في عامي 2012 و2014، مرت مصر بلحظتين متشابهتين، لكن هناك فارقاً كبيراً بينهما، في ما دار فيهما وتبعاتهما، وهي لحظة إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية.

Ad

في 2012، كنت مع أصدقاء ننتظر ونتلمس إعلان النتيجة بخبر معاكس لما أعلنه الإخوان بفوزهم بالنتيجة، حتى قبل إعلان النتيجة، وانتهاء الفرز، وتزامنت مع ذلك تهديدات بحرق البلد وتفجيرات واسعة إذا لم يتم إعلان مرشح جماعة "الإخوان"، بل وصل الأمر إلى أن طلبوا من قواعدهم أن يكتبوا وصاياهم، ويسددوا ديونهم وكأنهم مقدمون على حرب ضد المصريين، إذا لم يتم تمكينهم من الحكم، حتى لو لم يكن ذلك موافقاً للحقيقة، والنتيجة التي ستعلنها اللجنة العليا للانتخابات، وهو ما شاهدناه بالفعل، في ما بعد، بعد أن أزاحهم المصريون في ثورتهم الشعبية في 30 يونيو، من تفجيرات وتهديدات واعتصامات.

وحسبما علمت من أحد المتابعين وقتها، كانت هناك ضغوط شديدة من أطراف خارجية لإعلان النتيجة وفق ما يريد الإخوان، وكان هناك اقتناص للنتيجة قبل ظهورها، بالمؤتمر الذي أعلن فيه القضاة المحسوبون على الإخوان فوز الجماعة، أو في المؤتمر الذي ظهرت فيه الجماعة لتعلن فوز مرشحها.

وكانت هناك حالة من حالات القلق والترقب والخوف تسيطر على البلاد، خوفاً من تنفيذ الإخوان تهديداتهم، وبعد إعلان النتيجة التي مازالت تنظر أمام المحاكم حتى الآن، كانت هناك حالة من الحزن تسود البلاد، التي بدا وقتها أنها دخلت في منعطف خطير، وأن عصور الظلام تحلق فوقها.

اللحظة الثانية، كانت في عام 2014، عقب إعلان اللجنة العليا للانتخابات فوز عبدالفتاح السيسي برئاسة مصر، بنسبة تصويت كبيرة، ونسبة فوز كاسحة، سادت حالة من الفرحة والسعادة بين الجميع، ونزل المصريون إلى الشوارع والميادين يحتفلون بالفوز، رغم أن النتيجة كانت معلومة مسبقاً وفق المؤشرات الأولية التي أعلنتها الصحف والفضائيات، إلا أنه مع إعلان اللجنة العليا للانتخابات الفوز رسمياً تجددت الفرحة، وتجدد الارتياح، وشعر المصريون بأن بلادهم أصبحت على الطريق الصحيح، وأنهم بإمكانهم إعادة بناء دولتهم، وتحقيق أهداف ثورتهم التي تحدث عنها السيسي في كلمته القصيرة التي ألقاها عقب الإعلان الرسمي، من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية.

ما بين اللحظتين ندرك أن الحالة المصرية مختلفة، كما يجب أن نتوقف أمام رد فعل المصريين، الذين قابلوا اللحظة الأولى بإحساس أن بلادهم اختطفت منهم، واللحظة الثانية التي قابلوها بالفرحة والارتياح والإحساس أن مصر عادت إليهم مرة أخرى، وأنهم يستطيعون أن يبنوا مستقبلهم كما أرادوا.

وهنا يجب أيضاً أن نتوقف أمام ما قاله السيسي في كلمته القصيرة الأولى، من دعوته المصريين إلى العمل الجاد، الذي به وحده نستطيع أن نبني بلادنا، وهذه هي القيمة الأساسية التي تحدث عنها تقريباً في كل ظهور له، والتي بدونها لا يمكننا أن نتقدم إلى الأمام.