قال تعالى في كتابه العزيز «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً». سورة الإسراء الآية (70).

Ad

ما يميز الكويت عن غيرها في دول المنطقة هو نعمة حرية التعبير التي يتمتع بها المواطن، لكن للأسف استغلال البعض لهذا المصطلح في غير محله، فالحرية تعني انتقاد الأعمال شرط أن تحفظ الكرامات، فالإنسان كرمه الله سبحانه وتعالى ولم يسمح في شرعه العادل أن تُمتهن كرامات العباد التي حفظها الله له في الحياة والممات.

في الكويت مازلنا لا نميّز بين انتقاد العمل ونقد الأشخاص، فعلى مر الأيام الماضية امتهن بعض المغردين وأصحاب القلم الإساءة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء دون مراعاة لأبسط قواعد الأخلاق، ولم يكن النقد في أغلبه موجهاً إلى عمل أو أداء.

قد يتصور البعض أننا بهذا المقال ندافع عن رئيس الوزراء لكنه مخطئ، فالدفاع ليس عن عمل الرئيس أو أقواله، فهو معني بالرد عليها، لكن الدفاع عن القيم الأخلاقية التي نرفضها متى أخذت صفة الهمز واللمز بقصد التجريح والنيل من كرامات الناس.

لا يوجد مادة بالدستور تحصن رئيس الوزراء من المساءلة السياسية، لكن يجب أن يتم توجيهها وفق المسؤولية السياسية دون القفز بمادة الاستجواب من خلال تجاوز الوزير المختص والذهاب مباشرة إلى شخص الرئيس، وهذا ما تم فهمه من الاستجواب المقدم من النائب رياض العدساني الذي نتوسم منه نصرته للحق.

توجيه الاستجوابات إلى رئيس الحكومة مع وجود الوزير المعني لا يحقق المرجو منه على الرغم من أهمية مادتها لأنها لا تخدم برنامج الإصلاح بقدر ما ستؤثر في روح التعاون بين المجلس والحكومة، إلا إذا كان الهدف منها إسقاط رئيس الحكومة وإحراجه.

التنبؤ بتوتر العلاقة بين المجلس والحكومة كان واضحاً ومنذ اليوم الأول لانعقاد المجلس، فالآلية التي اتبعتها الحكومة في توجيه أصواتها وتوزيعها على مناصب مكتب الرئيس ولجانه، حيث فُسر ما حصل على أنه إقصاءٌ لمجموعة بعينها من أعضاء المجلس المبطل السابق.

مازلنا نعيش دوامة الاستقطاب السياسي، وأن حرب كرسي رئاسة الحكومة لم تهدأ كما نظن، وأن اللاعبين لم يستسلموا للأمر الواقع، كما أن المعارضة لم تمت وإن مرضت لبعض الوقت، وهي تتربص بالأخطاء التي يرتكبها بعض الوزراء عبر تصريحات مستفزة للشارع الكويتي، وهي بمنزلة هدايا مجانية من قبل الحكومة تتلقفها المعارضة وتتعامل معها على أكمل وجه، والتي كان آخرها وثيقة إقصاء شباب الحراك.

الشارع سواء المؤيد أو المعارض لم يكن راضياً عن برنامج عمل الحكومة رغم محاولات التبرير التي بذلتها وزيرة التخطيط الدكتورة رولا، فما جاء ببرنامج العمل لم يجد القبول من الأغلبية العظمى لأعضاء مجلس الأمة ناهيك عن الشارع الكويتي.

ودمتم سالمين.