أكدت المحكمة الإدارية أمس سلامة قرارات وزير المواصلات عيسى الكندري بوقف رئيس مجلس إدارة مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية السابق سامي النصف وإعادة تشكيل مجلس إدارة المؤسسة، من دونه، وقالت إنها قرارات صحيحة وتطابق نصوص القانون.

Ad

وبينت المحكمة التي أصدرت حكماً برئاسة المستشار د.جاسم الراشد ان وزير المواصلات عيسى الكندري مختص بإصدار القرارات الخاصة بوقف النصف عن العمل، وبإنهاء عمله بموجب القانون والدستور، لافتة إلى أن النصف كان يراسل الوزير مُصدر القرارين على انه مختص بالإشراف على مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية. وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها البارز أن المحكمة تأكدت أن القرارات التي اتخذها الوزير الكندري بحق سامي النصف هدفها المصلحة العامة، ولم تخرج عن ذلك السياق، ودعت مجلس ادارة مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الحالي الى العمل نحو خصخصة المؤسسة وادخالها حيز تنفيذ القانون الجديد، والعمل على رفعة المؤسسة وتحديث اسطولها بهدف تحويل الكويت الى مركز اقتصادي ومالي. وأكدت أن النصف أبرم صفقة شراء خمس طائرات هندية مستعملة دون الرجوع الى مجلس الإدارة أو الحصول على موافقة الوزير المعني، ما يعد مخالفة قانونية للإجراءات التي رسمها القانون، فضلا عن ان الصفقة تمثل عبئا كبيرا على الميزانية العامة، كما رأت المحكمة ان هناك ظلالا كثيفا من الشك يحوم حول السعر الحقيقي للصفقة وفي ما يلي نص تفاصيل الحكم:

قالت المحكمة الإدارية في حيثيات حكمها، ان التطور الذي شهدته الكويت بعد نيلها الاستقلال اوائل الستينيات استلزم امتلاك الدولة للخطوط الجوية الكويتية التي كانت وقتذاك شركة مساهمة، وذلك بقصد النهوض بقطاع النقل الجوي وتطوره لأهميته لاقتصاديات الدولة، ولهذا تم تحويلها إلى مؤسسة عامة بمقتضى القانون رقم 21 لسنة 1965 في شأن نظام مؤسسة الخطوط  الجوية الكويتية وتعديلاته، غير انه وفي ضوء تطور العمل في مجال النقل الجوي وتزايد المنافسة الإقليمية من جهة، ونظرا لاستكمال المؤسسة لكل تجهيزاتها واحتياجاتها الفنية والادارية من جهة اخرى، فقد اصدر المشرع القانون رقم 6 لسنة 2008، وتعديلاته بمقتضى المرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2012، في شأن تحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الى شركة مساهمة، والذي جاء بمذكرته الايضاحية، ان تغير اهداف السياسة الاقتصادية خلال المرحلة الحالية والتوجه نحو تحرير النشاط الاقتصادي وتشجيع إسهام القطاع الخاص في تحقيق التنمية الاقتصادية، فقد اصبحت الحاجة ماسة الى اعادة النظر في النظام القانوني للمؤسسة بما يتلاءم مع المتطلبات التي افرزتها التطورات والاهداف المذكورة، وهذا الامر هو الذي اقتضى التفكير في تحويل المؤسسة الى شركة مساهمة عامة بما يمنحها المرونة الكافية في الإدارة والتشغيل استهدافا للتطوير وتحقيق الأرباح من ناحية، ويحرر الميزانية العامة من الاعباء المالية الضخمة الناتجة عن الحماية التي تضفيها على المؤسسة من ناحية أخرى.

واضافت المحكمة في حكمها انه نظرا لما آلت اليه اوضاع مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية نتيجة تقادم اسطولها الجوي، وكثرة الاعطال الفنية التي اصابت بعض طائراتها نتيجة لقدمها مما اعاق تشغيلها وحيث ان تلك المؤسسة كان لزاما عليها امتثالا لقانوني التحويل سالفي الذكر والاهداف الواردة بهما ان تسارع الخطى نحو تحديث ذلك الاسطول حتى تحقق الجاذبية المطلوبة بمواجهة القطاع الخاص بغية اتمام الخصخصة، ولن يتحقق ذلك الا بشراء طائرات جديدة، او بتأجير طائرات ذات جودة متوسطة - ان لم تكن عالية - وبتكلفة مالية معقولة تخدم تحقيق اهداف المرحلة الانتقالية (الحالية) لحين اتمام بيع حصة الدولة.

وبينت المحكمة انها لا تنازع المدعي بصفته ولا باقي اعضاء لجنة شراء الطائرات ولا ايضا اعضاء مجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية حين ترجيحهم بالاجماع العرض المقدم من شركة ايرباص بالمقارنة مع عرض شركة بوينغ لنظرا لان العرض الاول يعتبر ارخص تأجيرا وشراء وتشغيلا بما يتواكب مع استراتيجية الشركة المستقبلية بالتركيز على تخفيض الخسائر للوصول الى الربحية وذلك في ضوء توجيهات الهيئة العامة للاستثمار، اضافة الى المشاكل الفنية التي اصابت طائرات (B787) وارغمتها على التوقف عن التحليق لعدة اشهر، وقد ثبت ذلك كله من واقع مستندات الدعوى، كما ثبت للمحكمة افضلية عرض شركة ايرباص بعد ورود الرأي الفني من الجهة الاستشارية العالمية المتخصصة (شركة الاياتا).

وزير المواصلات

وبينت المحكمة قائلة ومن ذلك واذ كانت الافادات التي ارسلها المدعي بتاريخي 14 نوفمبر و24 نوفمبر 2013 لوزير المواصلات لم تقنع هذا الاخير واذ ترى المحكمة انه لا محل لتذرع المدعي بما جاء بالقانون انشاء المؤسسة المذكورة رقم 21 لسنة 1965 بشأن هيمنة مجلس الادارة على شؤون المؤسسة وتعريف اعمالها (نص المادة الخامسة) إذ إن هذا النص لا يعطي صلاحية للمجلس سوى إبداء الاقتراحات المتعلقة بالسياسة العامة التي تنوي السير عليها، غير أن إقرار ذلك الأمر يجب أن يكون من خلال المشرف والمسؤول عن أعمال تلك الجهة، وهو وزير المواصلات.

وزادت: "كما أنه لا محل لتمسك المدعي بكتاب الهيئة العامة للاستثمار المرسل إليه بتاريخ 12/3/2013، ذلك أنه باستقراء المحكمة لذلك الكتاب فلم يتبين منه ثمة صلاحيات أعطيت من الهيئة المذكورة للمدعي بشأن تفضيل أي من خياري الشراء أو التأجير، بل إن ذلك الكتاب انصب فقط على تفويض الهيئة لمجلس إدارة الخطوط الجوية الكويتية دراسة الأسعار الأولية المقدمة ضمن عروض شركتي بوينغ وايرباص للطائرات المقترحة والمدرجة ضمن خطة تحديث أسطول وإعادة هيكلة المؤسسة".

وقالت: "لما كان المدعي قد أرسل عدة كتب إلى وزير المواصلات السابق وكذلك الحالي (المدعي عليه الثاني بصفته) بشأن خطة التحديث المزمع القيام بها فإن ذلك ابلغ دليل على اختصاص المذكور -دستوريا وقانونيا- بالإشراف على اعمال الخطوط الجوية الكويتية كونها من الجهات التابعة له".

وأضافت: "وإذ كان المدعي قد تلقى من الوزير بتاريخ 18/11/2003 الكتاب رقم (595-2013) يطلب فيه وقف السير في اجراءات اتمام صفقة شراء الطائرات الخمس المستعملة من الشركة الهندية، غير أن المدعي عقد مؤتمرا صحافيا بتاريخ 24/11/2013 أعلن فيه عزمه إتمام الصفقة المنوه عنها دون اكتراث للتحذير الذي سبق ابلاغه به".

سبب صحيح

واردفت المحكمة: "وإذ كانت تلك الأسباب قد دونت في ديباجة القرار الأول رقم (4162) لسنة 2013 الصادر بتاريخ 25/11/2013 بإيقاف المدعي عن العمل مؤقتا من تاريخ صدور القرار حتى اشعار آخر، فالمحكمة تؤيد المدعى عليه الثاني بصفته بذلك القرار لارتكانه على سبب صحيح من الواقع والقانون".

واستدركت: "كما ترى المحكمة ايضا ان القرار الثاني محل الطعن رقم (4170) لسنة 2013 الصادر بتاريخ 4/12/2013 من المدعى عليه الثاني بصفته بإعادة تشكيل مجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية قد جاء صحيحا في السبب الذي قام عليه، إذ خلا مقعد ثلاثة من اعضاء المجلس القديم بعد ايقاف المدعي عن العمل واستقالة اثنين آخرين غيره، وبالتالي فقدان اجتماعات مجلس الادارة النصاب القانوني المطلوب، ما سيعطل -بلا شك- مباشرته لأعماله واختصاصاته".

وبينت ان "هذا ما حتم على المدعى عليه الثاني بصفته اصدار القرار رقم (4170) لسنة 2013 بإعادة تشكيل مجلس ادارة جديد باشر مهامه فور صدور ذلك القرار، وعليه يكون النعي على القرارين المطعون فيهما كونهما مفتقدين السبب الصحيح والمشروع، نعيا غير سديد تلتفت عنه المحكمة".

ولفتت الى انه "وبشأن السبب الثالث الذي اثاره المدعي بحق القرارين المطعون فيهما كونهما جاء فاقدين لركن الغاية اللازم لصحة القرار الاداري ومشوبين بعيب اساءة السلطة، ففي هذا الصدد ذهب بعض الفقه الاداري -بحق- في تعريفه للانحراف بالسلطة بأنه (استعمال اجل الادارة سلطته التقديرية لتحقيق غرض غير معترف له به)".

وقد قضت محكمة التمييز في هذا الشأن بأن "عيب اساءة استعمال السلطة والانحراف بها هو من العيوب القصدية في السلوك الاداري التي يلزم توافر ركن القصد بالنسبة لها، فهو يجب ان يشوب الغاية من القرار الاداري ذاتها، بان تكون الادارة قد تنكبت وجه المصلحة العامة التي يجب ان يتغياها القرار او اصدرت قرارها بباعث لا يمت لتلك المصلحة بصلة، وعيب اساءة استعمال السلطة لا يفترض بل يجب اقامة الدليل عليه، ويقع ذلك على المدعي فهو الذي يتولى عبء الاثبات وتقديم الادلة".

خدمات متدنية

وقالت المحكمة: "اذ كان ما تقدم وإذ بان بالاوراق ان الدولة بكل قطاعاتها المختلفة تنطلق حاليا نحو النهوض بكل الخدمات التي تقدمها مرافقها العامة، ويأتي على رأس تلك القطاعات الخطوط الجوية الكويتية التي تأسست منذ عام 1954 ومنذ ذلك التاريخ تقدم خدمات متدنية اذا ما قورنت بخطوط الطيران الاخرى المنافسة لها، ووصل الامر الى تهديد حياة الركاب نتيجة التوقف المستمر لها وكثرة حالات التأجير والتأخير على رحلاتها".

وأوضحت انه "اذ كان باعث صدور القانون رقم 6 لسنة 2008 بشأن تحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الى شركة مساهمة وتعديله المجرى بالمرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2012، هو الارتقاء بخدمات تلك الجهة وتحويلها الى القطاع الخاص بغية تدارك تلك المثالب والصعود بتصنيفها الى اعلى مستوى، فذلك ما دفع الجهة الادارية الى تشكيل مجلس إدارة وضع المدعي رئيسا له بموجب القرار رقم 1868 لسنة 2012 الصادر بتاريخ 6/11/2012 من وزير المواصلات السابق على الوزير الحالي (المدعى عليه الثاني بصفته)".

مصلحة عامة

واستطردت المحكمة: "وعليه وإذ كانت المحكمة من استعراضها لمجمل مستندات الدعوى واستنهاضها لخلفيات صدور القرارين المطعون عليهما فقد تكشف لها بجلاء ان رائد تحقيق المصلحة العامة كان حاضرا في ذهن المدعى عليه الثاني بصفته حين صدورهما من قبله، فعلى ذلك لا تملك والحال كذلك سوى تأييد هذين القرارين لخلوهما من جميع عيوب القرارات الادارية سالفة الذكر".

وذكرت انه "لا ينال من ذلك محاولة المدعي التدليل على كفاءة الصفقة المذكورة من واقع ما قررته لجنة فحص الطائرات في الزيارة التي قامت بها لجمهورية الهند لهذا الغرض، إذ إن كل ما قدمه في هذا الشأن لم يكن سوى كتاب من صفحة واحدة ذكر فيه اسماء اعضاء تلك اللجنة فقط، ولم يورد فيه اي بيان آخر يعزز ذلك الادعاء كتفاصيل الفحص والنتيجة النهائية التي توصلت لها تلك اللجنة".

وزادت: "كما لا يغير من هذا القضاء نعي المدعي على القرار الاول المطعون فيه انه قرار تأديبي البسته الادارة ثوب الوقف عن العمل، وان القرار الثاني المطعون فيه، الذي نص على تشكيل مجلس ادارة جديد قد تضمن -في حقيقته اقالته من العمل، فذلك جميعه مردود بما هو مستقر عليه من ان اساءة استعمال السلطة او الانحراف بها يعد من العيوب القصدية التي ينبغي على من يدعيه اثباته بالدليل القاطع- في حين ان المدعي لم يقدم في هذا الشأن سوى قول مرسل تلتفت عنه المحكمة".

وأشارت الى انه "-اخيرا وليس آخرا- في الوقت الذي تنتهي فيه إلى تأييد القرارين المطعون فيهما، فإنها تنبه وبحزم على مجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية الحالي الذي تم تشكيله بموجب القرار رقم 4170 الصادر بتاريخ 4/12/2013 ضرورة الاضطلاع بمسؤولياته الوطنية والقانونية والاسراع في تنفيذ كل متطلبات المرحلة الانتقالية الحالية لحين اتمام عملية الخصخصة، ومن ابرز ما يتحتم على المجلس المذكور عمله اجراء التحديث الامثل لاسطول الكويتية، الذي يحقق طموح الشعب الكويتي قاطبة، وليساعد ذلك في جعل الكويت مركزا تجاريا وماليا"..

المدعي انفرد بخيار الشراء محاولاً فرضه

اوضحت المحكمة ان الثابت لها ان المدعى بصفته - في الخطوة التي اعقبت ترجيح اختيار عرض شركة ايرباص - قد انتهج بطريق يخالف السياسة العامة للدولة وما جرى الاتفاق عليه من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية والغاية من اصدار القانون رقم 6 لسنة 2008 وتعديلاته الواردة بالمرسوم بالقانون رقم 22 لسنة 2012 وفقا لما سلف ايراده ويتمثل وجه المخالفة في مضيه قدما نحو اتمام شراء 5 طائرات مستعملة من الشركة الهندية (JET AIRWAYS)، اذ كان لزاما عليه التريث في ذلك الامر لاسيما انه من المسلم به ان سعر الشراء اغلى بكثير من سعر التأجير ولا شك في ان ذلك سيكبد الميزانية العامة عبئا ماليا كبيرا في الوقت الذي تسعى فيه المؤسسة الى خفض تكاليفها الى حين التحويل الى القطاع الخاص، ولا تطمئن المحكمة في هذا الصدد لما ابداه المدعى من موافقة اعضاء مجلس الادارة على توجه الشراء المذكور، ذلك ان الثابت من محضر اجتماع مجلس الادارة رقم (13/2013) المؤرخ 13/11/2013 ان المدعى بصفته هو من انفرد بخيار الشراء محاولا فرضه على باقي اعضاء المجلس، غير ان كل ما قدمه كان سردا قوليا لمزايا الصفقة بزعم ان قيمة الشراء تقدر بـ85.000.000 دينار في حين تبلغ تكلفة التأجير 134.000.000 دينار دون ان يشير او يوضح للمجلس عما اذا كان مبلغ الشراء يتضمن قيمة تكاليف الصيانة والدهان الخارجي والديكور الداخلي للطائرات من عدمه مما يلقي ظلالا كثيفة من الشك حول السعر الحقيقي للصفقة ولعل هذا الامر هو ما جعل نائب الرئيس جسار الجسار يبدي تحفظه على صفقة شراء طائرات مستعملة لاسيما ان ذلك - حسبما قرر المذكور في المحضر - سيكون له اثر سلبي يتمثل في اثارة الرأي العام.