وصل قرض الاسكان اليوم بعد الموافقة على زيادة الدعم الحكومي على مواد الانشاء بمبلغ 30 الف دينار الى 100 الف دينار.

Ad

واعتبر خبراء ومختصون في الشأن العقاري هذه الخطوة ايجابية في طريق مساعدة المواطنين على تأمين سكن العمر، خصوصا اولئك الذين حان دور حصولهم عل قسيمة سجلوا عليها قبل عقد ونصف في الرعاية السكنية او ما يزيد.

لكن في المقابل وصف آخرون الخطوة بانها اجراء اسعافي مؤقت لا يحل المشكلة المزمنة، التي يأتي في ابرز اسباب استشرائها شح الاراضي التي اضحت اسعارها  تناطح السحب تاركة حلم الحصول على بيت العمر يغادر ليالي المواطنين الى غير رجعة.

واكد بعض متابعي الشأن العقاري المحلي ان خطوة زيادة الدعم الحكومي بمبلغ 30 الف دينار لمستحقي القرض الاسكاني بأنها ستشعل اسعار المواد الانشائية، لانهم يرون ان التاجر سيسعى جاهدا الى امتصاص هذه السيولة العملاقة المتدفقة من الحكومة في السوق المحلي والتي قد تتجاوز الـ3.15 مليارات دينار بحسب حجم الطلبات المتوفر الآن والبالغ 105 آلاف طلب حتى اليوم.

واكدوا ان اسعار العقارات سوف تشهد ارتفاعات مسعورة في خطوات تذكرهم في الماضي القريب بالمواد الغذائية التي التهبت اسعارها في وقت توزيع المنحة الغذائية السنوية ومنحة سمو امير البلاد المشهورة للمواطنين فيما يرون انها ستنخفض فيما لو انجزت الخطوات الأخرى المتمثلة في توزيع الاراضي تزامنا مع هذه الزيادة مباشرة.

وشدد كثيرون على ان مشكلة السكن للمواطن الكويتي لن تحل بمثل هذه الاجراءات ولا بانشاء تجمعات سكنية وفق نماذج متعددة تثقل تكاليفها كاهل ميزانية الدولة التي لو تم تخصيصها كاملة لحل المشكلة الاسكانية وفق هذه الخطوات غير الموفقة النتائج لن تكفي لاسيما مع ازدياد معدل النمو السكاني وازدياد الحاجة الى السكن بمعدل يتراوح بين 8 و10 آلاف طلب سنويا.

ولفتوا الى ان وصول عدد الطلبات الاسكانية الى نحو 105 آلاف طلب نذير شؤم في ظل عدم التقدم ولو خطوة واحدة على طريق تقليص العدد بتوفير القسائم للمواطنين.

واشار البعض الى ان الثقافة الاسكانية لدى المواطن الكويتي يجب ان تتغير فيما يصب في مصلحته ومصلحة الوطن في آن معا لاسيما ان دول العالم غيرت ثقافاتها من السكن الافقي الى العمودي بما يضع حدا للمعاناة التي تتمثل في شح الاراضي وعدم استعداد الحكومة لطرح المزيد منها تحت حجج كثيرة وصفها البعض بالواهية.

وقالوا ان الحاجة ماسة الى ان تقف الدولة بعيدة عن تقديم كل شيء جاهز للمواطن خاصة السكن الذي يثقل الميزانية في ظل قيام المواطن نفسه في تحميل ذاته اعباء هو اصلا بغنى عنها حين يفكر ببناء فيلا او بيت من طابقين ونصف الطابق مع سرداب وغيرها من المواصفات، وفيما يلي التفاصيل:

النفيسي: ميزة مضافة

اعتبر رئيس مجلس ادارة شركة الصالحية العقارية غازي النفيسي الزيادة التي تم اقرارها مؤخرا على دعم المواد الانشائية للمواطنين المستحقين لقرض الاسكان بأنها ميزة تضاف الى الدعم وليست دعما بمبلغ مالي يعطى كإضافة الى الـ70 الف دينار الممنوحة كقرض اسكاني.

وقال النفيسي ان هذا الدعم هو قيمة تضاف الى ما يحصل عليه المواطن من مزايا ليس إلا، واصفا الامر بالجيد غير ان المشكلة السكنية للمواطنين لم ولن تحل بمثل هذه الخطوات وحدها.

واكد ان مثل هذا الخطوة لا تعدو كونها تشجيعا للمواطن المتقدم بطلب الاسكان والمستحق لقرض الاسكان ان يبادر الى انشاء بيت العمر مع الاخذ بالاعتبار ان هذا المواطن ينظر الى القرض على انه حل جزئي لمشكلته مع توفير قسيمة الارض من المؤسسة العامة للرعاية السكنية والتي هي اصل التكلفة الاجمالية للبيت واكبرها.

ولفت الى ان هذا الاجراء بحد ذاته رغم كونه ايجابيا الا انه سينعكس على سوق مواد البناء بالارتفاع كالمعتاد لان المواد الانشائية ستجد عليها طلبا من نوع متميز وهذا بحد ذاته وفق مبدأ العرض والطلب يسهم في رفع الاسعار.

واشار الى ان السوق العقاري وخصوصا السكني قد يشهد نوعا من النشاط ولكن هذا النشاط ظل محصورا ضمن نطاق السكن الخاص وبشكل دقيق ضمن نطاق السكن القائم على ما تمنحه «الرعاية السكنية» من قسائم لمستحقيها.

الفرحان: تغيير ثقافة السكن

من جانبه، قال نائب رئيس مجلس الادارة العضو المنتدب لشركة انجازات للتنمية العقارية محمد الفرحان إن ثقافة الشعوب تغيرت في النظر الى السكن على انه فيلا وسرداب ودوران او اكثر الى السكن العمودي وهذا ما يجب ان يتم تغييره في المجتمع الكويتي.

ولفت الفرحان الى ان ثقافة المجتمع الكويتي ان تغيرت من السكن الافقي الى العمودي فستحل مشكلة لطالما عانى منها السوق العقاري والمتمثلة في شح الاراضي السكنية.

وذكر ان تكفل الدولة بكل متطلبات سكن المواطنين وتأمينه لهم على ما هو عليه اليوم انما هو اعباء تضاف على الميزانية العامة للحكومة التي سترهقها مع مرور الوقت.

وبين ان هناك ما لا يقل عن 105 آلاف طلب سكني وقد كانت قبل الحين اقل من هذا ولكن مع عدم وجود خطوات رسمية جادة في حل المشكلة الاسكانية تفاقمت الازمة حتى وصلت الى ما هي عليه اليوم، وستصل الى اكبر من هذا الرقم ان استمر التأني الحكومي في اخذ المشكلة السكنية على محمل الجد.

وقال ان هذا الامر هو كرة الثلج بعينها التي بدأت تكبر وكل اعبائها واثقالها تلقيها على الميزانية العامة دون اللجوء الى طرق اكثر جدوى من تكفل الدولة بحل المشكلة الى طرق طرح الاراضي امام شركات التطوير العقاري وفتح ابواب التمويل امام الشركات العاملة في السوق المحلي للمشاركة في تسريع خطى الحل للمشكلة الاسكانية وليس وفق هذه الخطوة التي تتمثل تارة بتغيير القوانين وتارة بسنّ اخرى وتارة ثالثة بزيادة الدعم مثلما هو الحال اليوم.

من جانب آخر، اكد الفرحان ان حلول المشكلة الاسكانية في الكويت يجب ان تنطلق من مبدأين، زيادة طرح الاراضي الخاصة للسكن، ثم التفكير في البناء العمودي.

وبين ان عدد الطلبات التي تطالعنا بها المؤسسات الرسمية بين الحين والآخر مع ما يترتب على تلك الطلبات من تكاليف بناء وكهرباء وماء وغيرها من الخدمات المرافقة للانشاء سواء كانت بنية تحتية او غيرها انما هي تكلفة ومبالغ طائلة تحتاج الى اراض طائلة وتكلفة لانجاز البنية التحتية لن تكون بسيطة.

ويرى الفرحان ان كل دول العالم تعتمد ثقافة البناء العمودي لمواطنيها الا في الكويت، مؤكدا ان توجه دول العالم لتأمين السكن لمواطنيها وفق النموذج العمومي للبناء ساهم في تحقيق مصالح جمة ومنافع كثيرة ابرزها خفض التكلفة الانشائية لان من المعروف ان البنية التحتية للبناء الجديد تأخذ الحصة الكبرى من التكلفة اذا استثنينا قيمة الارض من البناء نفسه.

وقال ان من المنافع ايضا تأمين سكن مستعجل وسريع للمواطنين على اختلاف دخولهم وفق نماذج شتى ترى الجهات المعنية انها تناسب مواطنيها.

وذكر الفرحان ان عدد الطلبات في «الرعاية الاسكانية» كان قبل هذا الوقت يتراوح بين 60 و70 الف طلب اما اليوم فقد تجاوز الـ105 آلاف وهذا يعني ان المشكلة في تفاقم وان كل الحلول التي صاغتها الجهات المعنية في هذا الامر لم تجدِ نفعا بل زادت الطين بلة.

واشار الى ان هذا لا يمنع المواطن المقتدر من بناء بيت افقي دورين اوثلاثة، لكن ان تتكفل الدولة بانشاء بيت لكل مواطن وفق مواصفات بهذه الضخامة للجميع فهذا امر ثقيل حمله اذا بقيت الميزانية هي التي تتكفل بانجازه او تحمله لوحدها.

واوضح ان الزيادة التي تم اقرارها على الدعم المقدم للمواد الانشائية التي تصرفها الحكومة للمواطنين المستحقين لها مع القرض الاسكاني المعروف هي خطوة ايجابية لكن هذه الخطوة ستنعكس على سوق المواد الانشائية بالارتفاع بلا شك.

الثاقب: الحل بتوفير الأرض

وبدوره، اكد رئيس مجلس ادارة بنك وربة عماد الثاقب ان تقديم الدعم المقدر بـ30 الف دينار على المواد الانشائية لن يحل المشكلة الاسكانية وهو ليس خطوة على طريق الحل، لان المشكلة تجب قراءتها من جميع جوانبها وابرزها معضلة توفير الارض.

وقال الثاقب ان الحل بالنسبة للمشكلة الاسكانية التي يعانيها المواطن الكويتي لا تتمثل في زيادة الدعم، وإلا كانت المشكلة حلت منذ بدايتها ولم تصل الى هذا الحد من الارقام المهولة التي وصلت اليها طلبات الاسكان والتي يقال انها تجاوزت الـ105 آلاف طلب.

وبين ان هناك ارتفاعات في الايجارات في المناطق الداخلية وصلت في بعض المواقع الى نحو 1000 دينار كويتي للدور الواحد، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على ان الطلب في تزايد مستمر والحاجة ايضا تزداد للسكن الخاص، ما يدفع الى القول ان العرض صار شحيحا.

وبين ان الايجارات في مناطق جنوب السرة لا تقل عن 750 دينارا للدور، مبينا ان المشكلة لم تعد محصورة في اثمان مواد البناء او ما يسمى المواد الانشائية بل في ايجاد بدائل سواء كانت بتوزيع الارض او بطرق اخرى مع فتح المجال امام شركات التطوير العقاري لتسهم في توفير الحلول والحلول البديلة، وامام البنوك لتمد يدها لتقديم العون والمساعدة من خلال ما تقدمه من خدمات تمويلية للراغبين والمحتاجين.

واكد الثاقب ضرورة ايجاد قانون لاتحاد ملاك العقار الاستثماري الذي بات غيابه يخلق مشكلات، القطاع العقاري والمواطنون بغنى عن الدخول فيها.

واكد ان غياب مثل هذا القانون اوجد مشكلات سواء من ناحية الصيانة او من ناحية امور اخرى باتت تنفر الناس من اللجوء الى هذا النوع من العقار بدلا من المطالبات الحثيثة في ايجاد البديل عنها.

ولفت الى ان الوثائق المتوفرة اليوم لا تخوِّل اتحاد الملاك ممارسة دور فرض والزام المساهمة في اعمال الصيانة او غيرها من الامور المشابهة التي تغري لاستغلال تلك العقارات في ايجاد حل جزئي ومؤقت لحاجة الناس للسكن.

كما يرى ان هناك ابهاما حتى الآن بالنسبة للزيادة في الدعم واوجه الاستفادة منها، وكيف سيكون حال من يحصل على قرض سكني بقصد شراء دور او عقار جاهز، وكيف سيتم التعامل مع من يريد التوسعة والترميم، وكيفية التعامل مع من يريد شقة كبيرة كبيت عمر له ولعائلته وغيرها من الامور.

على صعيد ذي صلة اشار الثاقب الى ان هذا الخطوة في اتجاه الدعم الحكومي على المواد الانشائية بزيادته بمقدار 30 الف دينار كويتي لن تصب في مصلحة المواطن الا مؤقتا والتاجر كذلك سيتحفز للاستفادة منها،فيما سيستفيق الجميع على تضخم بالاسعار ستكون الزيادة احد اسبابه.

العيسى: تجربة فاشلة

وعلى صعيد متصل، اكد الرئيس التنفيذي لشركة عقارات الكويت عماد العيسى ان التجربة التي مرَّ بها المواطن الكويتي في المنحة على المواد الغذائية هي ذاتها تجربة الـ30 الف دينار التي أقرت اضافتها مؤخرا كدعم على المواد الانشائية.

ولفت العيسى الى ان المستفيد الاول من هذه الخطوة هو التاجر وليس المواطن لان المواد الانشائية سوف تشهد ارتفاعات في الاسعار وكأن المواطن لم يحصل على الزيادة، مبينا ان اسعار السكن الخاص بطبيعة الحال مرتفعة وكذلك ايجاراته.

وقال ان منع شركات القطاع الخاص من المساهمة بحل المشكلة الاسكانية ابقى المشكلة تحت وطأة الحاجة الماسة وفاقم حاجة الناس، وفاقم المشكلة ذاتها حتى غدت صعبة ان لم تكن مستحيلة الحل.

واوضح العيسى ان منع البنوك ايضا من فتح ابواب التمويل في قطاع العقارات السكنية الخاصة، قتل احلام المواطن في الحصول على بيت العمر، فيما كان لديه بصيص من الامل في ان يحصل على بيت العمر رغم ارتفاع الاسعار.

ولفت الى ان المواطن كان يأمل في الحصول على بيت العمر عبر طرق كان ابرزها اللجوء الى الحصول على تمويل من احد البنوك سواء كانت تقليدية او اسلامية، ثم  يبدأ مشوار البناء بثقة مبنية على ان التمويل متوفر.

واشار الى ان امل المواطن اليوم في الحصول على بيت العمر بات بعيد المنال، ذلك ان اسعار عقارات السكن الخاص ناطحت السحب، بينما ظل القرض كما هو، فيما جاءت الزيادة لتنفع قطاعا آخر غير المواطن بالنسبة لزيادة الدعم على المواد الانشائية بمبلغ 30 الف دينار.

وتساءل العيسى بالقول: «هل هناك مواطن يستطيع الحصول على بيت العمر بمبلغ 70 الف دينار يضاف اليها 30 الف دينار دعماً على مواد البناء؟».

ويضيف: «بالطبع لن يقوى المواطن على الحصول على بيت العمر الا بامرين، فتح باب التمويل، ثم منحه الارض التي توفر عليه ما يعادل نصف قيمة البناء ان لم نقل ثلثيه».

واكد ان اغلاق باب التمويل وتحجيم دور القطاع الخاص في المشاركة في حل المشكلة الاسكانية سيفاقم المشكلة التي كان حجم الطلبات فيها قبل فترة 70 الف طلب اسكاني اضحى اليوم يتجاوز الـ105 آلاف طلب.

وقال العيسى انه في مثل هذه الخطوة مع بقاء ابواب التمويل والتطوير العقاري مغلقة امام شركات القطاع الخاص العاملة في السوق المحلي: «لا طبنا ولا غدا الشر».

جوهر: ستزيد الوضع سوءاً

ومن جهته، قال نائب رئيس مجلس ادارة شركة الاستثمارات الصناعية حسين جوهر ان زيادة دعم المواد الانشائية سيزيد المشكلة سوءا.

وبين جوهر ان هذا لا يمثل حلا للمشكلة الاسكانية، لان المنفعة لن تكون في صالح المواطن الذي هو في حقيقة الامر بحاجة الى بيت وليس الى زيادة دعم المواد الانشائية.

واكد ان هناك عدم مبالاة بالمشكلة الاسكانية من قبل الجهات المعنية،بل هناك عدم جدية في ايجاد الحلول الناجعة لهذه المشكلة التي اضحى حلم الشباب ان يجد لها حلا.

وقال ان المتنفذين لا يرغبون في ايجاد مثل هذه الحلول الجذرية للمشكلة، ولهذا نراهم تارة يخرجون علينا بمثل هذا الحل اي الزيادة ثم تارة اخرى بقوانين تسن لحل المشكلة ويكتشف بعد حين انها فاقمت المشكلة.

واكد جوهر ان الحل لن يكون الا بإشراك القطاع الخاص لايجاد حل جذري للمشكلة الاسكانية في الكويت.

واكد ان هذا الامر يدفعنا الى القول ان هذه الخطوة «لا تسمن ولا تغني من جوع» في مسيرة البحث عن الحلول الجذرية للمشكلة الاسكانية.