عبد الفتاح القصري.. كوميديان صاحب النهاية الحزينة

نشر في 14-07-2014 | 00:01
آخر تحديث 14-07-2014 | 00:01
No Image Caption
إصرار عبد الفتاح القصري على دخول عالم الفن جعل والده يتراجع عن حلمه بأن يصبح من كبار موظفي الدولة بعدما أدخله مدرسة {الفرير} مع أبناء الطبقة الراقية.

ورغم أن أولى خطواته الفنية واجهت الفشل، فإنه واصل مشواره لإحساسه بأنه يملك الموهبة، لذا انضم إلى فرقة جورج أبيض الذي أسند إليه دوراً كان على القصري أن يبكي فيه، لكنه لم يستطع فعل ذلك على المسرح، وهو ما دفع جورج أبيض إلى صفعه على وجهه صفعة قوية، فبكى القصري، وبعدها أبلغه بأنه لا يصلح للأدوار التراجيدية. لم يغضب القصري من ذلك، بل أكد على حديثه، وأنه يميل إلى الأدوار الكوميدية لإضحاك الناس لا لإبكائهم.

التحق الممثل لاحقاً بفرقة الريحاني حيث قدم مجموعة كبيرة من المسرحيات، واقترح عليه نجيب الريحاني التركيز في الفن، وترك صناعة الذهب التي كان والده يعمل فيها.

الريحاني أيضاً صاحب فكرة أن يقدم القصري شخصية ابن البلد، والتي كانت سبباً في شهرته الواسعة، بل تقريباً لم يقدم أدواراً غيرها. حتى إنه كان قد تلقى عرضاً من المخرج أحمد بدرخان لتقديم دور علي باشا مبارك في فيلم {مصطفى كامل}، ولكنه رفض تماماً، مشيراً إلى أنه لا يعرف حياة الباشاوات، ولا يجيد سوى تقديم دور المعلم، أو الجزار، أو الحانوتي، أو صاحب مقهى.

ومن أبرز أفلام القصري {سي عمر} الذي قدمه عام 1941، وجسد فيه الشر الممزوج بالكوميديا، كذلك أفلام {بيت الأشباح} و«الأستاذة فاطمة} و«الآنسة حنفي} وابن حميدو}، التي قدمها مع المخرج فطين عبد الوهاب الذي كان يتمتع بحس كوميدي.

نجاح القصري في تقديم أدواره بمختلف الأعمال الفنية، يرجع إلى أنه كان كوميدياناً بسيطاً غير متكلف، لا يتصنع ويتظاهر بالتمثيل، واستخدم في ذلك نظرات عينيه، وتغيير طبقة صوته، ومشيته للتأكيد على مصداقيته.

واختتم هذا النجاح الفني بمأساة كبيرة تعرض لها، بدأت حينما فقد بصره فجأة، وهو ما لم تتحمله زوجة القصري، لذا طالبته بالطلاق، وأجبرته على أن يكون شاهداً على زواجها من صبي البقال الذي كان يرعاه القصري. وسكن الزوجان في شقة الكوميديان الذي لم يستطع الاعتراض، والأكثر من ذلك أنها كانت حينما تخرج مع زوجها للتنزه تغلق الأبواب على طليقها، ليصرخ من وراء أسياخ حديد شباك شقته، حتى التقطت له صورة وهو في هذا الوضع، أثرت في نفوس جمهوره.

ولم يقف إلى جانب القصري في مأساته من أصدقائه في الفن سوى ماري منيب ونجوى سالم، فكانتا تزورانه لتكتشفا أنه فقد جزءاً كبيراً من ذاكرته مع بصره، فأدخلته الأولى المستشفى على نفقتها، وبعد خروجه تبين لهما أن طليقته باعت أثاث البيت ثم وضعت البلدية الشمع الأحمر على المنزل ليصبح القصري بلا مأوى، لذا طالبت الثانية الدولة المصرية بمساعدته، وحصلت له على شقة بعد موافقة محافظ القاهرة على طلبها، وتعاون الفنانون لتوفير أموال لعلاجه من بينهم عبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، ومريم فخر الدين، وأحمد مظهر.

وانتهت هذه المأساة في مارس 1964 حينما أعلنت المستشفى وفاته بعد أيام من دخوله إليها.

back to top