أكد الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية السابق عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر د. محمد الجندي أن المجلس يسعى حاليا إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات التي تيسر له العودة لممارسة دوره في تقديم الجانب التنويري من الإسلام، عبر تقديم البدائل والحلول الإسلامية لمختلف المشكلات التي يعانيها العالم اليوم وأبرزها المشكلات الاقتصادية، على اعتبار ان المسلمين إذا نجحوا في تقديم الحل الإسلامي وأثبت هذا الحل جدواه فإن ذلك يعد خير سفير للإسلام في كل دول الغرب.
وقال د. الجندي، في حوار مع "الجريدة"، إن الفهم العميق للإسلام في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى توافر روح التعاون بين الفقهاء وعلماء وخبراء الاقتصاد، يعني الوصول بمعدلات التنمية داخل الوطن العربي إلى معدلات غير مسبوقة.• من وجهة نظركم ما أبرز المشكلات التي يعانيها الغرب ويملك الإسلام حلولا غير تقليدية لها، ونستطيع من خلالها تحسين صورة المسلمين هناك؟المواطن الغربي لا يفهم إلا لغة المصالح، فنحن إذا قرأنا عليه القرآن وقلنا له هذا هو دستور المسلمين وأنه الكتاب الخاتم الذي يحتوي على كل التشريعات الإلهية التي تفيد الإنسان في الدنيا والآخرة، سيرد علينا بأن هذا لا يهمه من قريب أو من بعيد، وسيسألنا كيف يفيده القرآن بشكل مباشر، لأنه لا يفهم إلا لغة المصالح بسبب عقليته الدنيوية البحتة.لكن إذا عرضنا الحلول الإسلامية لمشكلة التفكك الأسري على سبيل المثال، وهي مشكلة خطيرة يعانيها الغرب، فإننا سنكون اقتربنا من عقلية المواطن الغربي، وكذلك الأمر بالنسبة للتشريعات المالية الإسلامية.• كيف يمكن إلقاء الضوء على أهمية التشريعات المالية والاقتصادية في الإسلام؟الإسلام يمتلك أفضل مقومات وتشريعات مالية واقتصادية قادرة حال تنفيذها على حل ومواجهة كل الأزمات المالية التي يعانيها العالم اليوم، فعلى سبيل المثال يعاني العالم كله حاليا مشكلة التضخم، وقد جربوا في الغرب العديد من النظريات الاقتصادية في محاولة لمحاصرة غول التضخم دون جدوى، فلماذا لا نقدم لهم الوسائل الإسلامية الكفيلة بمواجهة هذه المشكلة وهي وسائل موجودة ولو تم تنفيذها فستؤتي نتائج مذهلة في أقل وقت ممكن، ومنها تنمية العمل المالي الخيري وتحفيز أصحاب رؤوس الأموال على ممارسة دورهم الاجتماعي في مساعدة الفقراء وبناء المشروعات الإنتاجية والبعد عن المشروعات الاستهلاكية لما لها من دور رئيسي في تنمية التضخم واستفحاله.وسيؤدي دعم العمل الخيري على الطريقة الإسلامية إلى محاربة البطالة، والتضييق على رأس المال العاطل، إضافة إلى ذلك هناك الدعوة إلى ترشيد الاستهلاك عن طريق تحريم الإسراف والتبذير وتحريم الاستهلاك الترفي والتوسط والاعتدال في الإنفاق وتحريم الربا، وسيؤدي ذلك إلى تصحيح الدور الوظيفي الذي تلعبه النقود.وهنا لا يكفي أن نقول للغرب إنه إذا طبق النظام الإسلامي بكل معاييره فستختفي من القاموس الاقتصادي مصطلحات الكساد والتضخم والبطالة، لأن الكلام فقط لن يجدي بل المطلوب تقديم الحلول والبدائل الإسلامية الجاهزة للتطبيق بعيدا عن الكلام الإنشائي حتى يصدق الغرب حديثنا وحتى نكون قد نجحنا في جذب الآذان الغربية كي تسمع من جديد حقيقة الإسلام وتشريعاته الإلهية.• كيف تنظر إلى الحوار مع الآخر في ظل هجوم البعض عليه وقولهم إنه حوار غير مُجدٍ طالما الغرب مصر على الإساءة؟من وجهة نظري الشخصية الحوار يظل دوما وسيلة من وسائل تقديم الإسلام إلى الآخر حتى لو واجهنا الفشل وحتى لو كان هناك من ينظر إلى حوارنا مع ذلك الآخر على أنه حوار الضعيف مع القوي، فنحن عندما نتكلم مع الآخر لا نتكلم بمعايير القوة والضعف، بل نتكلم لأن الحوار هو وسيلة فهم كل منا للآخر والتواصل الحضاري المطلوب لا يتم من غير الحوار، وحتى في ظل عدم وجود نتائج مثمرة فإننا نحتاج للحوار، فهذا هو السبيل الوحيد لمواجهة إساءات الآخر.• البعض يدعو إلى تجديد الفقه الإسلامي تماشيا مع روح العصر، فهل توافق على ذلك وهل هناك ضوابط يجب وضعها حفاظا على الثوابت الإسلامية؟الثابت ان الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، ومن هذا المنطلق فإن الإسلام يجب أن يقدم حلولا لكل المشكلات المعاصرة وبما أن هناك قضايا معاصرة فإن الأمر يتطلب منا التجديد والاجتهاد، فعلى سبيل المثال فإن الطب يستطيع اليوم إعادة زرع أي عضو يتم بتره من جسم الإنسان، فماذا يحدث إذا حكم على لص ما بقطع يده، هل يجوز له الذهاب إلى الطبيب وإعادة زرع يده بعد قطعها؟ سؤال يبحث عن إجابة.وإذا لم تتم دراسة مثل هذه القضايا فإن البلبلة قادمة بلا ريب، فالفقه الإسلامي يحتاج فعلا للتجديد وإعادة النظر فيه، لكن بشرط أن يقوم بذلك العلماء الموثوق بعلمهم حتى لا يكون التجديد كلمة حق أريد بها باطل، وأن يكون الكتاب والسنة هما المرجعان الأساسيان لهذا التجديد.• ما رأيك في فوضى الإفتاء التي يعانيها المسلمون اليوم؟للأسف الشديد، فوضى الإفتاء تفشت بصورة ليس لها مثيل، وأطالب بضرورة صدور تشريع يحدد من المفتي، ويجرم من لا يحصل على تصريح خاص بالإفتاء، وطالما ان من ينتحل صفة طبيب أو محام أو صحافي يتم تجريمه، فمن الأولى تجريم من يتجرأ على رأي الله تعالى، فالمفتي هو الناطق باسم الله تعالى على الأرض، لذا يجب أن ندرك أنه إذا فتح مجال الفتوى أمام الجميع بصرف النظر عن مؤهلاتهم وعلمهم فسنكون أمام خطر حقيقي، يؤدي إلى ارتكاب أخطاء في الدين، وإلى ضياع التعاليم الإسلامية، ونشر البلبلة بين المسلمين، ومن ثم يحدث فساد داخل المجتمع.
توابل
الأمين العام السابق لمجلس الشؤون الإسلامية د. محمد الجندي: الحوار مع الغرب ضرورة
08-07-2014