إستيفان روستي: الكوميديان ابن المصادفة
المصادفة التي جمعت بين بارون نمساوي وبين سيدة إيطالية خلال زيارتهما إلى القاهرة عام 1891، كانت سبباً في قدوم الفنان إستيفان روستي، فرغم أن والده غادر سريعاً إلى النمسا قبل أن تنجبه والدته لضغوط عائلته عليه لينشأ الابن في كنف والدته في حي شبرا في مصر، بينما يظل الأب يرسل إلى زوجته وابنه إعانة مالية شهرية لمساعدتهما على العيش في القاهرة.درس إستيفان دي روستي في المدرسة الخديوية، لكنه سرعان ما هوى التمثيل بعد تعرفه إلى راقصة باليه في مسرح تياترو عباس، فنشأت قصة حب بينهما لم تكتمل، لكنها كانت سبباً في سفره إلى أوروبا، حيث التحق للعمل فيها كـ{ريجسير} والتقى والده هناك للمرة الأولى، لكن اللقاء لم يكن جيداً، فطرده والده بعدما علم أنه يعمل كفنان، بينما واصل رحلته الأوروبية وساعده إتقان الفرنسية في التمثيل بأدوار صغيرة في أوروبا.
بدأت علاقة استيفان روستي بالتمثيل في مصر عام 1917 عندما تعرف إلى الفنان عزيز عيد، الذي أسند إليه أول أدواره في مسرحية {خلي بالك من إيميلي}، حيث قدم شخصية أمير روسي، بينما تنقل بين أكثر من فرقة فنية آنذاك من بينها فرق نجيب الريحاني وعزيز عيد، ثم يوسف وهبي، وكان يسافر إلى أوروبا بين الحين والآخر، وهو ما أتاح له فرصة التعرف إلى الفنون المختلفة في تلك الفترة بل إنه شارك في فيلم فرنسي خلال تلك الفترة.عمل استيفان روستي خلال تواجده في أوروبا في مهن عدة لتوفير قوت يومه، فعمل مهرجاً لأبناء الطبقة الارستقراطية ومترجماً لفترة قبل أن يعمل كعامل في ميناء نابولي، والذي كان وجهة الراغبين في السفر إلى الأميركتين الشمالية والجنوبية، واستمر على هذه الحالة حتى التقى يوسف وهبي وعزيز عيد في باريس أواخر عام 1922، وعرضا عليه العودة لأجل المشاركة في تكوين فرقة رمسيس، وهي الدعوة التي لاقت استجابة من الكوميديان الشاب في تلك الفترة، حيث بذل مجهوداً كبيراً في تأسيس الفرقة التي تركها بعد خمس سنوات ليعود إلى فرقة نجيب الريحاني، والتي ظل فيها 26 عاماً تقريبا، ثم رحل منها إلى فرقة إسماعيل ياسين عام 1954 عند تأسيسها، وبقي فيها حتى وفاته عام 1964. دخل استيفان روستي السينما عام 1927 عندما رشحته الفنانة عزيزة أمير لبطولة فيلم {ليلى} بعد خلاف بينها وبين بطل الفيلم وداد عرفي، الذي لم تجد سواه في خبرة صديقها في فرقة رمسيس لتمثيل دور المنقذ واستكمال الفيلم، خصوصاً مع وجود تشابه بينهما.تميز إستيفان روستي بتقديم أدوار الشر، لكنه كان أكثر ميلاً إلى تقديم أفلام كوميدية مثل: {صاحب السعادة كشكش بيه، المعلم بحبح، عنتر أفندي}، وغيرها من أعمال، بينما تميز عدد من أدوار الشر التي قدمها بلمسة كوميدية، أبرزها: {القلب له أحكام، سيدة القصر، أحبك يا حسن}.تزوج إستيفان روستي عام 1936 من سيدة إيطالية تعرف إليها في النادي الإيطالي، ورزق من زوجته بطفلين، لكن لم يعيشا طويلاً، فالأول مات بعد ساعات من ولادته، والثاني توفي بعد ثلاثة أعوام، بينما كان محافظاً على علاقته بزوجته حتى وفاته، وتحمل معاناتها مع المرض النفسي نتيجة الصدمة التي تعرضت لها بوفاة طفليها.توفي الكوميديان إثر أزمة قلبية في 11 مايو 1964، حيث كان يصور مشاهده الأخيرة في فيلم «حكاية نص الليل» مع نجوى فؤاد والمخرج عيسى كرامة، بينما تعرضت سيارته للسرقة بعد رحيله وسافرت أرملته إلى عائلتها في إيطاليا لعلاجها.