خيم شبح الحرب الأهلية في ليبيا أمس، بعدما انضم العشرات من قيادات الجيش الليبي إلى محاولة السيطرة على السلطة التي يقودها حفتر، معلنين تعليق عمل المؤتمر الوطني، وتكليف حكومة عبدالله الثني بمتابعة تصريف الأعمال، بينما قرر رئيس المؤتمر الوطني نوري أبوسهمين، الذي لم يعرف مكان وجوده، نشر مسلحي «درع ليبيا» الميليشيا الإسلامية في العاصمة طرابلس.

Ad

انقشعت سحب الدخان التي خيمت على مبنى المؤتمر الوطني الليبي أمس، إثر هجوم مسلح لأنصار اللواء المنشق خليفة حفتر، لتبدو صورة جديدة للصراع في البلاد يخيم عليها شبح الحرب الأهلية.

انشقاقات

في غضون ذلك، انضمت قيادات في الجيش الليبي النظامي إلى القوات الموالية للواء حفتر، والتي تطلق على نفسها اسم «الجيش الليبي الوطني».

وأكّد آمر قاعدة طبرق الجوية الليبية العقيد إبراهيم عبدربه لـ«بوابة الوسط» الإخبارية أن القاعدة بصدد إصدار بيان تُعلن فيه الانضمام إلى الجيش الوطني الليبي.

وقال عبدربه إنهم يعقدون اجتماعاً مع مشايخ وحكماء وأعيان طبرق ومؤسسات المجتمع المدني، مضيفاً أنهم سينضمون إلى «الحرب ضد الإرهاب والتطرف».

وفي وقت سابق، أعلن قائد الشرطة العسكرية العقيد مختار فرنانة، في بيان باسم ما أطلق عليه الجيش الوطني، تجميد عمل المؤتمر الوطني العام «البرلمان» وتكليف لجنة الستين المنوط بها صياغة الدستور بالمهام التشريعية والرقابية «في أضيق نطاق». ودعا بيان فرنانة الحكومة المؤقتة إلى الاستمرار في عملها حتى انتخاب البرلمان والرئاسة، وأشار إلى أن ما تم من «حراك في طرابلس ليس انقلاباً على السلطة، بل هو انحياز لإرادة الشعب الليبي».

أبوسهمين

وأمر قائد القوات المسلحة ورئيس المؤتمر نوري أبوسهمين بنشر مسلحي «درع ليبيا المركزي»، وهو مجموعة من الميليشيات الإسلامية القوية في العاصمة طرابلس، لمواجهة محاولات السيطرة على السلطة.

وأعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش «التزامها بالشرعية في ليبيا الجديدة، واستهجانها للأعمال الإرهابية التي تستهدف منتسبي الجيش وغيرهم من المواطنين، ودعمها للثوار الحقيقيين الذين يعملون لصالح الوطن وتحقيق إرادة الشعب».

وأكدت رئاسة الأركان، أنها «تراقب الأحداث الدامية التي تشهدها مدن عدة في ليبيا، وتعمل على وقف نزيف الدم، الذي يحدث الفوضى والانقسام بين الليبيين».

نفي الاختطاف

ونفى المؤتمر العام صباح أمس الأنباء التي تحدثت عن اختطاف أبوسهمين وعدد من أعضاء المؤتمر، بعد قيام عناصر تابعة لكتيبة «القعقاع» و»الصواعق»، وهي فصائل منافسة للإسلاميين أمس الأول، بمهاجمة مبنى المؤتمر. ونقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية «وال» مداخلة قام بها أبوسهمين على قناة ليبيا الرسمية والتي قال فيها إنه «موجود في مكان آمن ويقوم بتسيير الأعمال بالتنسيق الكامل مع نائبيه ورئيس الحكومة ومدير المخابرات العامة».

ولاحقاً، أصدرت الحكومة بيانا قالت فيه إنها طالبت المؤتمر العام بتعليق جلساته لحين إجراء الانتخابات العامة المقبلة بعد التصويت على ميزانية عام 2014 وإعادة انتخاب رئيس الوزراء.

وأضاف البيان أن رئيس الوزراء عبدالله الثني قدم اقتراح الحكومة إلى البرلمان كحل للأزمة السياسية وأعمال العنف التي تجتاح البلاد. من جهة أخرى، أعلنت السلطات الجزائرية إغلاق الحدود البرية مع ليبيا.

ضبابية

على الصعيد ذاته، نفى وزير العدل الليبي أن تكون الاشتباكات التي وقعت في العاصمة طرابلس لها صلة بالهجمات التي شنتها قوات موالية لحفتر على بنغازي الجمعة الماضية.

وعكس نفي الميرغني حجم الالتباس الذي يخيم على المشهد في ليبيا، حيث إن الميليشيات التي هاجمت مقر المؤتمر العام في طرابلس تنتمي إلى مدينة الزنتان التي تقع على مسافة 170 غرب طرابلس، بينما يعد اللواء حفتر من المناطق الشرقية ولا يعرف على وجه الدقة حجم التأييد له في الغرب.

وتعد كتائب الزنتان الذراع العسكرية للتيار الليبرالي في ليبيا، وتطالب بحل المؤتمر الوطني الذي تهيمن عليه تيارات إسلامية سلفية وإخوانية ومتشددة، والذي يواجه معارضة بعد قراره بتمديد عمله.

وبعد الهجوم الخاطف على مقر المؤتمر العام، انسحبت كتائب الزنتان إلى معقلها على طريق المطار، حيث دارت معارك بينها وبين ميليشيات إسلامية.

أسود التوحيد

يأتي هذا في ما أعلنت جماعة «أسود التوحيد» القريبة من تنظيم القاعدة في ليبيا أمس أنها ستقاتل القوات الموالية للواء حفتر.

وأضاف أحد المسلحين الملثمين الذي عرف عن نفسه باسم أبومصعب العربي في شريط فيديو نشر على مواقع الميليشيات أن «الجماعة ستنضم إلى الميليشيات الإسلامية الأخرى التي استهدفها الموالون لحفتر».

وكانت القوات الموالية لحفتر شنّت هجوماً الجمعة الماضية على معاقل لإسلاميين قالت إنهم «إرهابيون»، بينما تعهد اللواء المنشق عن نظام العقيد معمر القذافي بمواصلة حملة «الكرامة» للقضاء على المتشددين والإرهابيين في ليبيا.

قتيلان وهدوء

إلى ذلك، ذكرت وكالة الأنباء الليبية أن الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس أسفرت عن سقوط قتيلين و66 جريحا.

سفارات

وفي السياق، أغلقت السعودية أمس سفارتها وقنصليتها في طرابلس وأجلت كل أعضاء بعثتها الدبلوماسية لدى ليبيا بسبب «الأوضاع الأمنية».

كما أعلنت الإمارات وتركيا إخلاء سفارتيها.

(طرابلس، بنغازي -

أ ف ب، رويترز، د ب أ)