«الكاريكاتور»... فنون تزاحمه وسلطة تلاحقه

نشر في 06-05-2014 | 00:01
آخر تحديث 06-05-2014 | 00:01
يقف دوماً إلى يسار السلطة، وفي حالات كثيرة تعتبره عدواً لها إلى حد استهداف القيمين عليه، إنه فن «الكاريكاتور» القادر دوماً على النقد بسخرية، ويفوق تأثيره، في أحيان كثيرة، المقالات والتقارير الصحافية.
لم تعد السلطة، في الفترة الأخيرة، العائق الوحيد أمام فن {الكاريكاتور}، إذ بدأت فنون أخرى مزاحمته، تعتمد السخرية، أيضاً، كوسيلة للترويج لأفكارها، على غرار البرامج والفيديوهات الساخرة المنتشرة على الفضاء الإلكتروني ولها جمهورها.

إلى أي حد يمكن لهذا الفن الصمود أمام مستجدات أو حصار يحول دون انتشاره ونجاحه؟

يرى رسام الكاريكاتور المعروف عمرو سليم أن البرامج المعتمدة على السخرية عبر مواقع الـ «كوميكس» أو قنوات الـ «يوتيوب» لا تؤثر على فن الكاريكاتور، موضحاً لـ{الجريدة» أن وسائل التعبير الأخرى لا تنفي فن الكاريكاتور، فلكل منها «مسارات متوازية» لا يلغي أحدها الآخر، مفسراً انتشار تلك الوسائل إلى روح الدعابة التي يتميز بها الشعب المصري، والمسؤولة، في المقام الأول، عن إثراء فكرة الفنون الساخرة.

منافسة حامية

يوضح رسام الكاريكاتور الشاب عبدالله أحمد، أن تنوع وسائل السخرية ونوافذها سيف ذو حدين، يتمثل الوجه الإيجابي في تضمنه الفنانين المرفوضين من السلطة الذين وجدوا في تلك الوسائل متنفساً لهم، فيما يظهر وجهه السلبي في تحول بوصلته، مع الوقت، وفقاً للرضى الشعبي، وتخليه عن دوره في التوعية والنقد الجاد، ومثال على ذلك باسم يوسف وإعجاب الناس به عندما انتقد مرسي، واعتراضهم عليه عند المساس بالسيسي.

تعترف رسامة الكاريكاتور علا سالم بمنافسة الأنواع الأخرى لفنون الكاريكاتور، كـ «الكوميكس» والبرامج الكوميدية على شبكات الإنترنت والتلفزيون، لافتة إلى أن فناني الكاريكاتور مقيدون بحزمة من القوانين والقواعد الصحافية، في حين أن المجال متسع بشكل أكبر أمام الوسائل الجديدة، التي تتميّز بأن أغلب القيمين عليها شباب لا يزيد عمرهم عن 20 سنة.

تضيف: «منذ نشأة الكاريكاتور، ينفذه محترفون ملتزمون بقواعد وأسس فن الرسم، أما البرامج الكوميدية وفنون الـ «كوميكس» فينفذها هواة، مشيرة إلى أن الكاريكاتور يتميز عن باقي منافسيه بأنه واسع الانتشار ويصل إلى القارئ العادي عبر الجريدة في المحافظات، خلافاً لصفحات مواقع التواصل الاجتماعي و{يوتيوب» التي تعجز عن الوصول إلى قطاعات عريضة في المجتمع لا تستخدم الإنترنت.

{عداء تاريخي} مع السلطة

                       

تعتبر المناسبات السياسية المهمة حدثاً نوعياً لفناني الكاريكاتور، الذين شهدت علاقتهم مع السلطة عداوات ومشاغبات، ولا تزال قصة فنان الكاريكاتور السوري علي فرزات حاضرة في الأذهان، ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المصرية، يقف رسامو الكاريكاتور أمام تحد جديد.

يشير عمرو سليم إلى أن الكاريكاتور فن {غير صديق للسلطة} ولا وفاق بينهما على الدوام، ويقول: {واجه الكاريكاتور الأنظمة السياسية، آخرها نظام مبارك الذي انزعج أحد رموزه من كاريكاتور خاص بي قبل الثورة، وسعى نظام مرسي إلى حصار الفنانين وأصحاب الرأي، وقدم أعضاء في الإخوان ثلاثة بلاغات ضدي بتهمة ازدراء الأديان}  .

يتوقع سليم ألا يؤثر دخول العسكريين إلى المشهد السياسي المصري على فن الكاريكاتور، وأن البلاد لن تعود، في أسوأ الأحوال، إلى ما كانت عليه في نظام مبارك، لافتاً إلى أن مصر تحتضن جيلاً واعداً من رسامي  الكاريكاتور، من بينهم: عبدالله أحمد، مخلوف، دعاء العدل... مؤكداً أن هؤلاء سيتغلبون بإبداعهم على أي استبداد.

يقارن عبدالله أحمد  بين فن الكاريكاتور في مصر قبل ثورة 25 يناير وما هو عليه الآن، مستنتجاً أنه تأثر سلباً في الفترة الأخيرة، ولم يعد يثير نقاشات اجتماعية جادة حول قضايا تتعلق بالشأن السياسي تحديداً، ومفسراً ذلك بالتضييق على رسامي الكاريكاتور في الإعلام المستقل أو الخاص، وتشجيع الحكومي .

يبدي أحمد استياءه من فرض الصحف الخاصة رقابة على الرسوم، ووضعها محاذير بشكل يعيد إلى الأذهان القيود التي تضعها الصحف القومية على كتابها ورساميها لعدم إغضاب النظام، لافتاً إلى التطور الذي يصفه بـ{الخطير} في تدخل القراء، ورفضهم انتقاد كيانات معينة كـ{القوات المسلحة} ويتابع: {لم يعد الأمر يقتصر على الحكومات، ولكن الناس في مصر يكرهون رسام الكاريكاتور في حال انتقد الجيش}.

أما علا سالم فتعتبر أن دور الكاريكاتور، راهناً، يقتصر على {إثارة الحراك الشعبي} من دون المساس بأنظمة الحكم بشكل مباشر، تقول: {مع قيام الثورة كان رسامو الكاريكاتور في قمة نشاطهم، إلا أن حالة من الإحباط العام والكسل تصيبهم اليوم بسبب المناخ السياسي}.

تتوقع سالم أن يشهد عصر المشير السيسي تضييقاً على فنون الكاريكاتور {لأن العقليات التي ستحكم مصر، عما قريب، تنزعج من منابر تعبير بعينها.

back to top