موسم صيد الزنجور (2)

نشر في 21-07-2014
آخر تحديث 21-07-2014 | 00:01
 فوزية شويش السالم تبدأ رواية موسم صيد الزنجور بعازف ساكسفون توفي والده الفرنسي من دون أن يطلعه على التفاصيل التي تخص تاريخ حياة أمه الأمازيغية الأطلسية، التي ماتت وهي تلده، وتحاشى والده ذكر سيرتها أمام ولده، لذا يقرر الذهاب إلى المغرب للبحث عن معلومات تبين له ما لا يعرفه عنها، فيتواعد مع صديقة له مغربية على اللقاء عند بحيرة "اكلام ازكزا" لكنها تتأخر في المجيء، فيتعرف على مجموعة من المخيمين عند البحيرة وهم صياد أشقر وفرجينيا الإنكليزية التي أمها فارسة من الإمارات، وهي آتية هنا للبحث عن لؤلؤة سوداء أهداها والدها لأمها ودفنت في صندوق في قاع البحيرة حين ماتت الأم، وغواصون أحضرهم الغواص المرافق لفرجينيا، وصبي النزل، وصاحب الفندق، وامرأة تقدم في خيمتها الشاي بمساعدة فتاة عمرها 13، وولد صغير يعزف على كمنجة صفيح وكلبهم المبقع، وفي الفندق يجد صوراً لناس زاروا البحيرة وسكنوا في فندق الخالدين هذا، وكلهم إما ماتوا أو اختفوا بقدرة قادر، اما لماذا أذكر هذه التفاصيل لأنها ستتكرر بصور مختلفة لكن بنفس الأبطال.

من لحظة وصوله تبدأ أحداث غرائبية متتالية حتى نهاية الرواية، فحين يحدق في عيني الكلب المبقع يرى بيته في فرنسا وجاره يقتل زوجته، وحين يؤلف مقطوعاته يرى في عين الكلب جاره أيضاً يعزفها على البيانو الذي يخصه، وحين يبدأ في العزف على الساكسيفون يأخذ سمك الزنجور في الرقص فوق سطح البحيرة، كما يلاحظ ظهور غراب من شق الجبل ليرسم ثلاث دوائر فوق سطح البحيرة، ثم يختفي ليعاود الظهور مرة أخرى ليؤدي نفس الحركات، وعندما تغطي سطح البحيرة أسراب السنونو، فهذا يعني نذير شؤم يحدث لأحد ما من أفراد المخيمين، وعندما تغني الأمازيغية التي هي أمه تتجمد البحيرة عند غنائها، وهكذا كل الأحداث تحمل سحريتها التي لا تفسير لها، فقط ظواهر عجيبة على القارئ أن يتقبلها كفنتازيا مبالغ فيها.

هذا إلى جانب توالد حكايات وأساطير تخص البحيرة والفندق والمكان مثل الغربان التي تقتل نفسها على زجاج شبابيك الفندق، وقصة الثلاث بنات وحكايات البحيرة السبع التي تخص الرسام الإيطالي، والمخرج السويدي، والصياد الياباني، وزوجة الجنرال البريطاني، والشاعر الروسي، وعازف الكمان الألماني، كل هؤلاء ليسوا من أبطال الرواية لكنهم حشروا فيها كقصص متولدة من قصص، والغريب أن كل هؤلاء ماتوا أو اختفوا بطريقة عجيبة، فالعجائبية في هذا الرواية لا تنتهي عند حد ولا لها أي تفسير، كما أن كل أو معظم الشخصيات الموجودة عند البحيرة يسلمون مخطوطاتهم التي هي عبارة عن روايات كتبوها ولم ينشروها، فقط سلموها لبطل الرواية ليفعل بها ما يريد، والغريب أن هذا الأمر يتكرر مع أبطال القسم الثاني من الرواية التي كتبتها فرجينيا وهي تشبه الأولى، لكن مع تغيير طفيف في الشخصيات، فنجد الصياد الأشقر بات أسمر وأصبح كاتب سيناريو، وفرجينيا تصبح الممثلة سارة، وبدل البحث عن اللؤلؤة السوداء في قاع البحيرة يبدل الوضع إلى البحث عن البيانو في قاع البحيرة، وبدل سرقة الغواصين لحجر النيزك الساقط في قاع البحيرة، تبدل السرقة إلى درع المحارب المجهول وسيفه البتار، وهكذا تتوالد القصص من بطن بعضها البعض سواء انتمت لخط الرواية الرئيسي أم لم تنتم، حتى نأتي إلى فك لغز الرواية في الجزء الأخير المسمى "طريق أزقار"، حيث يتعرف العازف إلى تاريخ وقصة حياة أمه التي تراءت له في بعض من الحكايات المذكورة، وهنا يصبح السرد تقريريا وعاديا جدا وينتهي مثل فيلم هندي، حيث تتكشف كل الأسرار ويتعرف على كل معارفه وتوتة توتة خلصت الحدوتة.

هذه الرواية يحسب لها أساليب السرد وطبقاته وقدرة خيال الكاتب غير المحدودة المبنية المستفادة من الأفلام السينمائية وحكايات ألف ليلة، وأيضاً كانت اللغة في بعض الفصول ترتفع إلى مستوى الشعر في ثرائها.

وعلى الصعيد الشخصي كشفت لي الرواية عن بحيرة "اكلام ازكزا" التي لم أسمع بها من قبل وبحثت عنها في الإنترنت واكتشفت جمالها، كما أضافت لي معلومة كنت أجهلها عن سمك الزنجور، وهو من فصيلة أسماك باتت شبه منقرضة وتوجد في مناطق محددة من العالم.

back to top