نتنفس الهواء ذاته، نعيش على أرض واحدة، الله وحده حدد ألواننا وملامحنا، فلمَ هذا الغرور؟ ولمَ تلك العنصرية؟ لم يمر يوم على البشرية دون ازدراء ودون فوقية ودون ظن شخص أنه أفضل من غيره.  كيف لك يا إنسان أن تشعر أنك أفضل من غيرك؟ وكيف لبشر من لحم ودم يظلم غيره بسبب مواصفات خلقها الرب، وحددها لتتنوع البشرية؟ كلنا ملونون ما بين أبيض وقمحي وأسود، كلنا هبات الله على الأرض، ومع ذلك مازالت هناك نظرة فوقية نمارسها بشكل عادي جدا في يومنا.

Ad

كم أخجل من زلاتي، كم أنا صغيرة أمام هذا الكون الكبير جدا، الخالق وحده يعلم ما سر هذه الحياة، ونحن لا نملك سوى أن نفكر، ولكن أن نتصرف كما تصرف بعض الأجداد فهذا غباء، كانوا قساة ويحكمون من اسم وعائلة وأصل، واليوم أجد تلك الفكرة معززة بشكل مخيف، وكأن العالم لم يتطور، كيف لي أن أحكم عليك من اسم عائلتك؟ من أصولك؟ كيف لي أن أكون بهذة التفاهة؟ هناك أجيال تتربى على هكذا عنصرية، على التفريق في التعامل مع الناس، على التمييز، متناسين أننا كلنا بشر، لا شيء يميزنا سوى أفعالنا لا أسمائنا.

نتفاخر بأشياء كثيرة ليتها تستحق فعلا، من أنت؟ ماذا أنجزت؟ عائلتك وأصلك لا تعني لي كثيراً، المفاهيم المغلوطة هي فقط من تقف في مصلحتك، وأنت عدا ذلك لا تستحق سوى ما تفعله، هل شعرت بهذا الآخر الذي يعاني بالقرب منك؟ أم أنك اخترت أن تنحاز لمتعتك فقط؟ آلاف يعانون ويحلمون بيد تحنو عليهم، أطفال معذبون يملؤون هذه المستديرة، وأقصى طموحهم يد تصفق لإنجازاتهم، هذا الحضن الذي ستهديهم إياه لن ينسوه، فهل تعلم أن الأشياء المستحقة في حياتك هي حلم لآخرين؟

كيف لك يا إنسان أن تجعل أقصى طموحك حقيبة وسيارة، في حين يدك تستطيع أن تمسح دمعة مقهور وتحتضن يتيما، فأنت تقرر من تكون، هل تريد أن تتبع قطيعا بدون منطق، أم تتبع إنسانيتك النابعة من قلبك ليس إلا؟

قفلة:

هناك من يعيش على هامش الحياة كشخص عابر، وهناك من يعيش لأجل قضية، وكلاهما سيموت لكن من يعيش لقضية لا يموت.