«القواتيون» يؤيدون قرار جعجع عدم المشاركة في «الحكومة الجامعة» ويتخوفون من الاستفراد
يتنازع الرأي العام اللبناني المؤيد لحزب «القوات اللبنانية» شعوران: الأول، ارتياح للموقف المبدئي لرئيس الحزب سمير جعجع برفض الانضمام الى «الحكومة الجامعة» ما لم يسبق تشكيلها اتفاق على تضمين بيانها الوزاري «إعلان بعبدا» من دون أي تعديلات تفرغه من مضمونه، وعلى رفض إدراج ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» في البيان، والثاني، خشية من استفراد القوات سياسياً وأمنياً على نحو يجعلها معزولة عن اللعبة السياسية في لبنان.ويرى الفريق الأول أن القوات محقة في موقفها، خصوصاً أن المرحلة التي يجتازها لبنان اليوم شبيهة بتلك التي تلت اتفاق الطائف عندما عمد النظام السوري الذي كان يمسك بمفاصل الوضع اللبناني الى تفريغ الاتفاق من مضمونه وتحوير أسسه ومضامينه السيادية والاستقلالية التي تسمح للدولة اللبنانية باستعادة سلطتها كاملة على أراضيها.
ويعتبر هؤلاء أن القوات التي رفضت يومها المشاركة في حكومة سميت «حكومة وفاق وطني» على قواعد وأسس مناقضة لمبادئ الوفاق الوطني الذي تم التوصل اليه في الطائف، والتي رفض قائدها المساهمة في تحوير مضمون الاتفاق وتشويهه مفضلا السجن 11 سنة على أن يكون «شاهد زور» على ذلك «الانقلاب»، لا يمكن أن تسير اليوم في حكومة سبق أن رفضت مثيلا لها قبل أكثر من 20 عاما.أما الفريق الثاني، فيخشى أن يؤدي تمسك القوات بمبدئها الى تكرار «عزلتها» السياسية والى استفرادها رئيسا وحزبا ومناصرين على نحو يرفع عنها الغطاء الوطني ويجعلها مستهدفة سياسيا وقانونيا ومكشوفة أمنيا في ظل مسلسل التفجيرات والاغتيالات الذي يجتاح لبنان منذ أشهر. وإزاء هاتين المقاربتين يشير مصدر قيادي بارز في القوات الى أن الأخيرة التي تعي تماما المخاطر التي يمكن ان تتهددها نتيجة لمواقفها، لا يمكن أن ترضخ للضغوط وتستسلم للأمر الواقع، فهي كـ»مقاومة» تعتمد النهج السياسي في هذه المرحلة من المواجهة مستعدة لدفع الأثمان التي مهما كبرت لن تصل الى حد الأثمان التي سبق أن دفعتها يوم كانت «مقاومة عسكرية».كما لا يمكن أن تصل الى حد الثمن المتمثل بسجن قائدها، وملاحقة كوادرها ومناصريها على مدى أكثر من أحد عشر عاماً بين عامي 1994 و2005.ويقول المصدر ان القوات تعرف أن عدم المشاركة في الحكومة لا يعني تضحية بمواقع في السلطة فحسب بل تضحيات شخصية وجماعية ايضا يبقى ثمنها أقل بقليل من ثمن الاستسلام لسلاح حزب الله والقبول بالأمر الواقع الذي يفرضه على السياسات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والخارجية للدولة. وهي على الرغم من ذلك مستعدة لتحمل المسؤولية والمضي قدما في الدفاع عن قناعاتها بالوسائل السياسية والإعلامية والسلمية كافة.ويطمئن المصدر المتخوفين من أن الظروف الحالية للمواجهة تختلف تماما عن ظروف عام 1994، لأن القوات على الرغم من موقفها المبدئي من الحكومة، ليست معزولة من منطلق التزام «قوى 14 آذار» مجتمعة بالأهداف التي رسمتها لنفسها والتي لا تختلف في شأنها مع القوات إلا لناحية الوسائل الوجوب اعتمادها لتحقيقها.ويرى المصدر أن بقية مكونات «14 آذار» لن تكون في وارد القبول باستهداف القوات سياسياً وأمنياً، خصوصاً أن القوات التي رفضت المشاركة في حوار شكلي لا يؤدي الى نتيجة، كانت أول الملتزمين بـ»إعلان بعبدا» عندما أقره الحوار الوطني على الرغم من عدم مشاركتها في الاجتماع الذي تم التوصل اليه. وهي ستكون من أول المرحبين بالحكومة الجديدة والداعمين لها في حال التزمت في بيانها الوزاري وسياساتها بهذا الإعلان، وأسقطت «الجيش والشعب والمقاومة»، وهي ستعتبر نفسها ممثلة في الحكومة بحلفائها في حال نجحوا في تحقيق أهداف «قوى 14 آذار»، لكنها بموقفها الرافض للمشاركة تشكل خط الدفاع الثاني عن مبادئ «14 آذار» في حال لم يتمكن الحلفاء من تمرير تطلعاتهم في البيان الوزاري.