جرأة وشجاعة نادرة

نشر في 28-01-2014
آخر تحديث 28-01-2014 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي مرة أخرى تثبت المرأة الكويتية أنها لا تقل شجاعة وجرأة عن أخيها الرجل، فهي، كما يقال، أخت الرجال مع أني لا أجد في هذا الوصف تمييزاً لها، في الأسابيع القليلة الماضية نشرت صحيفة «القبس» الغراء مقالا للأخت الفاضلة «سعاد فهد المعجل» تحت عنوان جمعية الفيحاء دولة داخل منطقة»، لم أستغرب هذه الجرأة من الأخت الكريمة، فهي ابنة العم الفاضل فهد المعجل «بو فيصل» أحد رجالات الكويت المعروفين، وقد تشرفت بالتعرف عليه منذ عام 1983 عندما كلفت من الأستاذ راشد عبدالعزيز الراشد وكيل وزارة الخارجية في ذلك الوقت بافتتاح قنصلية دولة الكويت في مدينة «ليماسول» بجمهورية قبرص الصديقة، وبذلك كنت أول قنصل للكويت في ذلك البلد الصديق، وكان العم الفاضل «بوفيصل» يتولى مسؤولية القنصل الفخري لجمهورية قبرص في البلاد؛ لذا فقد كنت كثير التردد على مكتبه العامر في منطقة المرقاب مقابل مسجد عبدالله مبارك.

 أثار المقال شجوني، حيث إننا من مؤسسى منطقة الفيحاء في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، وكانت يومها تشتمل على سكن لبعض العائلات الكويتية التي انتقلت من منطقة المرقاب، لم يكن التيار الكهربائي قد وصل إلى المنطقة بعد، فكنا نستخدم «اتريك بو فتيلة» الذي يعمل «بالكاز».

ونظرا لعدم اكتمال بناء المدارس فقد التحقت بمدرسة صلاح الدين المتوسطة مستخدما الدراجة الهوائية «الغاري» متنقلا من الفيحاء إلى المرقاب مروراً بمنطقة ضاحية عبدالله السالم قبل نشأتها، وكانت أرض فضاء قاحلة، كم كان ذلك الوقت قاسياً، وخاصة في فصل الشتاء القارس البرودة، فلا أكاد أصل إلى المدرسة حتى أشعر بتجمد أطرافي، ولكنها الحياة أروع ما فيها التحدي، فكنت أرسم من خلاله حلماً رائعاً طالما راودني كل صباح وأنا أسير في ذلك الطريق الموحش في تلك السن المبكرة، فأحس بالدفء يسري في عروقي وأنا أتصور ذلك الحلم وقد أصبح حقيقة، فغدوت مع الزمن أتحمل مسؤولية ليست بالهينة ممثلا لبلدي في العديد من دول العالم، حاملاً عصا الحل والترحال قاطعاً طريقاً طويلاً متنقلاً من أقصى الأرض إلى أقصاها، فوقفت على حافة الصين شرقاً وجلت في غابات الأمازون، وعلى قمة الأخدود العظيم في أميركا وسواحل المحيط الباسفيكي غرباً، من أقصى شمال الأرض متسلقاً جبال الألب إلى وسط أدغال إفريقيا.

اعذرني عزيزي القارئ فقد ابتعدت قليلا عن الموضوع الذي أنوي الحديث عنه، فقد أثار الموضوع شجوني فأحسست بألم للحال التي وصلت إليها جمعية الفيحاء التعاونية منذ تلك السنين الخوالي عندما كان يتولى مجلس إدارتها بعض الإخوة الأعزاء أمثال المغفور له الأخ علي العصيمي- رحمه الله- والأخ الفاضل عبدالعزيز الخضيري والقريب العزيز صقر أحمد الصقر، وغيرهم من الإخوة الأعزاء.

فكما تعرضت الأخت الفاضلة فقد استخدمت بعض أرباح الجمعية التي من المفترض أن تعود للمساهمين في إعطاء منح لأداء فريضة العمرة، ولا نعرف على أي أساس يتم الاختيار، أما تجميل المنطقة فقد أقيمت بعض الأضرحة والمسلات والإهرامات، أما النظافة فحدّث ولا حرج حتى وصل الأمر لمسجد «الغنيمان» الذي تشرف عليه الجمعية، أما دورات المياه فتشعر بالغثيان عند ذكرها، أضف إلى ذلك أعدادا هائلة من العمالة الوافدة، والغريب أن إدارة الجمعية تفرض على مستثمري الفروع دفع مبالغ لدعم العمالة الوطنية مع عدم توظيف أي مواطن، ورفع قيمة الإيجارات بشكل دكتاتوري  مع وضع لوائح ونظم خارج نطاق الدولة، وللأسف هذه الأمور ليست قاصرة على جمعية الفيحاء، بل تكاد تشمل كل الجمعيات بلا استثناء.

ما أود تأكيده في هذا المقال أن نضع الأخطاء تحت المجهر بهدف الإصلاح والبناء لا الهدم، وتكسير المجاديف، وكلنا أمل في أن تعود الجمعيات التعاونية لتلعب دورها الهام في الاقتصاد الوطني والقيام بدورها المميز في خدمة المنطقة وسكانها بعيداً عن التكالب على تحقيق الأرباح بأي وسيلة كانت.  كم أتمنى أن نرى منافسة جادة بينها لتطوير المناطق وتجميلها ونظافتها وتخضيرها والتسابق في إنشاء الحدائق العامة والملاعب لممارسة الرياضة، وساحات لتسلية الأطفال، وتقديم الخدمات المختلفة بعيداً عن إضفاء صبغة معينة على توجهاتها.

ودعاؤنا دائما للعلي القدير أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

خطوة على الطريق الصحيح

نقلت الأخبار في الأسابيع القليلة الماضية أن اتحاد الجمعيات التعاونية قد قام بإنشاء أكاديمية للعلوم التعاونية لتكوين كوادر وطنية متخصصة في هذا المجال، لا شك أن هذه خطوة رائعة وجيدة في الطريق الصحيح ليتولى أبناء الوطن مسؤولية إدارة هذا المرفق الاقتصادي الذي يرتبط بحياة المواطن المعيشية اليومية.

back to top