات التنمية البشرية بخصوص التركيبة السكانية أو التوجه نحو الدراسة العلمية في التعليم العالي ومستهدفات البحث العلمي".كما ذكر التقرير "من أهم أسباب فشل تحقيق الأهداف والمستهدفات البشرية قصور في تحقيق المتطلبات التشريعية والمؤسسية للخطة الإنمائية ووجود المعوقات الإدارية والمؤسسية التي تمثل العقبة الأكبر أمام تنفيذ مشروعات التنمية وتعطيل المشروعات في المراحل التحضيرية مما يؤثر سلبا في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة لتحقيق رؤية الدولة بالتحول إلى مركز مالي وتجاري بحلول عام 2035". ثم أضاف "إن الجوانب الاقتصادية تمحورت في القصور في تحقيق مستهدفات تنويع الاقتصاد لمصلحة القطاعات غير النفطية والقصور في توسيع دور القطاع الخاص، كما تستمر الضغوط على المالية العامة وتصاعد الإنفاق الجاري على حساب الرأسمالي، فضلا عن تحقيق كل المشروعات والمشروعات الكبرى والداعمة نسبة إنفاق دون المستوى". (انتهى الاقتباس).ومع أن الحكومة قد اعترفت، كما أشار التقرير، بفشل "الخطة" السابقة إلا أنها لم تعمل شيئا من شأنه معالجة الأسباب التي أدت إلى الفشل، ولم يُحاسب أحد من كبار المسؤولين وكأن شيئاً لم يحدث! ومع بقاء الظروف السياسية والإدارية ذاتها التي رافقت إعداد "الخطة" السابقة وتنفيذها، فإنه لا يوجد أي سبب علمي يجعلنا نتوقع أن "الخطة" الجديدة للأعوام 2015/2016 – 2019/2020 (لاحظ أنه قد تم تجاوز هذه السنة 2014/2015 فأُلغيت من "الخطة"!!) ستختلف عن سابقتها سواء من ناحية المضمون أو النتيجة المتوقعة، وهذا معناه المزيد من الهدر في الوقت والجهد والمال العام في إعادة تجارب أثبتت الأيام فشلها الذريع.