هذا مقال قد يعتبره البعض محفوفاً بالمخاطر، ويجب الحذر في كل عبارة وكلمة، بل في كل حرف وفاصلة عملاً بقوله تعالى: "فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى". طه (44).
يقول علماء اللغة إن الحديث من الأعلى للأدنى أمر، ومن الأصغر للأكبر رجاء ودعاء، وبين الزملاء طلب وسؤال، وباعتبار الواقع فأنا مواطن مصري بسيط أخاطب قائد الانقلاب، فيجب أن يأتي الحديث في صورة تذلل ودعاء، ولكن لأنني لا أرجو إلا الله ولا أتذلل إلا إليه كان من الضروري البحث عن حل لهذه الإشكالية ووجدته في اللجوء إلى من هو أعلى، فإن كان قوياً فهناك الأقوى، وإن كان عظيماً فهناك الأعظم، وإن كان كبيراً فالله أكبر.يقول تعالى "وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ". البقرة (281). والمعنى يجب على الإنسان أن يخشى ويخاف ويعمل حساب يوم الرجوع إلى الله بالابتعاد عما نهى عنه من خطايا وذنوب، والتقرب إليه بما أمر به من فعل الخيرات والحسنات قبل يوم تنتهي فيه الأعمال، ويبدأ الحساب وينتهي الامتحان وتظهر النتيجة؛ ولهذا اليوم صفات محددة فما هي؟" يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ". الشعراء (88-89) فلن ينفع المال ولا ما نتج عنه، وإن كان دبابات ومدرعات وعتاداً لا حصر له وجيشاً لا أول له ولا آخر. لن ينفع كل هذا فسيقف الإنسان أمام الله وحيداً بلا غطاء يستره ولا درع يحميه إلا عمله وفعله، فاحرص أن يكون عملك خيراً وفعلك طيباً، فهذا ما ستجده يوم القارعة: "القارعة *ما القارعة* وما أدراك ما القارعة". القارعة (1-3) وهو ذات اليوم الذي وصفه رب العالمين ") يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا...". آل عمران (30)، واعلم أنك لن تستطيع الاعتماد على شخص أو جماعة، فلن يقف معك أحد، ولن يدافع عنك قاض أو رئيس قضاة، فأنت بين يدي قاضي السماء القاضي العدل السميع البصير "... وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ". يونس (61). فحال الجميع كحالك كل مشغول بنفسه "يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ". عبس (34-36). ولن يمسك كتابك مفت سابق ولا حالي، ولكن ستتلقاه أنت إما بيمينك أو بيسارك، ولن يشد عضدك شيخ للأزهر أو بابا للكنيسة، ولن تفيدك تقارير مخابراتية ولا شهادات أميركية ولا ادعاءات وهمية بأعداد تخيلية، فكل ذلك لا قيمة له في هذا اليوم الموعود "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ* وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ". البروج (1-2). وأي قول مردود عليك، فممثلو الادعاء من ذاتك "حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ". فصلت (20).هذه رسالتي –عفواً- رسالة العلي القدير الحكيم الخبير إليك، وإلى كل من يتناسى ذلك اليوم، ولك الحرية أن تتخذ ما تراه وتفعل ما تشاء "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرا وَإِمَّا كَفُورا". الانسان (3).اعذرني إن كنت قد أطلت عليك فالقضية تستحق والأمل لدي كبير في الاستجابة، فقد قال رسولنا الكريم "الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم الدين".وختاماً "سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". الصافات (180-182).وإلى مقال آخر إن كان للحرية متسع.
مقالات
رسالة إلى... قائد الانقلاب
06-12-2013