الفصل الأخير
![عبداللطيف مال الله اليوسف](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1597343945683541200/1597343994000/1280x960.jpg)
من هنا برزت مشكلة لم تكن لتبرز لو كان المكون العربي متحداً مثلما كان قبل السقوط، ذلك أن الأكراد قد عقدوا العزم على ضم المحافظات العراقية التي يمثل العنصر الكردي وجوداً فيها، فكانت محافظات ديالى ونينوى وكركوك لكونها مناطق تجسد النزاع بينهم وبين غيرهم من العراقيين، مرة أخرى واستغلالا للتنسيق بينهم وبين الحكومات العراقية المتعاقبة التي كانت في حاجة إلى ممثليهم في البرلمان العراقي تحركوا بمنهجية، فنشروا قواتهم من البيشمركة في مناطق جلولاء والسعدية ومندلي من محافظة ديالى الواقعة جنوب محافظة السليمانية في شمال شرق العراق، ثم أرسلوا الفرقة الثالثة من الجيش العراقي وهي بالمناسبة فرقة كردية خالصة بجميع أمرائها وجنودها، ويتقاضى جميع أفرادها مرتباتهم من ميزانية الدولة العراقية، إلا أنها خارجة عن سلطة الحكومة العراقية في بغداد، ولا تتلقى أوامرها من رئيس الوزراء، ولا من رئيس أركان الجيش العراقي، وقد نقلت من موطنها الأصلي في محافظة دهوك لتحتل قضاء سنجار الذي يقع غرب مدينة الموصل ملاصقا للأراضي التركية، وقد أنيطت بها مهمة ضم هذا القضاء ثم مدينة الموصل، ثم أقضية سهل نينوى الثلاثة وهي قضاء الحمدانية وشيخان وتكليف إلى إقليم كردستان؛ ليمتد هذا الإقليم من محافظة ديالى المجاورة لبغداد إلى السليمانية، ثم يواصل اتجاهه شمالا إلى أربيل ثم ينعطف إلى شمال غرب، حيث محافظة دهوك فمحافظة نينوى في شمال غرب العراق؛ لينحدر بعدها إلى جنوب غرب العراق محاذيا للأراضي السورية في دير الزور.إن انسحاب قوات الجيش العراقي مؤخرا من كركوك الغنية بالنفط وحلول قوات البيشمركة الكردية مكانها إنما يمثل الفصل الأخير من التنسيق والتعاون اللذين سادا العلاقة بين الحكومات العراقية والأكراد، والذي مؤداه أن يستقل الأكراد بهذا الجزء الكبير والهام من الوطن العراقي، وتعمد إفقار المكون السنّي والتركماني وغيرهما من مكونات الشعب العراقي، وحرمانهما من عوائد الثروة النفطية لهذا الجزء من الوطن العراقي على اعتبار أن التنسيق بين الأكراد والعرب الشيعة الذين يمثلون الأغلبية السكانية في محافظات الجنوب العراقي قد يمضي حتى نهايته، فيستقل أهل الجنوب العراقي بجنوبهم مع ما يضمه من الثروات النفطية التي يتميز بها هذا الجزء من العراق، فيا له من ثمن باهظ تدفعه حكومة المالكي نظير تمتعها بحكم العراق لبضع سنوات.