تضع المخرجة اللبنانية أنجي الجمال استراتيجية معينة تنطلق من خلالها في أعمالها فتسعى، بداية، إلى التعرف شخصياً إلى الفنان واكتشاف حقيقته الإنسانية وليس الفنيّة، وتبدأ تحضير الكليب والبحث عما يليق به، في قالب قصة درامية قصيرة. من ثمّ تبحث عن مكان مناسب للتصوير وتحدد الأفكار وكلفة الإنتاج التي تتفاوت، وفق التقنيات المستخدمة في التنفيذ. وأخيراً، وهو الأساس عندها، يجب أن تُعجب بالأغنية لأنها مصدر وحيها الأول والأخير، وما الكليب سوى لخدمتها.

Ad

عما إذا كانت الموارد المالية تشكل عاملا أساسياً في نجاح الكليب توضح: {ليست الأساس برأيي، لأنني أحببت أعمالا كثيرة نفذّت بإنتاج متواضع. من الطبيعي استغلال المخرج للموارد المادية المتوافرة لديه لتقديم فكرة جميلة، ولكن إذا كان الفنان حقيقياً وحساساً وصادقاً، يمكن الانطلاق أيضاً من هذه العناصر لتقديم كليب متواضع بقالب مبتكر وعميق يرتكز على هذه الأحاسيس الصادقة، فيأسر القلوب}.

لا تسعى الجمال إلى تحقيق بصمة واحدة ترافقها في أعمالها كافة بل تقديم بصمة مختلفة في كل عمل جديد، لأن لكل فنان خصوصيته عندها. أمّا إذا كان التعاون مستمراً مع الفنان نفسه، فتسعى إلى تقديم عمل جديد يتميز بخصوصية مختلفة، باعتبار أن لكل أغنية جمهورها الخاص.

تضيف أنها تتحدى ذاتها لتقديم كليب يعبّر عن مضمون الأغنية كونها مصدر وحيها الدائم، ولا تحب الفصل بين الأغنية والصورة، {عندما أبلغ هذه المرحلة أكون قد فشلت في مهنتي}، حسب تعبيرها.

بدوره يقول المخرج وليد ناضيف إن الفنان يحرّك رؤية المخرج، أحياناً، خصوصاً أن ثمّة أفكاراً متوافرة يمكن تنفيذها، إنما يجب أن يعرف المخرج كيفية إتمام أبحاثه المتعلقة بصورة الفنان والإطار المناسب له، مشدداً على أنه يتابع أعماله المصوّرة السابقة ليبتكر جديداً يختلف عمّا قدمه، وكلما زادت كليبات الفنان، ازدادت الأمور صعوبة في إطار البحث عن فكرة جديدة.

عما إذا كان ينطلق من مضمون الأغنية أم يبتكر لها جواً خاصاً، يشير ناصيف إلى أنه ينطلق في البداية من هوية الفنان وما يليق به، بعد ذلك يقرر في أي إطار يضعه ليتطلع بعدها إلى الاغنية، يوضح: {في البداية أفكر في كيفية تحقيق إضافة معينة إلى الفنان من خلال الصورة التي سأقدمه فيها إلى الجمهور. يشكّل كل كليب بصمة بحد ذاته لأن شخصية الفنانين بطبيعة الحال مختلفة}.

يشير إلى أن الثقة بشخصه وبنتيجة أعماله الناجحة حثّت بعض الفنانين على الاستمرار في التعاون معه على مرّ السنوات، من بينهم: وليد توفيق الذي يعتذر من الذين يقترحون عليه مشاريع أغانٍ مصوّرة لأنه يتعاون مع ناصيف. كذلك الحال مع فنانين آخرين.

يتابع: {أؤمن بأهمية التنويع على صعيد المخرجين، مثل التنويع على صعيد الشعراء والملحنين. أمّا إذا شكّل مخرج معيّن إضافة نوعية إلى الفنان، فيجب أن يجدد التعاون معه، لئلا يخاطر في التعاون مع مخرج آخر قد يقدمه بمستوى أقل. شخصياً، بنيت هذه الثقة بفضل معايير أعمل وفقها، أهمها المصداقية واحترام المواعيد والابتكار الفني}.

قبل التعامل مع أي فنان، يشعر ناصيف بمسؤولية، ما يسبب له قلقاً لأنه يفكر بالصورة التي يجب أن يقدم الفنان من خلالها، ليشكّل إضافة نوعية إلى مسيرته. ينطلق ناصيف من مستوى فني لا مهني في كل مشروع جديد، والدليل رفضه تدخّل الفنان في تفاصيل الفكرة التي يقدمها، وإذا أصر الأخير على التغيير في فكرة الكليب يقترح عليه فكرة جديدة أو التعاون مع مخرج آخر.

ثقة متبادلة

«الثقة بين الفنان والمخرج ضرورية لنجاح العمل واستمرارية التعامل بين الطرفين»، يؤكد المخرج وليد ناصيف موضحاً أن هذه العوامل مهمة وأساسية، توازيها قدرة المخرج على كسب ثقة الفنان عبر الصورة الجديدة التي يعرضها عليه.

يضيف: {أجتهد دائماً في التفتيش عن أفكار جديدة ومقنعة قبل الجلوس مع الفنان، لأن بعض الفنانين يظن أنه غير قادر على تقديم صورة محددة قبل المحاولة. إلى ذلك لا يمكن أن أحدث تغييراً جذرياً في صورة الفنان وإطلالته لأن ذلك ينعكس سلباً عليه، بل أسعى إلى أن يكون التغيير بسيطاً وملحوظاً ومقبولاً من الجمهور}. لطالما وصف ناصيف إليسا بفنانة ذكية وجورج وسوف بالفنان الذي لا يتكرر ونجوى كرم بالأميرة... مشدداً على أنه يرتاح في التعامل مع معظم النجوم الذين أخرج لهم أغانيهم.

لا يختلف المخرج فادي حداد كثيراً عن ناصيف، إذ يرى أن التناغم بين المخرج والفنان أساس لنجاح العمل، مشدداً على أن ثمة مصلحة مشتركة بين الاثنين ولا مكان للعلاقة الشخصية والصداقة في هذا الأمر. يضيف: {إذا قدمنا عملا فاشلا يخسر الفنان جمهوره وصورته، ولن يتعاون معي مجدداً}.

 وعن مساحة الحرية التي يمنحها للفنان للتعبير عن رأيه يشير: {إذا اقتنعت بفكرته ووجدت أنها جيدة أنفذها، لأن أعمالي غير منزلة على الفنانين، قد يُهبط الكليب مستوى الأغنية، أو العكس، وقد يعطيها دفعاً كبيراً، خصوصاً إذا كانت الأغنية دون المستوى المطلوب، لأن الصورة تدخل ملايين المنازل يومياً، من هنا يستند عملي على وضع الفنان في الثوب الذي يليق به ليكسب محبة الجمهور}.

أما المخرجة اللبنانية رندلى قديح فتعتبر أن الوقوع في التكرار في إخراجها لأعمالها أمر مرفوض وغير موجود حتى عندما يكون توقيت إعداد المشاريع وتصويرها متقارباً، لأن لكل أغنية هويتها الخاصة من حيث الألحان والكلمات والجوّ الموسيقي، لذلك تختلف كل منها عن الأخرى ولا تتشابه، حسب رأيها، فضلا عن أن لكل فنان شخصيته الخاصة وأسلوبه الذي يتميّز به عن الآخرين. وانطلاقاً من هذه الأمور تتغيّر أفكار الكليب وتتنوع.

تقول: {أبحث دائماً عن كل جديد، وأتعاون مع مديري الفني الذي هو شقيقي علي قديح لتقديم أسلوب مختلف في الإطلالة والأكسسوار والديكور وابتكار جوّ استعراضي متميّز}.

تتولى قديح بنفسها الإدارة الفنية لأعمالها، وتجد أن هذا الأمر مهمّ وتضيف: {أدرس التفاصيل بشكل دقيق، وتكون لأبسط الأمور الظاهرة في العمل هدف معين، من الثياب والأحذية إلى الديكور والأكسسوار وأماكن التصوير. أفكّر بأن أبدأ الاهتمام بهذه الأمور في المسلسلات أيضاً، لكن ذلك يحتاج إلى دراسة عميقة نظراً إلى أهمية إنتاج الأعمال التلفزيونية وصعوبتها}.

جرأة في الكليب

حول البلبلة التي أحدثها كليب أغنية «تعباني» لمادلين مطر من إخراج مي الياس، إذ تردد أن الرقابة حذفت بعضاً من مشاهده، تردّ مطر: «أشاعوا بأن الكليب يتضمن لقطات ساخنة وتبادل قبلات بيني وبين عارض الأزياء الذي يمثّل معي، وأنه تمّ حذف هذه المشاهد بعدما أطاح بها مقص الرقابة، لكني أؤكد أن هذا الأمر غير صحيح فلا مشاهد ساخنة ولا قبل ولا يحزنون، عرض الكليب على الشاشات بأكمله من دون زيادة أو نقصان».

وعن الأسلوب الجريء الذي تتبعه في كليباتها المصوّرة توضح مطر: {أؤيد الجرأة ولكن بحدود، فإن أمسك بيدي الشخص الذي يمثّل معي لا يخدش ذلك حياء المشاهد، وحتى التمايل أو التصرّف بدلع لا يعدان مشكلة، أتمسك باحترام المشاهد خصوصاً أنني أريد للعمل النجاح والانتشار لأنه من إنتاجي، فلا يمكن أن أجازف بذلك لتمرير قبلة}.

بدورها تشير رحمة رياض إلى أنها مع التغيير ومع أن يُصدم الجمهور بجرأة معينة، لكن بشكل إيجابي وليس بشكل مبتذل، وتضيف: «قد يكون الفنان جريئاً بفكرة الكليب، وليس من الضروري أن تأخذنا كلمة جرأة إلى العري وغيره من أمور سخيفة لا مكان لها في حياتي الفنية. جمهوري بمعظمه عراقي وخليجي وعلي احترام ذوقه وعاداته وتقاليده. تقف حدودي عند خدش حياء أي مشاهد خليجي عراقي وعربي. ثمة أمور عاديّة بالنسبة إلي، لكن أعرف أن الجمهور لن يقبلها، فأبتعد عنها وأختار الذي يرضيني ويرضيه في آن».

عن تجربتها مع المخرج جاد شويري، المعروف بجرأته، في أغنيتها الأخيرة {بوسة} وإطلالتها المختلفة عن الكليبات السابقة، توضح: {لو لم أثق بجاد الذي سبق أن قدّم أعمالا ناجحة وفريدة، لما تعاونت معه في هذه الأغنية، جاد مخرج جريء وأحببت فيه أنه يجتمع مع الفنان أكثر من مرة قبل التصوير، ويحضّران التفاصيل سوياً، المهم، في النهاية، تقديم فكرة جديدة تليق بذوق الجمهور}.

تتابع: {لم يفرض علي جاد آراءه بل اقترحت أنا عليه أفكاراً، وقلت له ما هو مسموح وما هو ممنوع عندي، فتقبّل ذلك برحابة صدر، أتمنى أن تكون النتيجة عند حسن ظن الجمهور}.

في إطلالتها مع المخرج جو بو عيد في كليب «أحلام البنات»، بدت باسكال مشعلاني جريئة ما أثار انتقاد البعض لها، ودفعها إلى العودة إلى سابق عهدها مع المخرج فادي حداد الذي أخرج لها أغنيتها الأخيرة «نبغيك»، فتقبّلها الجمهور هذه المرة وتلقت تعليقات كثيرة تجمع على أن «هذه باسكال التي نعرفها لناحية الصورة»، وتقول: «لا شك في أن الفضل يعود هنا إلى ذكاء المخرج فادي حداد الذي عرف كيف يترجم الأغنية، من خلال صور جميلة هادئة، ترضي المشاهد وتحقق لي إطلالة لطالما أحبني الناس بها. في مجتمعنا الشرقي، اعتاد المشاهد على الفنان بصورة معينة وقالب معين، وحين يجري تغييراً تتنوع الآراء بين مؤيد ومعارض وحتى رافض، ما قدمته مع بو عيد اتسم بنوع من الجرأة».

 تتابع: «تساءل كثر هل هذه باسكال فعلا في الكليب؟ أحدث الكليب تغييراً في مسيرتي الفنية، وحاولت أن أميل إلى الأسلوب الأوروبي والخروج من قيود معينة نكبّل نفسنا فيها، وهذا الأمر ليس خطأ ولا أندم عليه، لكن في النهاية أعود إلى باسكال اللبنانية والشرقية التي اعتاد عليها الناس».

يؤكّد المخرج جو بو عيد أنه مع جرأة راقية تشكل نقلة نوعية لعين المشاهد وضد الابتذال والأعمال الخالية من أي معنى. عن الجرأة التي قدمها في كليب نانسي عجرم الأخير «ما تيجي هنا» والانتقادات التي طالته يوضح: «لم تكن لدينا هذه الفرضية لنقوم برقابة ذاتية على العمل. بالعكس، الكليب جريء من حيث القصة والصورة التي لا أحب أن تمرّ مرور الكرام. وأؤكد أنه أثار بلبلة بجمالية الصورة وليس بالجرأة».

بين التراجع والاستمرارية الناجحة...

المخرجة ميرنا خياط التي لها باع في مجال الإخراج وتعاملت مع أهم النجوم مثل نوال الزغبي ونوال الكويتية وجورج وسوف، تعتبر أن الأعمال المشغولة بحرفية معدودة فيما تحتلّ الأعمال التجارية الشاشات، وتقول: «تغلب الكميّة اليوم على النوعية، قلة من المخرجين تعمل على النوعية وقدمت كليبات ترسخ في الأذهان».

تضيف: {عندما أقدم عملا آخذ وقتي فيه وأشتغله كأنه آخر عمل لي، أو طفل أحتضنه وأهدهده، وأعمل بحذر حتى يعرض على الشاشة. أشعر بمسؤولية وخوف على الصورة التي سأقدمها للناس، وعلى صورة الفنان التي سأظهرها أمام أعين المشاهدين، وكيف ستبقى مطبوعة في أذهانهم. لذا سيذكر المشاهد معظم الأعمال التي قدمتها}.

أما رندا العلم التي أخرجت كليبات لكبار الفنانين، على غرار أحلام ونجوى كرم، فتلاحظ أن وجود كمّ من النجوم على الساحة الفنية ينعكس، تلقائياً، على وفرة الأغنيات المصورة، خصوصاً أننا في زمن الصوت والصورة، إلا أن العمل المتقن يفرض نفسه أمام الجمهور والصحافة وأهل الاختصاص حسب رأيها.

 تضيف: {الناس أذكياء ويميّزون بين العمل الجيد والعمل السيئ، والدليل أن أعمالا كثيرة بقيت في ذاكرة المشاهد فيما أصبحت أعمال أخرى طيّ النسيان. الإخراج عمل فني بحت وليس تجارة}.

من جهته يعزو المخرج سعيد المراوق التراجع في مجال الكليب إلى الأوضاع المتأزمة التي تعيشها بعض الدول العربية وأرخت بثقلها على الفن، وقبول شركات الإنتاج بأي شيء نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية، ويضيف: {لا شك في أن المستوى تراجع، ولا يمكن لوم المخرج وحده، فالهبوط الذي يشهده مستوى الكليب اليوم ناجم عن أسباب مترابطة ببعضها البعض وعوامل مشتركة، من شركات الإنتاج إلى فنان بات يقبل بكل ما يُقدم له، وصولاً الى التكنولوجيا الجديدة التي اقتحمت الساحة الإخراجية وسهلت الطريق أمام أشخاص غير أكفاء بالتعدي على المهنة لسهولة عمل هذه المعدات وبيعها بأسعار زهيدة}.

حول الأثر الذي تتركه الأوضاع الراهنة على المخرجين الذين باتوا يقبلون بأي عمل لتأمين استمراريتهم المادية، يؤكد الماروق أنه خارج هذه اللعبة ويرفضها، خصوصاً أنه من مؤسسي الكليب في العالم العربي عموماً ولبنان خصوصاً، وبالتالي لا يقبل بأن يكون شريكاً في تدميره، على حدّ تعبيره.

توارد أفكار

لو عدنا بالذاكرة إلى الوراء لوجدنا أن نسخ الأفكار الأجنبية من كليبات أو إعلانات أو أفلام ليس بجديد ووقع فيه أهم النجوم والمخرجين، على سبيل المثال تعرضت إليسا للانتقادات بعد عرض كليبها «أسعد واحدة»، إذ اتهم مخرجه سليم الترك بسرقة فكرة الكليب من إعلان أجنبي.

بدورها لم تكن مادلين مطر بعيدة عن هذه المشكلة خلال مسيرتها الفنية، فلدى عرض كليب {أما عجايب} منذ سنوات بتوقيع المخرج فادي حداد، قامت الدنيا ولم تقعد عليهما، بعدما تأكد أن الكليب نسخة مطابقة لكليب فرقة غناء روسية من إخراج مخرج روسي. كذلك وقعت نجوى كرم في فخ التقليد، خلال مسيرتها الفنية، تحديداً في مشهد الفستان الذي يتقاطر ماء في كليب {لو بس تعرف} إخراج وليد ناصيف، وفي مشهد آخر يظهر كرم واقفةً على شرفة عالية فيما ينتظرها حبيبها جالساً خلف مقود سيّارته، فتُسدِل وشاحَها البنفسجي الطويل من على الشرفة، لتنزلق وتصل إلى سيّارة حبيبها. هذان المشهدان يجتمعان في إعلان أحد أنواع الصابون.

أيضاً، كليب {مفيش مرة} لشيرين مستنسخ عن عمل للمغنية الفرنسية ليزيل، وكليب محمد عطية {أوليه} مأخوذ عن كليب لمغنٍّ إسباني، و{حصل خير} لساندي عن عمل أجنبي، و{تاعبه كل الناس} لتامر حسني عن أغنية مايكل جاكسون the way you make me feel

في هذا السياق يقول المخرج وليد ناصيف: «صحيح ألا جديد تحت الشمس، إنما ما يميّز عملا عن آخر هو بلورة المخرج لما يراه، ووضع رؤيته الإخراجية لتجسيد الفكرة في المكان المناسب والشخص المناسب والإطار المناسب».

يضيف: «أخطأت عندما استندت إلى فكرة معينة كمعيار لتقديم فكرة جديدة، بينما أراد الفنان أن ننطلق من الفكرة الأساسية ونستند اليها، وهذا خطأ لن يتكرر أبداً. نسخ الافكار خطأ ولا شيء يبقى مخفياً ما دام الإنترنت يفضح الأمور بنقرة زر».

نسخ

«ينسخ مخرجون كثر أعمالاً أجنبية بحذافيرها وينسبونها إلى أنفسهم من دون حياء أو خجل ويبررها البعض بتوارد الأفكار» تؤكد المخرجة ميرنا خياط، موضحة حول اتهامها بالتكرار أحياناً: «أتقبل النقد البنّاء، إنما يزعجني الصحافي الذي يجهل أصول اللعبة الإخراجية ويفتقد إلى الثقافة، مع ذلك يتجرأ ويوزع اتهامات ساذجة من دون تقديم إثباتات تؤكّد صحّة كلامه، مثلاً انتقدني أحد الصحافيين في إحدى المرات بأنني استخدمت أريكة حمراء في أحد الأعمال سبق أن استخدمتها منذ سنوات ثماني، فأضحكني هذا المستوى المتدني. ليثبت لي من يتهمني بالتكرار بالوثائق والدلائل في أي عمل كررت نفسي».

أما المخرجة إنجي الجمال فلا ترى عيباً في أن يعكس المخرج في أعماله صورة أعجبته في إعلان أو فيلم وتقول: {يتأثر كل إنسان بما يحيط به في مجتمعه وما يراه في إعلان أو فيلم، فكيف بالأحرى المخرج الذي يتابع كل ما يدور حوله ليستوحي أفكاره؟ وهذا ليس بعيب لأن الكليب يهدف إلى ترفيه الجمهور، ولكن المعيب أن يكون عمله، مجرد استنساخ دائم لأعمال سواه، بدلا من أن يستوحي من لوحة معينة فكرة مغايرة ليقدمها في قالب آخر}.

تضيف: {أعتبر أنني أثبت نفسي وأصبحت في مرحلة يصفني فيها الناس بالمبدعة، لذلك أشعر بأنني أتحمل مسؤولية هذه الصفة وأعمل انطلاقاً منها}.

بدورها ترى المخرجة اللبنانية رندلى قديح أن من يتابع ما يُنشر، بشكل دائم، عبر مواقع الإنترنت، قادر على فضح أي كليب أو إعلان مستنسخ من أعمال أجنبية، لذا لم يعد المخرج الذي يستنسخ أعمال الآخرين يستطيع الكذب على الجمهور وإخفاء مصادره، مشيرة إلى أن التأثر بفكرة معينة أمر طبيعي {لكن أين هي بصمة المخرج في حال استنسخ العمل كما هو؟}

فنان أو فنانة...

تشير المخرجة أنجي الجمال إلى أن للفنانة، إجمالا، أولويات أكثر من الفنان، لأنها تعتمد على الإطلالة والأداء أكثر من خامة الصوت، بينما يعتمد الفنان على قوة صوته ويسعى إلى اثبات نفسه من خلاله، لذلك يسلط المخرج الضوء على أولويات الفنانة كونها تشكل، مجتمعة، مفتاح نجاحها لذا يتعب في التعامل معها أكثر من التعامل مع الفنان.

بدورها توضح المخرجة ميرنا خياط أن التعامل مع الفنانة يتطلب، بطبيعة الحال، تحضيرات أكثر، إنما ما يعنيها هو مشاركة الفنان أفكاره والتعرف إليه والغوص في أعماقه ليأتي الكليب صورة واقعية وصادقة عنه، «لذلك أرفض إخراج كليب لمغنٍّ لا أعرفه لأنني أهتم بشخصية الفنان وتصرفاته في حياته اليومية لا بالشكل والشعر والماكياج». وعما إذا كانت ترفض إخراج كليب لفنان أو فنانة معينة تضيف: «نعم، يعود ذلك إلى أسباب كثيرة، فأتهرّب بطريقة لائقة ومبطّنة. لا أحبّ الحروب والردود المضادة عبر وسائل الإعلام».