تشارك دولة الكويت دول العالم اليوم في الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من مارس من كل عام، والذي جاء بعد نضال طويل من أجل المساواة والعدل والسلام والتنمية.

Ad

وتحتفل الكويت كسائر دول العالم بهذا اليوم الدولي للمرأة، الذي تحييه منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1975 بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني التي تستذكر جملة الانجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمرأة.

وأثمر تاريخ النضال إقرار العديد من الاتفاقيات الدولية حول حقوق المرأة، ومنها الاتفاقيات المتعلقة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضدها، كالتمييز العنصري وغيره، فضلا عن اتفاقيات الحقوق السياسية للمرأة وحماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة.

أكد عدد من الناشطات في المجالات الاجتماعية والسياسية والرياضية أن المرأة الكويتية حصلت على كثير من حقوقها الاجتماعية والسياسية، ولكنهن تمنين المزيد من هذه الحقوق أسوة بالرجل.

وأوضحن في تصريحاتهن لـ"الجريدة" أن حصول أبناء "الكويتية" المتزوجة من غير كويتي على الجنسية الكويتية لابد أن يأتي في مقدمة أولويات أعضاء مجلس الأمة، لافتات إلى أنه على الرغم من حصول المرأة الكويتية على كثير من الحقوق فإنها لاتزال منقوصة.

ومن جانبها، قالت أمينة سر جمعية الخريجين مها البرجس إن حقوق المرأة الكويتية لاتزال منقوصة على الرغم من تاريخها الذي خطته بالصبر والكفاح سعيا منها إلى أن تحصل على جميع حقوقها بالتساوي مع شقيقها الرجل.

وأضافت البرجس في تصريح لـ"الجريدة" أن المرأة الكويتية سعت إلى الحصول على جميع حقوقها السياسية، وعلى الرغم من ذلك نرى وجود المرأة "كوزيرة" لا يتساوى مع الرجل، في حين أنها لا تقل كفاءة عنه في إدارة وزارة، أو في وجودها على رأس المناصب القيادية.

وأكدت أن "هناك قضايا كثيرة لم تحصل المرأة الكويتية على حقوقها فيها، ومن بينها عدم مساواة المرأة المتزوجة من غير كويتي مع الكويتي المتزوج من غير كويتية، وعدم حصول أبنائها على الجنسية الكويتية، إضافة إلى حقوقها في السكن التي وضعت لها شروط تكاد تكون تعجيزية». ولفتت إلى أن ثمة أمورا أخرى تساوت فيها المرأة مع الرجل، ومنها مساواته في الراتب، وهذا الأمر لا نجده في بعض الدول الأخرى مثل الولايات المتحدة الأميركية.

وفي ما يخص القضاء، أشارت البرجس إلى أن هناك خطوات جيدة في هذا الأمر، إلا أننا في المقابل نجد المرأة لاتزال تتعرض للعنف من الرجل، وهو عنف ذو أشكال مختلفة، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد مراكز إيواء للمرأة التي تتعرض للعنف.

وأوضحت أن المرأة المطلقة تأخذ حقوقها من الرجل، إلا أن هناك بعض الحالات التي تحتاج فيها إلى الذهاب إلى المحاكم سعيا وراء تلك الحقوق، لافتة إلى أن نسبة حصول المرأة الكويتية على حقوقها نسبة جيدة، ولكنها إلى الآن لاتزال منقوصة.

واختتمت بالإشارة إلى أن بعض القوانين لاتزال تظلم المرأة، إضافة إلى المناهج الدراسية التي لاتزال إلى اليوم تشير إلى دور المرأة في المجتمع على أنه يقتصر على أنها زوجة وأم فقط، لذلك ينبغي إعادة النظر في بعض تلك القوانين وفي المناهج الدراسية التي تدرس لأبنائنا في المدارس، لتعديل تلك الصورة.

دون الطموح

بدورها، أكدت الناشطة السياسية نائب رئيس جمعية الشفافية سلمى العيسى، أن "وضع المرأة الكويتية لايزال دون الطموح، رغم الجهود الكبيرة التي بذلت على مدى العقود الماضية"، مشيرة إلى أهمية أن يكون للمرأة دور أكبر في السلطات الثلاث.

وقالت العيسى لـ"الجريدة" إن "المرأة الكويتية لديها طموح كبير، ويجب أن تصل إلى مراحل صناعة القرار السياسي، لكونها شريكة في هذا المجتمع"، مطالبة بأن يتم إيجاد الفرص لوجود أكبر للمرأة في السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وأضافت أنها تؤيد تحقيق مبدأ "الكوتا"، لإيصال المرأة إلى البرلمان في الوقت الحالي، "نظرا لكون الرجال يتمتعون بخبرات طويلة في هذا المجال"، بينما المرأة لم تتح لها هذه الفرصة في تكوين الخبرات اللازمة طوال هذه السنوات، وبالتالي فهي بحاجة إلى دفعة من قانون "الكوتا" لتحقيق الخبرة الكافية، وحتى تنضج خبراتها ومن ثم المنافسة للوصول إلى السلطة التشريعية بعد أن تثبت كفاءتها.

وأشارت إلى أن نتائج مجلس الأمة ومشاركة المرأة الأخيرة فيها كانت دون الطموح، حيث لم تشجع الظروف السياسية على مواصلة النائبات مشوارهن، وبالتالي كان الأداء متواضعاً، لافتة إلى ضرورة مراعاة أن الكثير من النواب الرجال كان أداؤهم متواضعاً.

وطالبت العيسى بضرورة إدخال تعديلات على قانون هيئة مكافحة الفساد، حيث يتم استبعاد الزوجة من ضمن الفئات التي يجب أن تقدم ذمتها المالية، مؤكدة أن هذا الأمر فيه إضرار بالمرأة نفسها.

وأوضحت أنه "أثناء إحالة 13 نائبا سابقا إلى النيابة في شبهة الإيداعات المليونية كان 3 منهم قد وضعوا أموالهم في حسابات زوجاتهم، وبالتالي يجب تعديل التشريعات والقوانين بأن يقدم النائب أو المسؤول ذمته المالية هو وزوجته على حد سواء".

تجنيس أبناء الكويتية

من جانبها، تمنت الرئيسة والعضوة المنتدبة لمركز "لوياك" فارعة السقاف أن تحصل المرأة بشكل عام والمرأة الكويتية بشكل خاص على مزيد من الحقوق السياسية والاجتماعية، وأن تعزز من وضعها السياسي والاجتماعي في المجتمع.

وقالت السقاف في تصريح لـ"الجريدة" إن "المرأة الكويتية نالت قدراً لا بأس به من الحقوق خلال المرحلة الأخيرة، ولكنها أكدت أنها تطمح أن تحصل على مزيد من الحقوق على كل المستويات والمجالات".

وشددت على أهمية أن تحصل المرأة الكويتية المتزوجة من غير كويتي على حقوقها، كتجنيس أبنائها أسوة بالرجل الكويتي المتزوج من غير كويتية، داعية أعضاء مجلس الأمة إلى تبني هذه القضية والدفاع عنها، وأن تكون قضية تجنيس أبناء الكويتية المتزوجة من غير كويتي على رأس أولوياتهم.

وتمنت السقاف أن تحمل السنوات المقبلة للمرأة الحصول على حقوقها الطبيعية التي كفلها لها الدستور، مؤكدة أنه من غير المقبول ولا المعقول ألا تستطيع تزويج نفسها مهما بلغت من العمر.

قيود اجتماعية

بدورها، أكدت البطلة الرياضية والمبادرة في مجال تمكين المرأة عن طريق الرياضة بلسم الأيوب، أن "الكويت تعد نموذجاً يحتذى دولياً للمساواة بين الرجل والمرأة في المجال الرياضي"، لافتة إلى أن "القانون جاء للرجل والمرأة على حد سواء، ولكن المسؤول عن تطبيق القوانين تجاهل دور المرأة، وتقاعس عن دعمها لتكون بطلة إقليمية أو دولية".

وقالت الأيوب في تصريح خاص لـ"الجريدة" إن "المرأة في المجال الرياضي تعاني قيوداً اجتماعية تجعلها غير قادرة على الإنجاز"، مؤكدة أن "البطولة تحتاج إلى استراتيجية بعيدة المدى".

وتساءلت الأيوب "كيف أطالب بأن يكون لدينا أبطال وبطلات والأم تجهل الثقافة الرياضية، سواء في ما يخص أهمية احترام التمارين الرياضية أو التغذية السليمة"، مؤكدة أنها "تتطلع إلى أن تحقق المرأة الكويتية إنجازات، فمن غير المقبول ولا المعقول أن تحارب المرأة بمفردها لتحقيق طموحاتها الرياضية"، مشددة على أن "الإنجاز لا يقاس بالمشاركة في البطولة بل بالنتائج".

وأضافت "ماذا قدمت لجنة المرأة والرياضة في اللجنة الأولمبية الكويتية في المجال الرياضي أو في دعم المرأة الرياضية وتحقيقها إنجازات؟، وما استراتيجية اللجنة؟ وكم بطلة أولمبية أخرجت؟"، مشيرة إلى أن كل البطولات التي تحققت كانت لبطلات ينتمين إلى ألعاب داخل الأندية مثل الرماية والسباحة والمبارزة والفروسية والبولينغ، وكن تابعين لأنديتهن لا للجنة الأولمبية.

وأضافت أن اللجنة الأولمبية الكويتية تعاني تخبطاً في إدارتها، لافتة إلى أن اللجنة تحصل على ميزانيات مهولة قد تصنع فرقا متكاملة لا بطلات على مستوى دولي.

مسيرة كفاح

من جانبها، قالت الأستاذة في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت والناشطة الاجتماعية بقضايا المرأة د. سهام القبندي إن اليوم العالمي للمرأة مناسبة يحتفل بها العالم في حقيقة الأمر منذ أكثر من 100 عام ضمن مسيرة كفاح، ما جعلها تستحق تخصيص يوم عالمي لها تنال من خلاله التكريم.

وأكدت أن هذا اليوم يعتبر فرصة لسماع صوت النساء عبر العالم، مشددة على ضرورة توحيد كلمتهن وإبراز مواطن القوة التي تحركهن للمطالبة بحقوقهن السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية عموما خاصة ان الكثير من النساء على امتداد الكرة الأرضية مازلن يتعرضن لاعتداءات وعنف بكامل أشكاله.

وأضافت أن للمرأة الكويتية بالأخص تاريخا حافلا من النضال لنيل حقوقها المشروعة التي كفلها الدستور وكافحت حتى حصلت على حقوقها السياسية كاملة وقد تبوأت المرأة الكويتية بعض المناصب القيادية بالمؤسسات الحكومية كوزيرة ونائبة في المؤسسة التشريعية، كما نافست على مقعد رئيس مجلس الأمة في برلمان 2009 ومازالت تطالب ببقية حقوقها المدنية.

واعتبرت القبندي في تصريح لـ"كونا" أن المرأة الكويتية قد أثبتت جدارتها في مختلف مناحي الحياة وكانت شريكة تنموية ناجحة، مجددة التأكيد على أهمية العمل على التثقيف المدني والسياسي في المجتمع للوصول إلى التمكين السياسي.

العنف الأسري

بدورها، قالت أستاذة علم النفس في جامعة الكويت ورئيسة مركز الأسرة للاستشارات الاجتماعية والنفسية د. أمثال الحويلة أن هذا الاحتفال "يضاعف آمالنا مع حلولها كل عام" ليس على صعيد النساء وحسب بل على المجتمع ككل فهو يلقي الضوء على مسيرة المرأة في العالم ومعاناتها خصوصا من التمييز العنصري الذي يقع عليها فقط بسبب كونها امرأة.

وأضافت أن المرأة بشكل عام تتعرض لكثير من مظاهر العنف في الوقت الحاضر على مستوى العالم ولعل العنف الأسري أبرزها، ويتلخص بالعنف الجسدي الذي تتعرض له المرأة من قبل الرجل خصوصا الزوج أو الأب علاوة على العنف الذي يمارسه عليها المجتمع من "اضطهاد وتمييز أحيانا" وتطرقت كذلك إلى العنف النفسي والنظرة الدونية للمرأة والتعامل معها على أنها لا تستطيع اتخاذ قراراتها وأنها "الحلقة الأضعف في الأسرة".

وأكدت مساهمة الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني ودورها الكبير في إصدار قوانين تساعد على تمكين المرأة من جميع حقوقها مشددة على ضرورة تنفيذ القوانين "الصادرة بحقها والمعطلة لسبب أو لآخر" من منطلق الإيمان بحقوق النساء وتمكينهن منها.

وأوضحت الحويلة في تصريح لـ"كونا" أن هناك تحديات تواجه المرأة تتمثل في إثبات قدراتها وحقها في المساواة مع الرجل واثبات أنها أهل للثقة كما أنها تواجه تحدي الانتقاد بشكل أكثر من الرجل على الصعيد السياسي "فالمرأة السياسية عرضة للانتقاد أكثر من الرجل السياسي".

وذكرت أن هناك طموحات "نسعى لها لتمكين المرأة من جميع النواحي" ما يحتاج إلى جهود مجتمعية على مستوى الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات النسائية بالإضافة إلى الأفراد وبالتالي فكل جهة من هذه الجهات مطالبة بتفعيل دورها في ما يخص المرأة.

وأكدت الدور الريادي للكويت واهتمامها الكبير بقضايا المرأة وشؤونها، مؤكدة أن الكثير من البلدان الخليجية والعربية والأجنبية تنظر للنساء الكويتيات "نظرة إعجاب" بالمستوى الذي وصلت إليه المرأة الكويتية وما تحقق لها من انجازات حتى الآن بفضل ما تتمتع به الكويت من قيادة سياسية حكيمة.

واستذكرت الحويلة في هذا السياق مواقف سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد  قائلة ان سموه ينادي في كل مناسبة باحترام المرأة ودورها الكبير في تنمية البلاد ومشروعاتها. كما شددت على دور الإعلام الذي يقع على عاتقه مسؤولية الاهتمام باليوم العالمي للمرأة لأن وسائل الإعلام تقود الرأي العام بشكل كبير وتوجه الأنظار نحو زيادة التركيز وتعزيز العناية بقضايا المرأة فضلا عن تقديم حلول لمشكلاتها.