استغل النظام السوري انشغال كتائب المعارضة الإسلامية بالاقتتال، وقَرَع طبول «المعركة الكبرى» في حلب، التي أحكم حصاره عليها من جميع الجهات استعداداً لاقتحامها، في خطوة اعتبرها ائتلاف المعارضة لحظة فاصلة في مسار الثورة، متهماً المجتمع الدولي وأصدقاء سورية بالتخاذل في تقديم الدعم العملي.

Ad

بعد أيام من انتزاع تنظيم «الدولة الإسلامية» محافظة دير الزور في شرق سورية من كتائب المعارضة، أعلن الائتلاف الوطني السوري أن مدينة حلب باتت مطوقة كلها، مشيراً إلى استعدادات قوات نظام الرئيس بشار الأسد لاقتحامها، ومحذّراً من أن وضع المعارضة المسلحة في المدينة حرج.

وقال الناطق الرسمي باسم ائتلاف المعارضة لؤي صافي، في تصريح نشر أمس الأول على الموقع الإلكتروني للائتلاف إن «ثمة تكاملا واضحا بين جيش الأسد وحليفه داعش اللذين يسعيان في توقيت زمني واحد للسيطرة على المناطق المحررة دون حدوث أدنى اشتباك بين الطرفين».

وأضاف الصافي أن «الوضع العسكري حرج للغاية، وتطويق حلب أصبح واقعاً»، عازياً تراجع مقاتلي المعارضة في عدد من المناطق السورية إلى «عدم جدية المجتمع الدولي ومنظومة أصدقاء سورية والتخاذل في دعم الثورة على الصعيد العملي».

وإذ شدد المتحدث على «استعدادات قوات النظام لاقتحام حلب»، أشار إلى أن «الولايات المتحدة حتى الآن، مازالت تمنع وصول الأسلحة المتطورة للجيش الحر من أجل التصدي لإرهاب الأسد والتنظيمات المتطرفة التي شرعت بالتنسيق معه تتمدد داخل المدن المتمردة على استبداد النظام».

حمل السلاح

ووجه المكتب الاعلامي التابع للمعارضة نداءً، على صفحته على «فيسبوك»، دعا فيه «كل قادر على حمل السلاح وإلى كل شخص قابع في تركيا من أجل المال والعمل، الى كل شخص يحمل السلاح فقط كزينة، وإلى كل شخص يلقي المحاضرات واللوم والكلام الاستعداد للدفاع عن حلب».

وجاء فيه: «ها قد حان الوقت لتدافع عن دينك وأرضك وعرضك»، مشيرا الى ان «حلب تحاصر يوما بعد يوم»، وان «المعركة الكبرى الفاصلة في مسار ثورتنا الشريفة اقتربت».

وطالب البيان «المحاكم الشرعية والعلماء وكل الفصائل العسكرية بسحب السلاح من الذين لا يعملون به في الجبهات»، كما طالب «بالتجنيد الإجباري للشباب والدعوة في المساجد لإعلان جهاد الدفع».

تقدم وإنجاز

ويأتي هذا التحذير بعد التقدم الذي أحرزته القوات النظامية السورية خلال الأيام الماضية شرق حلب، إذ سيطرت على أجزاء واسعة من المدينة الصناعية، عند المدخل الشمالي الشرقي لحلب.

وذكرت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات أن الجيش السوري يقف «على عتبة تحقيق إنجاز آخر بتطهير مدرسة المشاة (شمال شرق حلب) التي تمهد له الطريق للتقدم نحو قرى وبلدات ريف حلب الشمالي، بوابة الدعم اللوجستي للمسلحين عبر تركيا».

كفر صغير

وفي آخر تطور، أعلن النظام أمس الأول السيطرة بشكل كامل على قرية كفر صغير شمال مدينة الشيخ نجار الصناعية في حلب، مشيرا إلى أن قواته تعمل حالياً على تفكيك العديد من الالغام والعبوات الناسفة التي زرعها مسلحو المعارضة.

وقال مصدر عسكري سوري لوكالة الانباء السورية الرسمية (سانا)، إن وحدات الجيش واصلت تمشيط مدينة الشيخ نجار الصناعية بعد احكام السيطرة عليها قبل يومين وفتح الطرقات فيها، لافتا إلى أنه عثر بها على كميات كبيرة من القذائف الصاروخية المتنوعة وحواضن صواريخ للطيران وأجهزة اتصال لاسلكية ومواد لصناعة المتفجرات.

طريق أساسي

ومن شأن سيطرة النظام الكاملة على المدينة الصناعية ومدرسة المشاة ومخيم حندرات المجاورين قطع طريق أساسي، وإن كان ليس الطريق الوحيد، على المعارضة الى ريف حلب الشمالي المحاذي لتركيا. بينما بات قسم من الريف الشرقي لحلب من مدينة الباب في اتجاه محافظتي الرقة ودير الزور بين ايدي «الدولة الاسلامية».

من الجهة الجنوبية الشرقية، يوجد النظام في مطاري حلب والنيرب وفي السفيرة وخناصر، كما يوجد في الاحياء الجنوبية لمدينة حلب. وبالتالي، لا منفذ لمقاتلي المعارضة الذين يوجدون ايضا بشكل محدود في بعض الاحياء الغربية للمدينة التي يمكن منها الولوج الى محافظة ادلب.

«النصرة» و«الدولة»

في غضون ذلك، هاجم مقاتلو «جبهة النصرة» الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في سورية أمس الأول مقر كتيبة إسلامية في قرية زيزون بالريف الغربي لدرعا، وصادر مقاتلوها أسلحتها واعتقلوا 4 مقاتلين من المقر دون معلومات عن سبب الهجوم.

إلى ذلك، علم المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه، بعد سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على كل حقول النفط باستثناء آبار حقل الورد النفطي بريف دير الزور، والتي تعمل بئر واحدة فيها بطاقة إنتاجية تصل إلى 200 برميل يومياً، فإنه يبيع النفط الخام للتجار بسعر 2000 ليرة سورية للبرميل (12 دولاراً) ويشترط على تجار النفط بيعه بسعر 3000 ليرة في محاولة لكسب التأييد الشعبي في مناطق نفوذه.

وأكدت مصادر للمرصد أن التنظيم سيوزع اسطوانات الغاز في مناطق سيطرته الممتدة من مدينة البوكمال الاستراتيجية، والواقعة على الحدود السورية- العراقية، إلى أطراف مدينة حلب الشمالية الشرقية، ومن الحدود السورية- التركية شمالاً باستثناء المدن الكردية.

انتخابات «الائتلاف»

الى ذلك، واصل الائتلاف السوري المعارض اجتماعاته في اسطنبول لانتخاب هيئة رئاسية جديدة، وسط خلافات بشأن هوية الرئيس الجديد للائتلاف الذي سيخلف أحمد الجربا. وأفادت مصادر معارضة أن هادي البحرة هو الأوفر حظا لتولي هذا المنصب.

(دمشق، إسطنبول - أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا)